مسقط - عمان اليوم
حينما دب الصراع المحزن على السلطة بين أفراد أسرة اليعاربة في نهايات حكم دولتهم، بعدما كانت عمان بأوج قوتها وخاصة حينما استطاع الإمام ناصر بن مرشد اليعربي توحيد البلاد بعد شتات، ومن ثم أكمل المسيرة من بعده أئمة اليعاربة بطرد المستعمر البرتغالي من سواحل عمان والهند وشرق إفريقيا فارضين احترامهم وثقة كل العمانيين لهم وكذلك العالم الذي كان يخشى كثيرا قوة الأسطول العماني في عهدهم والذي تسيّد الخليج وخطوط التجارة العالمية في الشق الآسيوي والإفريقي لعدة قرون، دخلت عمان في نهاية دولتهم بنفق مظلم نتيجة انقسامهم مرة أخرى بين مؤيد ومعارض في الصراع على السلطة التي كانت مثار نزاع بين أكثر من اسم لتنشب الحرب الأهلية والاغتيالات التي كانت وبالا على أهل عمان حينها
في تلك الفترة المضطربة جدا وحينما كانت بعض الأمور بيد الإمام الصغير سيف بن سلطان الثاني الذي ينافسه أقرانه على الحكم، فكر جليا في القضاء على كل من يتفق عليه أهل عمان من ولاته وقادته لانعدام ثقته بمن حوله، فتوجهت أنظاره بشكل كبير إلى واليه بصحار السيد أحمد بن سعيد بن أحمد بن محمد البوسعيدي وتنامي شعبيته هناك، فبدأ بالخشية منه وخاصة وهو يعلم أن الكثير من أهل عمان بدأ ينفر من الصراع السياسي والحرب الأهلية التي تسبب بها أفراد العائلة اليعربية بانقسامهم بين مؤيد للسلطة بين هذا أو ذاك
فخطط سيف بن سلطان وقبل سقوط حكمه نهائيا بأن يقوم بعملية استدراج لأحمد بن سعيد لاغتياله في مسقط، فدبر له الكمين وبعث له بأن يأتيه فورا لحاجته بلقائه بما يتعلق بشؤون البلاد، فلبى أحمد النداء وركب راحلته قادما من صحار ومتوجها إلى مسقط، ولأن رزيق جد المؤرخ العماني المعروف حميد بن محمد بن رزيق كان يعمل مع سيف بن سلطان وعلم بالمكيدة التي تم وضعها لاغتيال هذا الوالي الشاب، حاول بكل الطرق لقاءه ومحاولة تحذيره، فوضع أتباعه لتقفي حضور أحمد بن سعيد إلى مسقط قبل أن يصل في حضرة من أراد به السوء، وبالفعل استطاع رزيق لقاء هذا الشاب قبل وصوله لمقر سيف بن سلطان الثاني، وقال له: «ارجع سريعا إلى صحار قبل أن يعلم بوصولك إلى مسقط أو يراك أحد عبيده فإنه يريد أن يصنع بك كيت وكيت»
فقال أحمد بن سعيد: «لعله يريد أن يعزلني فقط من ولاية صحار»
فرد عليه رزيق: «أجل ويريد كذلك قتلك فارجع إلى صحار فإني لك من الناصحين فإن النفس تأبى العطب وتقلى الشجب»
وثق أحمد كثيرا بكلام الشيخ رزيق لأنه يعلم تماما بأنه يعمل مع سيده سيف ويدرك تماما خطة الاغتيال، فعاد مسرعا خائفا من محاولة قتله بأي لحظة هو ومساعده مسعد، حتى وصل لصحار وتحصن بقلعتها وبين أهلها
وحينما علم سيف بن سلطان اليعربي بوصول أحمد إلى مسقط ورجوعه مسرعا إلى صحار دون إلقاء القبض عليه وتنفيذ عملية الاغتيال المخطط لها عاقب أتباعه وأخذ يتحقق من الجميع ومن الذي قام بتحذير واليه أحمد بن سعيد، وبعد عمليات تحقيق توصلوا إلى أن رزيق عامله هو آخر من لوحظ مع أحمد بن سعيد، فاستجوبه سيف وأغلظ بحقه في الكلام وقال له: «ما حملك على الذي فعلت، فإنك أنت الذي نفرت أحمد بن سعيد بنجواك إليه، فأين توجه بعد ما ناجيته وماذا قلت له وقال لك؟ فقد صح عندي أنك رأيته وناجيته ونفرته عني، ولقد أسررت إليك عما في قلبي إليه فأذعت سري وعصيت أمري»
ولكن رزيق أنكر كل التهم المنسوبة إليه وقال لسيده سيف: «ما رأيته ولا ناجيته ولا أفشيت لك سرا، فإن من رفع هذا الخبر عني غير صادق، فسكن غضبك وارجع عن سورتك فإنك منسوب إلى الحلم لا إلى الظلم». ولكن سيف بن سلطان لم يصدق رزيق ولأنه كان أقرب الناس إلى مجلسه، أمر بسجنه وتقييده بالسلاسل والحديد لمدة ثلاثة أشهر وبعدها أطلق سراحه. بعدها أرسل سيف بن سلطان رسائله الشديدة لأحمد بن سعيد يأمره بترك صحار والقدوم فورا إلى مسقط، ولكن أحمد اعتذر عن ذلك لعدة أسباب ولم يكاشفه بأنه يخشى اغتياله
فرد عليه برد غليظ وقال له مهددا: «إن لم تصلنا فنحن سنصل إليك»، ومن هنا أمر بتجهيز أربعة مراكب بجنوده للتوجه إلى صحار نحو أحمد بن سعيد لإنهاء حكمه وحياته، وحينما وصل إلى صحار وأرسل يطلبه فورا للمثول بين يديه في سفينته مع إعطائه الأمان، خرج أحمد بقارب صغير متوجها للقائه، ولكن بعض جنود سيف بن سلطان.....
قد يهمك ايضاً :
“بلدي” صحم تقف على بعض الجيوب التخطيطية
وزارة الصحة تحتفل بيوم المرأة العمانية عن بعد
أرسل تعليقك