المسحراتي مهنة تقاوم الاندثار في قطاع غزة
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

"المسحراتي" مهنة تقاوم الاندثار في قطاع غزة

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - "المسحراتي" مهنة تقاوم الاندثار في قطاع غزة

المسحراتي في قطاع غزة
غزة – محمد حبيب

تتمثل مهمة المسحراتي في إيقاظ المسلمين في ليالي رمضان لتناول وجبة السحور، والمشهور عنه حمله للطبلة أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر، وعادة ما يكون الطبل مصحوباً ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية.

وفي غزة للمسحراتي طعم آخر فلا يكتمل رمضان من دونه، ويرتبط ارتباطا وثيقاً بالتقاليد الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحّراتي محمد الجملة جولته الّليلية في شوارع حي الشيخ رضوان، جنوب مدينة غزة موقظاً أهلها عبر ضربات طبلته وصوته الجميل الذي يصدح بأجمل الكلمات.

لم يستسلم الجملة لظروفه الاقتصادية الصعبة وعدم قدرته على توفير احتياجاته المعيشية، بعدما تخرج من الجامعة والتحق بركب البطالة، فأخذ يبحث عن مصدر للرزق الحلال، أملا في تحقيق أحلامه البسيطة.

مهنة "المسحراتي"، كانت الملاذ الوحيد الذي وجد فيه محمد الأمل في توفير لقمة العيش لزوجته وابنه الوحيد وتوفير رسومه الجامعية بعدما مل من البحث عن عمل آخر يساعده في إيجاد حياة كريمة لأسرته.

أما صديقه أحمد "25عاماً" والذي يمتهن النجارة صنعة له، خاض العمل كمسحراتي منذ 6 سنوات على التوالي في مخيم النصيرات جراء ضعف العمل في مهنته الأصلية.

وبيّن أحمد "على الرغم من أني امتلك صنعة النجارة التي لا يتوفر العمل بها دائما نتيجة الحصار المتواصل علي القطاع أضطر للعمل في هذه المهنة لتوفير لقمة العيش".

وأشار إلى أنه عزف عن الدراسة لمساعدة والده في إعالة أسرته المكونة من سبعة أفراد، إضافة إلى زوجته وابنته، مضيفاً "باقي العام ندبر أمورنا من هنا وهناك لنتمكن من تربية أولادنا وتوفير مستلزماتهم الحياتية".

واستدرك "بدأت العمل كمسحراتي حينما كان عمري 17عاماً، حيث كنت أخرج رفقة جاري لأتعلم منه بعض الشعارات عن الوحدة وفضل رمضان وذكر الله، وكنت ألبس الزي وأبدء عملي بهمة ونشاط" .

ويذكر أبو رائد مطر البالغ من العمر 63 عاماً أيام رمضان قبل خمسة وأربعين عاماً، ويستحضر المسحراتي أبو يوسف الملقب بـ"المزعمط"، ويضيف:" ما كان مع المزعمط طبلة، كان يضرب على تنكة كبيرة وعصايتين يطبل فيهم، وكان معه ابنه يحمل معه الفانوس، كانت أيام حلوة كثير".

ويضيف الحاج السيتيني "كان ييجي يسحرنا من الساعة 2 الفجر، ويظل للأذان، ويقول اصحى يا نايم وحد الدايم، رمضان كريم"، مشيراً إلى أن المسحراتي "المزعمط" هو الرجل الوحيد الذي كان يقوم بتسحير المواطنين في منطقة معسكر جباليا آنذاك.

وأوضح أنه لم يكن غير المسحراتي يعمل على إيقاظهم في وقت السحور، لعدم وجود مساجد آنذاك، سوى مسجد العودة.

وأضاف مطر ضاحكاً "كنا نفتح الشبابيك قبل النوم، وييجي المزعمط بيت بيت يسحرنا، نمد عليه خبز ما يرضى يأخدهم، بدو بس قروش"، متمنياً أن تعود تلك الأيام، وأن يرجع زمن المسحراتي، لأنه من التراث الفلسطيني، الذي يخلق أجواء جميلة في رمضان.

واعتبر الشاب وائل أبو علي، البالغ من العمر 23 عاماً، أنه لا فائدة للمسحراتي في هذه الأيام، بسبب كثرة المساجد التي تعمل على تذكير المواطنين بأوقات السحور والصلاة.

وأبرز قوله "نسمع أصوات المسحراتي في حارتنا، لكن ليس له طعم كما أيام زمان، فوالدي كان يحدثنا الكثير عن المسحراتي الذي كان في أيامهم"، منوهاً إلى أن أغلب الشباب هذه الأيام، يظلون مستيقظين حتى صلاة الفجر.

ويرى المسحراتي عماد أبو ثريا أن عمله هو عبارة عن حل مؤقت له في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وكثرة البطالة في قطاع غزة، مؤكداً أنه سيدخر المبلغ الذي سيحصل عليه من هذا العمل للتجهيز لزفافه الذي سيقام بعد رمضان.

وأشار إلى أنه يعمل في النهار بمبلغ زهيد لا يتعدى 200 دولار شهرياً، موضحاً أن عمله كمسحراتي ساعده في تحسين دخله بشكل مؤقت .

ويختم أبو ثريا حديثه بالقول: "نحن في هذا العمل نرجو ابتغاء مرضاة الله ونشجع الناس على اتباع سنة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت ذاته نبتغي توفير بعض احتياجات الأسرة في رمضان في ظل الوضع الاقتصادي الصعب".

ويحصل المسحراتي في غزة على راتبه من المواطنين صباح العيد، باعتبارها "عيدية" على المجهود الذي بذله لإيقاظهم على السحور خلال رمضان.

وحسب ما ذكره المؤرخون؛ فإن أول مسحراتي ظهر عام 238 هجري، وهو والي مصر "عتبة بن إسحاق"، فتطوع بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ الناس لتناول السحور استعداداً لصيام يوم جديد من رمضان.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسحراتي مهنة تقاوم الاندثار في قطاع غزة المسحراتي مهنة تقاوم الاندثار في قطاع غزة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab