الأصالة ونفحة الماضي الجميل تتمثلان في سوق  دانيال في بغداد
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

الأصالة ونفحة الماضي الجميل تتمثلان في سوق " دانيال" في بغداد

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - الأصالة ونفحة الماضي الجميل تتمثلان في سوق " دانيال" في بغداد

سوق دانيال في بغداد
بغداد - نجلاء الطائي

جاءت تسمية " سوق دانيال" نسبة الى أول تاجر شغل محلًا يدعى "دانيال"  وهو يهودي الأصل .

وتعد السوق من الاسواق التي تباع فيها الانتيكات والساعات القديمة ،إضافة الى العباءات الرجالية والنسائية البغدادية ، وعندما نتجه الى الامام تطل علينا المدرسة المستنصرية عند نهاية شارع النهر .

إختلفت الروايات حول تاريخ هذه السوق البعض يرجح انشاءها الى اواسط الاربعينات من القرن الماضي ، والآخر يقول بداية الخمسينات ،احد الشخصيات المخضرمة في هذه السوق ويدعى جميل الصراف قال لـ"العرب اليوم " "تقع سوق دانيال في قلب بغداد وهذا ما جعلها اهم المراكز التجارية للتسوق من المواطنين آنذاك .

وأشار الى تنوع البضائع في سوق دانيال منها الاقمشة و الساعات والسبح والانتيكات القديمة ،مما جعلها مركزًا يرتاده السياح من كل مكان في العالم للتبضع .

وأضاف الصراف " ان البضائع المحلية تصنع وتعرض في افضل المحال كالبدلات التي تُخاط وتطرز بأيد محلية وبذوق عراقي خاص ومنفرد،حيث كان يدهش السياح الأجانب في شكلها ونوعيتها ،بل كان يضاهي ما هو موجود في الاسواق العالمية .

وتألم الصراف " للركود الحاصل في السوق بسبب الاوضاع الامنية المتردية في العراق ،إضافة إلى عدم رغبة المواطنين بالذهاب الى السوق والاكتفاء بـ"المولات " التي روج عنها بشكل كبير "، لافتا الى " تغير أفكار الناس عن البضائع القديمة بعد الانفتاح الكبير الذي نراه الآن عبر تقدم التكنولوجيا ،مما جعل سوق دانيال تحتضر وتحول الى شبح لايمت الى الأول بِصلة ، بعد كانت مزدهرة بالحركة والمتبضعين اصبحت الماضي يلوح من بعيد

وخلال تجوالنا شاهدنا رجلا جالسًا خارج محله على كرسي وهو جامع السبح راودنا الفضول للحديث معه عن كيف صناعة السبح وماهي اسعارها؟

الحاج صالح النجفي يقرب من السبعين عامًا سألناه عن طبيعة هذه المهنة وأسرارها قائلا " منذ الصغر عندما كان والدي يأخذني معه الى المحل وكنت اتابع انامله كيف تنظم حبات السبح وتختار من الاحجار والانواع ،انها مهنة صعبة ،ولكنها جميلة في الوقت نفسه .

استمر النجفي في الحديث وهو يروي ذكرياته مع والده قائلا " تعلمت عمل السبح ومعرفة الجيد منها والرديء بمجرد النظر اليها او لمسها احيانا أشم رائحتها .

وعن كيفية حصوله على السبح يقول "احصل على السبح من اشخاص ذوي مكانه راقية يأتون لبيعها وبعد ذلك نثمن تلك السبح ،مشيرا الى التجنب شراء السبح من الاشخاص غير المعروفين خشية ان تكون مسروقة .

وبين النجفي عن الاماكن التي تشتهر بها السبح هي (الموصل ، النجف )، مشيرا الى اغلى السبح هي (الكهرب ) ،حيث يثمن سعر تلك السبحة من خلال عدد الحبات التي يصل عددها الى (101 ) حبة ومنها مايصل الى (99)حبة .

واستطرد الى " انواع اخرى من السبح بعد الكهرب وهي (السندلوس ،الكهرمان ، المرجان )،ومضى بالقول " هناك انواع متداولة في الوقت الحاضر هي الكهرب الالماني ، ويبلغ سعر المثقال منها 50 دولار وبعضها يصل الى 100 دولار ، ويميز حجر الكهرمان ان يرسم خطوطا اذا ماحَك على الورق .

وقد يزداد سعر السبحة اذا ظهرت فيها كائنات ميتة محنطة وهناك اشخاص لديهم السبح وهي ذات منشأ الماني او روسي يأتون لبيعها او تبادلها بأنواع اخرى او صياغتها .

وفي مقابل المحل شاهدنا العم ابو طه صاحب محل لبيع الساعات القديمة وشدني النظر الى يديه وهو يحمل ساعة من الطراز العباسي سألته عن تاريخ هذه الساعة اجاب  الساعة أهديت الى ملك الافرنج شارلمان في زمن الخليفة هارون الرشيد وهي عبارة عن ساعة مائية على دائرية مخروطية وتقاس من خلال ارتفاع الماء الى الاعلى .

وتحدث ابو طه لـ "العرب اليوم "،قائلًا "ورثت المهنة من جدي الذي كان له تاريخ طويل في إصلاح الساعات آنذاك في سوق "الساعجية" وكنت اذهب معه دائمًا .

واوضح ابو طه "أن انواع الساعات (السركسيوف ، قبطان ،لونجين ) وتوجد ايضا ساعات اخرى ،لافتا الى أصل صناعة الساعات في العراق وبعدها انتقلت الى الدول العربية والدول الاجنبية ".

وتطرق الى الدقة والتركيز في إصلاح الساعات ،وهو الشي المهم في هذه المهنة ،منوهًا " الى عدم ارجاع اي ساعة أعاد إصلاحها  وهذا مايميز شهرته لسنوات طويلة .

وعن اهم المشاهير الذين اشتروا الساعات قائلا" محمد القبانجي والملك فيصل .

انتقلنا بعد ذلك الى محال عرض وبيع الانتيكات شدني عند النظر اليها تذكرت الإرث العراقي الاصيل المكان الذي يجتمع فيه والتراث والموروث الشعبي والحضاري .

ويضم هذا المحل الانتيكات القديمة والتحف الاثرية النادرة التي يعود تاريخها الى عقود من السنين.

يقول الحاج ابو فاطمة الذي يعد اول محل للأنتيكات والتحفيات في هذه السوق تم افتتاحه منذ سبعينات القرن الماضي "، مؤكدًا " ندرة القطع والتحف الموجود ما ادى الى توسيع هذا المشروع ليشهد جذب العديد من المهتمين بالتحف سواء في الخارج او الداخل ،ويعود ذلك الى ان الأنتيكات تمثل الحضارة العريقة لكل بلد للكثير من البلدان والشعوب .

واوضح أبو فاطمة  "كنت هاويًا وعاشقا للتحف القديمة والقطع الاثرية النادرة ، ومن ثم تولدت لدي فكرة فتح محل للأنتيكات ،لافتًا الى " عدم وجود منافس للمهنة في هذه المنطقة .

وتابع "اغلب القطع والانتيكات الموجودة قديمة ، بينها اقدم قطعة وهي بندقية اثرية يعود تاريخها الى القرون الوسطى اضافة الى الاواني النحاسية والزجاجية ،الصحون ،الصواني ، المزهريات ، الاباريق ، والمباخر ، والدلال ، والسيوف المرصعة بالأحجار الكريمة ، الزجاجية ،والسجاد القديم ) ،شارحًا بأنه يقوم ببعض عمليات الجلي والتنظيف لهذه القطع من اجل اعادة بريقها.

وعن الطريقة التي يتم الحصول على تلك الانتيكات اجاب : هناك اماكن عديدة يمكن الحصول عليها من المحافظات او عن طريق الباعة المتجولين او الهواة او من خلال المسافرين الى البلدان العربية والاجنبية .

وكانت آخر جولاتنا في هذه السوق ،التي تضم الى العديد من المهن القديمة محلًا لصناعة العباءات الرجالية والذي تحدث إلينا قائلا :"تعد العباءة الرجالية زي الرجل العربي وشموخه وكبريائه وهيبته" .

 اشار قاسم المظفر احد اشهر الخياطين للعباءات الرجالية في هذه السوق الى صناعة العباءة الرجالية بواسطة الخيوط المستوردة من (ايران ،الصين ، تركيا ، الهند )،و تكون خيوطها من الحرير والبريسم وتتراوح اسعارها بين (300- 350) الف دينار "،مبينا أن هناك أنواعًا اخرى من الخيوط تتداول حاليا بكثرة في العراق وهو خيط مصنوع من النايلون وله عدة مناشئ .

يذكر أن اغلى انواع الخيوط هي الفرنسية التي يصل سعرها الى 800 دولار ،حتى يصل سعر العباءة المصنوعة منها الى 400 دولار ،اما الخيط الهندي يصل سعره الى  150 دولار .

وأشار المظفر الى ان " افضل الالوان التي يرغب الرجال بشرائها هو (الاصفر ، والاسود ) التي تحاك يدويًا وتكون ذات جودة عالية من الحرير الطبيعي ،اضافة الى انها تحتاج الى جهد كبير في حياكتها ،اما الحياكة الميكانيكية فتجري عن طريق آلات خاصة لهذا الغرض والصوف المستخدم فيها صناعي مخلوط معه بعض النايلون وبالتأكيد تحتاج الى جهد اقل ،وعند مشاهدتها لايمكن التفريق بينها وبين العباءة اليدوية لكن اصحاب الاختصاص والخبرة يستطيعون التمييز بينهما.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأصالة ونفحة الماضي الجميل تتمثلان في سوق  دانيال في بغداد الأصالة ونفحة الماضي الجميل تتمثلان في سوق  دانيال في بغداد



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab