بدأت الجماعات السودانية المؤيدة للديمقراطية اليوم الأحد عصيانا مدنيا وإضرابا على مدى يومين احتجاجا على الانقلاب العسكري الذي وقع الشهر الماضي، على الرغم من أن المشاركة تبدو محدودة بسبب الانقطاعات المستمرة لاتصالات الإنترنت والهاتف.
وفي علامة على أن الانقلاب قد يعرقل جهود إنهاء الصراع الداخلي المستمر منذ عقود، رفضت فصائل متمردة مسلحة كانت قد وقعت اتفاق سلام العام الماضي الانقلاب ودعت إلى إنهاء حالة الطوارئ.
وأعلن قائد قوات الدعم السريع السودانية، وهو الرجل الثاني في الجيش السوداني، دعمه لسيطرة الجيش على السلطة في كلمة بثت على فيسبوك. وأضاف الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي ونائب الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مجلس السيادة المنحل حاليا، إن قرارات البرهان جاءت لتصحيح مسار ثورة الشعب والحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
وتنظم "لجان المقاومة" المحلية وتجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد المظاهرات في الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل نيسان 2019، حملة احتجاجات لمحاولة إنهاء الانقلاب العسكري.
وقال سكان إن الناس خرجوا صباح اليوم إلى الشوارع في وسط العاصمة الخرطوم رغم أن حركة المرور كانت أقل من المعتاد. وفي الخرطوم بحري، جابت قوات الأمن شوارع رئيسية مسلحة بالعصي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقالت لجنة المعلمين إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع عند مبنى وزارة التربية والتعليم في ولاية الخرطوم لتفريق اعتصام هدفه مقاومة تسليم أي مناصب للعسكريين، مضيفة أن القوات اعتقلت نحو 87 شخصا.
وفي حي بري بالخرطوم الذي يفصله النيل عن حي امبدة في أم درمان قال شهود عيان إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين.
وقال شهود العيان إن مظاهرات خرجت كذلك في مدن ود مدني ونيالا وعطبرة حيث احتج المئات على إعادة تعيين أنصار للبشير في الحكومة المحلية.
وكان بعض المستشفيات والأطقم الطبية تعمل كالمعتاد، غير أن البعض الآخر شهد إضرابا عن العمل.
وقال أحد السكان في وسط الخرطوم طلب عدم نشر اسمه "لم يعلم البعض بالدعوة للعصيان المدني بسبب انقطاع الإنترنت".
وتعطلت خدمات الإنترنت بشدة منذ انقلاب 25 أكتوبر تشرين الأول، ولا تزال تغطية الهاتف متفاوتة. ورغم توقف مناحي الحياة اليومية تقريبا، فقد أُعيد فتح المتاجر والطرق وبعض البنوك منذ ذلك الحين.
أوقف الانقلاب ترتيب تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين الذي تم الاتفاق عليه بعد الإطاحة بالبشير وكان من المفترض أن يؤدي إلى انتخابات ديمقراطية بحلول أواخر عام 2023.
وجرى احتجاز عدد من كبار الشخصيات المدنية، ومنهم عدة وزراء، ووُضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية.
ومنذ حدوث الانقلاب، تُبذل جهود وساطة تشارك فيها الأمم المتحدة من أجل إطلاق سراح المحتجزين والعودة إلى تقاسم السلطة، لكن مصادر من الحكومة المعزولة تقول إن هذه الجهود تعثرت.
ويخرج السودان منذ الإطاحة بالبشير من عزلة وحروب داخلية دامت عقودا. ووقع اتفاق سلام العام الماضي مع جماعات متمردة بغية وضع نهاية لتلك الصراعات المستمرة منذ فترة طويلة.
ونددت الجبهة الثورية، التي تشمل جماعات يقودها ثلاثة أعضاء في مجلس السيادة الذي حله الجيش خلال الانقلاب، وهم الهادي إدريس والطاهر حجر ومالك عقار من الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال.
وقالت الجبهة في بيان "الجبهة الثورية تجدد موقفها الثابت ضد الانقلاب وهي مع احترام إرادة الشعب السوداني والتحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية. تجدد الجبهة الثورية التزامها بالوثيقة الدستورية وتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان. تطالب الجبهة الثورية بإطلاق سراح جميع المعتقلين بدون أي شرط وعلي رأسهم رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك والرفيق ياسر عرمان عضو المجلس القيادي للجبهة الثورية ونائب الأمين العام للجبهة الثورية".
وانحاز بعض موقعي اتفاق السلام، ومن بينهم زعيما التمرد في دارفور جبريل إبراهيم ومني مناوي، إلى الجيش في الأسابيع التي سبقت الانقلاب.
في غضون ذلك، التقى وفد من الجامعة العربية مع حمدوك والبرهان. وقال الوفد في بيان إنه شدد على أهمية الحوار في سبيل العودة إلى الشراكة بين المدنيين والعسكريين.
وأعلن ناشطون يريدون خروج الجيش من المشهد السياسي جدولا زمنيا لاحتجاجات تسبق مسيرات حاشدة يوم 13 نوفمبر تحت شعار "لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية".
وخرج مئات الألوف إلى الشوارع احتجاجا على الحكم العسكري في مظاهرتين قبل وبعد انقلاب 25 أكتوبر تشرين الأول.
وأوقفت القوى الغربية المساعدات الاقتصادية للسودان وقالت إن اتفاقا لتقليص الديون الخارجية التي تبلغ عشرات المليارات معرض للخطر ما لم تكن هناك عودة إلى التحول الديمقراطي.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك