الدار البيضاء ـ فاطمة ياسين
أكد الصحافي المغربي المقيم في أميركا حسن أبو عقيل أن المغرب لا يجب أن يفاجئ من المسودة الأميركية لتوسيع مهام "المينورسو" في الصحراء الغربية، معتبرًا إياها نتيجة طبيعية لانتهاج بلاده سياسة ديبلوماسية
التفاؤل، دون الاتعاض من سياسة الجوار، التي خانت العهد ودعمت الانفصال.
وأفاد أبو عقيل، في حديث خاص لـ "العرب اليوم"، وهو المتخصص في قضية الصحراء المغربية، بأن "تقديم المسودة تم دون استشارة الدولة المغربية صاحبة السيادة، ويغض الطرف على ما يجري داخل مخيمات تيندوف الجائرة، من تعذيب وترهيب وقتل واختطاف وانتهاك صريح للكرامة والحقوق".
وتطرق الصحافي المغربي الخبير في شؤون الصحراء، خلال الحوار إلى المشاكل التي تعانيها الجالية المغربية في أميركا، كما تحدث عن أداء الحكومة الجديدة.
وعن قراءته لمقترح مجلس الأمن لتوسيع مهام "المينورسو" في الصحراء، أوضح أنه يرى أن "المغرب يجب أن لا يتفاجأ من المسودة الأميركية التي أنجزتها وقدمتها السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة رايس، لأن المغرب نهج سياسة ديبلوماسية التفاؤل، ولم يتعض من سياسة الجوار، التي خانت العهد، وزاغت لدعم الإنفصال، مثلاً الجارة الشمالية إسبانيا، التي تلعب على حبلين، وتدعم الإنفصاليين، من خلال جمعيات المجتمع المدني، والأحزاب، والإعلام"، وتابع "بعد الإعلان عن المسودة تساءل المتتبعون عن الأساس الذي تمت عليه كتابة المسودة كقرار يفضي لتوسيع مهام المينورسو في الصحراء، ليراقب مجال حقوق الإنسان، دون استشارة للدولة المغربية صاحبة السيادة، ويجب أن نستحضر الدعم الذي لاقته منتو حيدر، التي تتحدر من الجنوب، عند استقبالها من قِبل مؤسسة كنيدي، التي جندت برلمانيين ونوابًا من مجلس الشيوخ، ومسؤولين كبارًا، لتتويجها أمام المحفل الدولي، كناشطة في مجال حقوق الإنسان، مُسخرة لذلك الإعلام، بجميع مكوناته، وعلى مستوٍ عالٍ جدًا، ما يؤكد أن الدعم الجزائري، من خلال اللوبي الأميركي، كان حاضرًا بقوة، وأن الأموال التي صرفتها الجزائر من خزينة الدولة أتت بمفعولها، وكان الاختيار موفقًا في غياب تام للوبي المغربي الأميركي، الذي تصرف عليه المليارات، دون نتائج إيجابية، ودون استقطاب لمن يدعم القضية في مجلس الشيوخ والنواب، باستثناء نواب يؤيدون الموقف المغربي، من خلال قنوات بعض أفراد الجالية المغربية النشيطة، والتي تعمل دون دعمها ماليًا، أو معنويًا، في حين أن الديبلوماسية المغربية تدعم شركات ومواقع إلكترونية بالملايين، مع العلم أنها لا تفقه تاريخ الصحراء المغربية، ولا القضية نفسها، وحتى مراسلاتها ناقصة، وتحمل الكثير من الأخطاء التي تصحح بأقلام مغربية، حتى لا تتسبب في مشاكل دولية".
وتابع "الزيارة التي قامت بها مؤسسة كنيدي في الصحراء، كانت زيارة مستهدفة، لكونها (المؤسسة) داعمة للانفصاليين، ومؤيدة للجزائر في دعمها للجمهورية الصحراوية، بقيادة عبد العزيز المراكشي، ونظرًا للعلاقات الحميمية، التي تجمع السيدة كنيدي والسفيرة رايس، كان ولابد من مسودة جديدة، لعرقلة الحكم الذاتي، بعد توسيع مهمة المينورسو، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، وهذه محاولة ثالثة للتشكيك فيما خطاه المغرب في مجال حقوق الإنسان، وتدخل في السيادة المغربية"، واستطرد موضحًا "على ما يبدو أن المغرب لابد وأن يعيد النظر في عقوده مع شركات الضغط اللوبية، واعتماده كليا على الجمعيات والأندية النشيطة، الحاملة للراية المغربية، والمتشبثة بمغربيتها ووطنيتها، وكذلك العمل على تعزيز الإعلام المغربي الإلكتروني، والمسموع، ودعمه وتقوية دوره، وتوفير مصاريف البدخ دون فائدة ومردودية، فلابد من خلق ثقة بين الخارجية المغربية وأبناء الوطن من الجالية المغربية، للقيام بأنشطة موازية، من محاضرات وندوات وموائد مستديرة، ودعوة محللين سياسيين، وشيوخ القبائل، وأساتذة التاريخ والقانون الدولي، للتعريف بقضية الصحراء، وشرح مستفيض لمقترح الحكم الذاتي، وكفى من الاعتماد على المحسوبية والزبونية، التي ندفع فاتورتها اليوم، رغم الإجماع الوطني بشأن قضية الصحراء المغربية، والسيادة الوطنية".
وثمن المتحدث "واقع الصحافة المغربية، والمسار الذي عرفه في عهد الملك محمد السادس، الذي أراد أن يجعل من المغرب بلدًا منفتحًا في مجال الحريات والحقوق، لكن المشكلة القائمة، هي أن هذه الحريات اتسمت بصورة من الفوضى، وفي كثير من الأحيان بالتسيب، والقفز على أمور لا تخدم البلاد والعباد، ومن جهة أخرى فهناك بعض الأقلام، التي تمكنت من مواكبة هذه النهضة، أو هذه الصحوة الجديدة، من تحرر القلم، مع وضع آليات المراقبة الذاتية، وامتازت بكتابات جعلت القارئ يترقب عهدًا جديدًا، بدلاً عن صحافة الدعاية والوشاية الكاذبة، ونشر أخبار مغلوطة، وجرأة ساقطة من سب وقذف"، وأضاف أنه "لا مقارنة في هذا المجال بين الصحافة الأميركية والصحافة المغاربية، فالصحافي في أميركا يتمتع باستقلالية تامة، يخدم الرسالة الصحافية دون مراقبة السلطة التنفيذية، لأنه يمارس السلطة الأولى، الصحافي شخص يحترم، له مكانته داخل مجلس الشيوخ، وداخل البيت الأبيض، وليس له وزارة وصية تحركه وتعاتبه، كما أن الصحافي نفسه يحترم قلمه، ولا ينشر المقال، إلا بعد التأكد من الخبر، والاتصال بالمعني بالأمر للاستفسار، أو ضبط المعلومة التي سينشرها للقارئ، وهناك قوانين لابد من تطبيقها واحترامها، إلى جانب أن الصحافي في أميركا لا يتجرد من وطنيته، ولا يخدم أجندات خارجية، ليخلق من خلالها الفتنة داخل موطنه"، هذا في حين أن "الصحافة المغربية لازالت مقيدة بفعل الانتماء السياسي، والدعم المالي للدولة، أو من خلال تعاطف الصحافيين مع الأشخاص، والنفوذ أو السلطة، مما يسيء لاستقلالية القلم الصحافي، فالعناوين الكثيرة، التي ظهرت في العشرية الأخيرة، صحافة لم تعط الجديد، ولم تكن قيمة مضافة أكثر من ما هي صحافة امتازت بنسخ المواضيع ولصقها، ثم نشرها دون اشتغال دور الإيداع القانوني في هذا المجال، كما هو الحال للعديد من مواقع الصحافة الإلكترونية، المعتمدة على الإعلان والربح التجاري، على حساب دخول القراء، وغير القراء، لمواقعها، وفي نفس الوقت، لا تحترم الخصوصية للشعب المغربي، الذي لا يقبل تواجد إعلانات إباحية، وصور عارية، وأخرى لضرب مواعيد للسهر والسمر، وفتحت الباب على مصراعيه لكل من هب ودب أن ينشر كتاباته ودراساته وأبحاثه، ولو كانت تسيء للمغرب والمغاربة".
وعن الصحافيين المغاربة المغتربين، وكيفية تعاملهم مع قضايا ومشاكل الجالية المغربية، أوضح أبو عقيل أن "في دول العالم صحافيون مغاربة هاجروا بإرادتهم قصد التكوين، وكسب الخبرة في هذا الميدان الشاق والمتعب، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فلدينا صحافة مغتربة تعمل على رؤوس الأصابع، في كبريات القنوات العربية، وكذلك من ساعده الحظ في العمل لدى بعض الصحف الأميركية، إلى جانب بعض الصحافيين الذين اختاروا العمل الفردي، وأسسوا منابرهم ومنشآتهم الإعلامية، بعد خبرة مكتسبة من ثقافة بلد الاستقبال، بلد الحريات، بلد الرأي والتعبير، بلد الصحافة والإعلام، وما من مشكلة في تشجيع الصحافيين المغاربة لخدمة الجالية المغربية، فهم يلعبون دورًا هامًا في أبراز ونشر أخبار الجالية وأنشطتها، ويحز في النفس أن وزارة الاتصال المغربية لا تعطي أهمية لهذا الدور، إلا مناسباتيًا، وفي زيارات لبعض المسؤولين، وتغيب فقرة التواصل فيما بين القطب العمومي المغربي والصحافيين المغتربين، لا على مستوى البرامج الحوارية، ولا على مستوى المراسلات والتغطيات الهامة، والتي تخص ملف الصحراء المغربية والوحدة الترابية"، مشيرًا إلى أن "الصحافيين مرتبطين بوطنهم خير ارتباط، ويكتبون في مجالات متعددة، تُهم البلاد، لكن هناك ضرورة للتواصل بين الصحافيين والإعلاميين المغتربين مع المسؤولين في القطاع، وأولهم وزارة الاتصال".
وعن مشاكل الجالية في أميركا، بيَّن أن "الجالية المغربية جالية تعيش الشتات، إذا ما استثنينا بعص الأندية والجمعيات، التي ينصب هدفها في خدمة قضايا الجالية، ففي شأن المنطقة التي أقطنها، ليس لدينا جالية مغربية، بل لدينا مغاربة في المنطقة، فلا تواصل ولا أندية ولا جمعيات ولا أنشطة، ولدينا كذلك ثرثرة مجانية، لنفث سموم الحقد والحسد والكراهية"، أما إذا انتقلنا إلى فيرجينيا وواشنطن، فإننا نجد جمعيات نشيطة، وأندية في مستوٍ عالٍ جدًا، لكن المؤسف له أن هذه الجالية لا تلقى دعمًا من قبل الوزارة الوصية، أو مجلس الجالية، وهنا لا أتكلم عن إطار المحسوبية، وقد قدمت هذه الجالية من خلال أنديتها الكثير للبلد من خدمات جليلة، تستحق عليها التقدير والتشجيع، لحملها في أكثر من المناسبات الراية المغربية واسم المملكة"، وأضاف أنه "بالنسبة إلى الجالية المغربية في الولايات المتحدة، حسب بعض الإحصائات، عددهم ما بين 130 و 150 ألف مهاجر، متفرقون في كل الولايات، بينهم الطالب والعامل والمثقف والإعلامي، وهذه أرزاق منحها الخالق لعباده، وكل حسب إرادته وموقعه في طلب الرزق".
وتطرق إلى الأداء الحكومي قائلاً "الأداء الحكومي هو أفضل من سابقيه، سيما وأن الدستور الجديد منح صلاحيات جديدة، ومحاسبة لمن يتحمل المسؤولية، والواقع أن الحكومة الحالية أبدت رغبة في الإصلاح والتصحيح، في جو مشحون سياسيًا واقتصاديًا، فمن الناحية السياسية، هناك حملة شرسة من قبل أعداء الحزب الإسلامي، من علمانيين ومن جيفاريين ولنينيين وماويين (يساريين)، رغم تواجد بعض الأحزاب ذات الانتماء نفسه، في حكومات سالفة، لم نر منها إلا السفاهة، في تدبير الشأن العام، وكأننا وضعنا المسؤولية في يد أطفال صغار، وهذا لا يعني أن الحكومة الحالية لابد وأن تلعب دورًا إيجابيًا في تنزيل الدستور، وجعل البرنامج الحكومي المصادق عليه يتماشى والوضع القانوني، ومتطلبات الأمة المغربية، وضرورة انسجام الوزراء، وعدم إقحام الانتماء الحزبي في المصلحة العامة، وكذا تفهم رئيس الوزراء لمسؤوليته، لاسيما التنفيذية منها، ومحاكمة كل من سولت له نفسه استعمال العنف ضد المواطنين، لاسيما في الاحتجاجات السلمية، وتقييد وزارة الداخلية بالبنود الدستورية، لأن ما نراه من تعنيف للمواطنين هو صورة سيئة للمغرب في الخارج، يتخذها أعداء الوحدة الترابية حجة ودليلاً على الردة، والعودة إلى خرق مجال حقوق الإنسان والمواثيق الدولية"، مبديًا أسفه "لصمت رئيس الوزراء على تعنيف الصحافيين من قبل رجال الأمن"، مشددًا على أهمية "دعم كل وزير كان همه الوحيد خدمة المصالح العليا للبلاد، جنبًا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإجمالاً أن الجالية المغربية متخوفة من الوضع الداخلي، لكون بعض الوزارات لا تقوم بواجبها إزاء قضايا مغاربة الخارج".
ومتحدثًا عن حكومة عبد الإله بنكيران أضاف "لا يمكن حصر العمل الحكومي قبل انتهاء الولاية، ولا يمكننا أن نقول أنها نجحت أم أخفقت، ولكن نقول أن هناك مساعي حميدة، لكون ما تنهجه يؤكد أنها تسير في إتجاه مقبول شيئًا ما، إلا أنه وجب التركيز على تنزيل وتفعيل القوانين، لأننا دونها سنعيش مع حكومة ماضية، ونسخة من سابقاتها، وهذا ما نرفضه تمامًا وقطعًا بعد الربيع العربي".
وعن توقعات الجالية المغربية المغتربة من حكومة بنكيران، أوضح أن "الجالية اليوم تطالب بانتخاب رئيس جديد لمجلس الجالية، وأن تقوم الحكومة الحالية بإخراج وتكليف لجنة تحقيق في ولاية هذا المجلس، وما تضمنه التقريرين المالي والأدبي، مقارنة بمطالب المهاجرين، الذين رأوا في هذا المجلس أنه مجلس قاصر، لم يقم بدوره، والحكومة مطالبة كذلك بالقيام بزيارات متساوية، وليس الاعتماد على بعض الدول الأوربية، وتناسي باقي الجالية في العالم، وضرورة دعم كل الجمعيات النشيطة، والأندية الفاعلة، دون المحسوبية والزبونية الحزبية، كما هو مسلم بها".
وفي شأن انتخاب إدريس لشكر أمينًا لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، قال "في الحقيقة هو أمر حسم من قبل صناديق الاقتراع للحزب نفسه، غير أن الأسئلة المطروحة لماذا إدريس لشكر، ولماذا غالب الناس خارج الحزب لا يرغبون في فوزه"، وأوضح "أولاً لتحامله على حزب مؤطر، يجمع كفاءات، ويجمع الأخلاق، ويجمع حسن التدبير الداخلي لحزبه، ولأن الحزب ليس ملطخ الأيدي، كما أن لشكر أعطيت له فرصة كوزير، لم يظهر من خلالها أو يضيف أي قيمة لمنصبه، خدمة للصالح العام، والرأي للعديد من المنابر، ليس رأيًا شخصيًا، وبالنسبة لي فأنا لا أؤمن بالعمل الحزبي حاليًا".
وعن واقع المنظومة العدلية المغربية، أكد أنه "كمواطن مغربي أرى في العدالة كل شيء في هذا البلد، وأساس للبناء والتنمية والنهوض والكرامة والحقوق والواجبات، عندما نجد قضاة في مستوى أخلاقي يليق بمكانتهم ومسؤوليتهم، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، فإصلاح العدالة لابد منه، ولي الثقة الكبيرة في الجيل الجديد، الذي يحمل المشعل، وينادي بالتصحيح والإصلاح، جنبًا لمطالب الشارع المغربي، وهنا ضرورة استقلالية القاضي في الأحكام وتحسين وضعه المالي".
واختتم حديثه مشيرًا إلى غياب وزارة الجالة المغربية عن القضايا التي يعاني منها المهاجرون، والتي تتركز في غالبها في قطاعي الأسرة والعقارات.
أرسل تعليقك