النباشون في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

"النباشون" في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - "النباشون" في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل

الدار البيضاء - سعيد بونوار

يميز المفكر آتون بين الفقير والغني بالقول "الفرق الوحيد بين الفقير وصاحب الملايين، أن الأول يتعب من أجل وجبته التالية، أما الثاني فيتعب بسبب وجبته السابقة"، يبدو الموضوع أكثر غموضا لو أن هذا الفقير هو نفسه الغني، ويبدو بسيطا في الفهم إذا قلنا إن الفقير المغني هو البخيل. هم ليسوا بخلاء، ولا هم فقراء، ولا بأثرياء يجوبون شوارع المدينة على سيارات فارهة، هم أجساد آدمية "مرعبة" لا تظهر إلا في الليل حاملة أكياسا على ظهورهم، هم ليسوا لصوصا ولا أشباحا توزع الخوف، وإنما مواطنون قادتهم ظروف الحياة إلى النبش في النفايات. خيالات بشرية تجوب شوارع المدن بحثا عن أشياء في القمامة، يبدؤون في التجوال مع منتصف الليل، تبدو ملابسهم متسخة، لا يكلمون أحدا، ويتظاهرون بالحمق والعته لزرع الرعب في المحيطين بهم أو نسج رباط تعاطف، ومنهم من يخفون وجوههم حتى لا يتعرف عليهم الأصدقاء أو الجيران أو أفراد من العائلة، فمهنة "النباش" أحقر وظيفة يمكن أن تلتصق بأحد، ومنهم من دفعتهم حقارة المهنة إلى "التخدير". هم شيوخ وشباب وأكثرهم نساء مهنتهم البحث في القمامة عن بقايا متسللة من مواد معدنية أو زجاجية أو أشياء نفيسة، منهم آخرون يجمعون بقايا الخضر والفواكه لإطعام ماشيتهم، ومنهم آخرون يجمعون ما تبقى من خبز، وهم آخرون متخصصون في جمع بقايا "البلاستيك"، يبحثون في القمامة دون استعمال قفازات يسابقون شاحنات جمع القمامة. ولكن من هم؟ كيف يعيشون؟ هل هم فعلا أثرياء المزابل؟ أم هم سواعد فقيرة تجمع القمامة لخدمة صناع إعادة التصنيع؟. ما إن تخلو شوارع العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء من المارة، ويخلد السكان في منازلهم بحثا عن الراحة، حتى تتحرك أجساد أخرى تنتمي إلى فئة الباحثين في القمامة، نساء ورجال يبدؤون يومهم قبل منتصف الليل، يتوزعون في الأزقة باحثين في حاويات عن مواد ورقية أو "بلاستيك" أو زجاج أو خبزاً يابساً، وقد تبتسم الأقدار فيعثر بعضهم على حلي أو جواهر أو أموال، ينتمون في أغلبيتهم إلى أسر فقيرة تقطن في الأحياء القصديرية المحيطة بالمدن الكبرى. حتى وقت قريب كانت الأسر المغربية تخوف أبناءها الصغار إذا رفضوا النوم، أو حاولوا التسلل خارج البيت ليلا بـ"بوعو"، أو "الميخالي"، والمقصود طبعا هؤلاء النباشين، الذين ينهون ليلهم بالتوجه جماعات أو فرادى إلى المزبلة الكبرى بطريق "مديونة" بالدار البيضاء لمواصلة النبش في النفايات، ويواصلون العمل حتى ضحى اليوم التالي. غير أن هذا التخويف المقرون باحتقار "النباشين" و"النباشات" بات ملاذا للحكومة مع الأزمة الاقتصادية التي ترخي ستائرها على عدد واسع من الأسر الفقيرة، فالدولة تتجه إلى تقنين المهنة، ومحاصرة مترفيها ممن يجنون أموالا طائلة عبر إعادة تحويل المواد "المنبوشة" وتصنيعها، فالمهنة في نظر الحكومة تنتمي إلى القطاع غير المهيكل، وهي تفقد خزينة الدولة الملايين كعائدات الضرائب التي يفترض أن يؤديها هؤلاء للدولة. بين"النباش" أو (البقشاش) أو (الهباش) كما يسميه المغاربة مسافة احتكار كبيرة، فالنباشون الذين يخاطرون بالبحث وسط القمامة، إذ يشكو أكثرهم من أمراض مختلفة نتيجة العمل وسط الأزبال دون إتباع الإرشادات الصحية والبيئية الضرورية لا يجنون غير دراهم معدودة عن حصيلة ما يلتقطوه من الحاويات وأماكن رمي الأزبال، في ما يجني الوسطاء وأرباب المصانع أموالا كبيرة من إعادة تصنيع المُحصل عليه من الأزبال. يرى عدد من الخبراء المغاربة أن "قطاع جمع وفرز النفايات، يلعب دوراً مهماً في النهوض بالتشغيل وحماية البيئة بل ويعد مصدراً أساسياً للمواد الأولية بالنسبة للصناعات التحويلية". ويجري التفكير حاليا في تجميع النباشين في إطار والعمل على تقنين مهنتهم، وضمان حقوقهم في التأمين الصحي وغيره من حقوق العمال المعمول بها، لتتخلص مهنة "النباشة" من صوره العته إلى الرسمية. ويراهن المغرب على التجربة الإيطالية في هذا المجال، إذ نجحت فكرة تأطير النباشين في إطار تعاونيات، وهي تستقطب أعدادا وافرة من العمال الأجانب في هذا البلد.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النباشون في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل النباشون في القمامة في المغرب أثرياء يجوبون المزابل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab