الأقبية والملاجئ تحمي مدارس حلب من نيران الحرب
آخر تحديث GMT18:42:04
 عمان اليوم -

التدريس تحت الأرض والخروج فقط لالتقاط الأنفاس

الأقبية والملاجئ تحمي مدارس حلب من نيران الحرب

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - الأقبية والملاجئ تحمي مدارس حلب من نيران الحرب

مقاتلي المعارضة السورية في حلب
دمشق - جورج الشامي

فتحت المدارس أبوابها في الأحياء الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة السورية في حلب، إلا أن العام الدراسي بدأ في أقبية تحت الأرض لحماية الطلاب من قصف البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام يوميًا على شرق المدينة.
ينزل التلامذة الذين تتفاوت أعمارهم عبر سلالم ضيقة ومظلمة نحو القبو، تاركين آسفين ضوء النهار خلفهم .. في إحدى القاعات، يجلسون فتيات وفتيانًا في قاعة خالية إلا من مقاعد ونحو 15 طاولة.
على الطاولات، تبعثرت أقلام ودفاتر، بينما الأطفال ينشدون أغنية معًا بحماس، ثم يجلسون ويستمعون بانتباه إلى شرح مدرسهم الأستاذ عبدالله الذي يرفق كلامه بكتابات على لوح أخضر عُلق على عجل على أحد الجدران.
ينتهي اليوم الدراسي، ونلتقي الأستاذ عبد الله الذي يقول: "الأطفال يأخذون الدروس تحت الأرض في القبو بسبب القصف، المدرسة فوق مجهزة بشكل جيد، لكن كثافة القصف جعلتنا ننزل الأطفال إلى القبو"، ويضيف عبدالله: "الأمر صعب جدًا عليهم، يشعرون بالضغط، لذلك نحاول قدر الإمكان رفع معنوياتهم وإعطاءهم برامج ترفيهية حتى يعتادوا الوجود في القبو"، متمتمًا في ختام كلامه وشبح ابتسامة أمل خابية على وجهه: "إن شاء الله نعود قريبًا إلى فوق".
أما فوق، فوق الأرض، فالغارات تتواصل دون هوادة منذ كانون الأول/ ديسمبر، تقوم طائرات النظام السوري، بشكل يومي، بإلقاء براميل متفجرة على أحياء مختلفة من حلب يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، وهي الحملة التي نددت بها منظمات غير حكومية والأمم المتحدة لكونها لا تستهدف مواقع عسكرية، بل أماكن عشوائية، وتتسبب في مقتل الأبرياء.
و"البراميل المتفجرة" مصطلح دخل حديثًا إلى عالم العسكرية، وهو يصف خزانات وقود أو ماء أو عبوات غاز معبأة بمتفجرات ومواد معدنية، غير مزودة بأنظمة توجيه؛ ما يجعلها لا تستطيع تحديد أهدافها بدقة.
ويستغل الأطفال فترة من الهدوء ليصعدوا السلم ويأخذوا قسطًا من الراحة في ملعب المدرسة في الهواء الطلق، لكن الأمر لا يخلو من خطورة، ويمكن في البعيد سماع أصوات تحليق الطيران، أو أصوات انفجارات ورصاص ناتجة عن معارك على خطوط التماس.
في الملعب، أولاد يلعبون بالطابة، فتيات، بعضهن يغطين رؤوسهن وأخريات مكشوفات الشعر، يقفزن على الحبل، وصبيان يركضون.
ويقول جعفر، تلميذ الابتدائي، بينما يركض رفاقه من حوله "صعدنا لنلهو قليلاً ونفرح بعد أن كنا تحت الأرض، خرجنا نلعب ونغيّر جو، لأننا لا نستطيع أن نظل فترة طويلة تحت الأرض حيث تضيق أنفاسنا، لكننا خائفون من أن تأتي الطائرة وتقصفنا".
وحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فقد وثق سقوط نحو 3000 قتيل بين المدنيين في القصف الجوي على حلب منذ مطلع العام الجاري، بينهم نحو 800 دون الثامنة عشرة، و400 امرأة.
دمرت الحرب في حلب، التي اندلعت في صيف 2012 المدينة بشكل شبه كامل. ونزح منها آلاف السكان، ومنذ ذلك الحين ومواعيد فتح المدارس غير منتظمة.

في المدرستين اللتين زارهما مراسل وكالة فرانس برس، أطفال من أعمار مختلفة يوجدون في صف واحد، وتشرف على المدرستين مجموعة من الناشطين الجامعيين المعارضين بعد أن توقفت معظم المدارس الحكومية عن العمل، إما بسبب الدمار، وإما بسبب نزوح موظفيها، إذ تشكل الحرب عاملاً يمنع الاستقرار على كل الأصعدة.
تقول إحدى المعلمات في مدرسة ثانية مستحدثة بعد الحرب "اضطررنا إلى افتتاح منازل صالحة للسكن وتحويلها إلى مدارس، لكن الطالب يعاني، ليس هناك فسحة للنزهة، لا مساحة للعب، التدريس معرض للخطر، والمناطق معرضة للقصف".
وتضيف المعلمة: "الطالب نفسيته سيئة، وهو بحاجة لمراعاة دائمة"، مشيرة إلى أن العديد من الطلاب يتغيبون أحيانًا عن الدروس، متابعة "أحيانا يأتي طالب بعد غياب، لأن منزله يكون قد أصيب في القصف، أو يغيب أحدهم أسبوعا أو أسبوعين، ويقول لم أتمكن من المجيء، كنت في المنطقة الفلانية التي تعرضت للضرب، أو استشهد شقيقي"،
وتقول بحسرة "الأطفال والطلاب هم الضحية الأكبر في الثورة".
وبحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف الأطفال السوريين (تحديدًا 51,8%) الذين هم في سن الدراسة، لا يذهبون الى المدرسة، وفي محافظة حلب تصل النسبة إلى 68%، وفي محافظة الرقة (شمال) التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية، تصل النسبة إلى 90%.
في نهاية 2013، كانت اربعة آلاف مدرسة في سوريا متوقفة بسبب الدمار أو الأضرار أو تحويلها إلى ملاجئ للنازحين.
ورغم كل شيء، وبين كل الأوجاع والآلام يبقى الأمل الذي تحمله ملامح هؤلاء الصبية الذين يتحدون النار والدمار، ويبحثون عن نور العلم حتى لو كان تحت الأرض.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأقبية والملاجئ تحمي مدارس حلب من نيران الحرب الأقبية والملاجئ تحمي مدارس حلب من نيران الحرب



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:22 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 عمان اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 20:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن
 عمان اليوم - أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab