اعترفت أوركسترا ملبورن السيمفونية بارتكاب "خطأ" بإلغاء عرض عازف بيانو مشهور بعد تعليقات أدلى بها بشأن حرب إسرائيل في غزة.وعزف جايسون غيلام يوم الأحد مقطوعة موسيقية يقدمها لأول مرة مدتها خمس دقائق بعنوان "ويتنس - شاهد"، كتبها الملحن كونور دينيتو، وكانت مخصصة للصحفيين في غزة.
وقال غيلام قبل بدء الحفل إن إسرائيل قتلت أكثر من 100 صحفي فلسطيني.
بعد ذلك ألغت أوركسترا ملبورن السيمفونية فقرة عازف البيانو البريطاني الأسترالي من حفل موسيقي كان سيقدمه الخميس، قائلة إنه وضع الأوركسترا في "موقف صعب".
والآن ألغي الحفل الموسيقي بالكامل، الذي كان من المقرر أن يقام في قاعة بلدية ملبورن، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
وتقول أوركسترا ملبورن السيمفونية إنها تحاول إعادة جدولة العرض.
جايسون لويد غيلام
ولد جايسون لويد غيلام عام 1986، وهو عازف بيانو كلاسيكي أسترالي بريطاني، يقيم في لندن. وهو مثلي جنسيا ويدعم مجتمع المثليين ومزدوجي الميول الجنسية، وفي عام 2017 ارتبط رسميا بصديق له يدعى سيد موهاندس ويعيش معه.
وقد نشأ غيلام في كوينزلاند، وبدأ دروس البيانو وهو في الرابعة من عمره. وواصل الدراسة في أستراليا حتى عام 2007 حينما توجه إلى لندن للدراسة في الأكاديمية الملكية للموسيقى، حيث حصل على درجة الماجستير في الموسيقى. وحصل غيلام على عدة جوائز، ووصف موسيقيون عزفه بأنه "يعزف بأناقة أرستقراطية مبسطة".. وأنه "يعزف بيتهوفن بنوع من التوهج".
ويقول غيلام عن الموسيقى: " أنا موسيقي لأنني أومن بقوة الموسيقى - في الشفاء، وربط المشاعر، ونشر الرحمة... أعظم درس تعلمته منها هو التعاطف".
وشارك غيلام في حفلات أقامتها فرق أوركسترا دولية كبيرة، من بينها أوركسترا لندن الفيلهارمونية، وأوركسترا ملبورن السيمفونية، وأوركسترا سيدني السيمفونية، وأوركسترا مونتريال السيمفونية، وغيرها.
كما شارك في مهرجانات عالمية، من بينها مهرجان فيربير، ومهرجان إدنبرة فرينج، ومهرجان ليناري الكلاسيكي (توسكانا)، ومهرجان تو مورس، ومهرجان نورفولك ونورويتش.
ماذا قال غيلام في حفل ملبورن؟
كان جايسون غيلام قد عزف في حفل الأحد، الذي أقيم في قاعة إيواكي في ملبورن مجموعة من الأعمال الأخرى، من بينها مقطوعات لبيتهوفن وشوبان.
وتقول أوركسترا ملبورن السيمفونية إن مقطوعة "ويتنس" أضيفت إلى الفقرة في اللحظة الأخيرة.
وقال غيلام قبل أن يبدأ في عزف مقطوعة ويتنس – بحسب ما ذكره موقع سليب ديسك لأخبار الموسيقى: "على مدى الأشهر العشرة الماضية، قتلت إسرائيل أكثر من 100 صحفي فلسطيني. وقد استهدفت عمليات الاغتيال العديد من الصحفيين البارزين أثناء تنقلهم في سيارات صحفية مميزة أو أثناء ارتدائهم ستراتهم الصحفية".
وقال "إن قتل الصحفيين يعد جريمة حرب في القانون الدولي، ولا يفعل ذلك إلا لمنع توثيق جرائم الحرب وبثها للعالم".
ثم اختتم كلمته قائلا: "بالإضافة إلى دور الصحفيين الذين يشهدون، فإن كلمة شاهد وشهيد في اللغة العربية مشتقتان من جذر واحد".
اعتذار أوركسترا ملبورن
وقالت أوركسترا ملبورن السيمفونية في بيان اعتذاري الخميس: "بينما تؤكد أوركسترا ملبورن السيمفونية أن منصة الحفلات الموسيقية ليست مسرحا مناسبا للتعليق السياسي، فإننا ندرك مخاوف جايسون بشأن أولئك في الشرق الأوسط وأماكن أخرى".
وأضاف البيان: "نحن ندرك قوة مشاعر جميع الأطراف بشأن هذه المسألة ونعترف بشكل خاص بالتفاني والالتزام الذي أظهره جميع موسيقيينا وموظفينا هذا الأسبوع".
وقبل غيلام اعتذار أوركسترا ملبورن السيمفونية. وقال في بيان: "أحترم علاقتي بأوركسترا ملبورن السيمفونية وعازفيها وجمهورها وأتطلع إلى استمرار علاقتنا العملية في السنوات القادمة".
انتقادات
وتسبب قرار أوركسترا ملبورن السيمفونية واعتذارها اللاحق في إثارة ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال المحامي البارز غريغ بارنز إن الإلغاء كان أمرا "مروعا فعلا"، مضيفا لاحقا أن "ما يجعل الفن قويا في الغالب هو أنه سياسي".
وقال الناقد الفني ورئيس أوركسترا سيدني السيمفونية السابق ليو سكوفيلد عن اعتذار أوركسترا ملبورن السيمفونية: "كم كنت أتمنى لو كان غيلام قد أقام حفلة موسيقية في سيدني. لو كان فعل ذلك لحظي بتصفيق حار من المؤيدين المعجبين بشجاعته بقدر إعجابهم بموهبته".
جمع تبرعات للأطفال الفلسطينيين
ولم تكن تعليقات غيلام في ملبورن هي الأولى التي يظهر فيه دعمه للفلسطينيين، إذ سبق له أن شارك مع عدد من الموسيقيين العرب، في حفل موسيقي خيري في كاتدرائية مانشستر لجمع التبرعات لصالح صندوق إغاثة أطفال فلسطين.
وقال في الحفل "إنه لشرف لي أن أؤدي في أحد أكثر العروض المؤثرة وذات المغزى في حياتي في كاتدرائية مانشستر في 4 يونيو/حزيران 2024، التي ساعدت في جمع أكثر من 4000 جنيه إسترليني لصندوق إغاثة أطفال فلسطين".
وأضاف: "يمكن للموسيقى أن تفعل ما لا تستطيع الكلمات قوله. إذ إن لديها القدرة على الوصول إلى دواخلنا واختراق جوهر وجودنا لتحريكنا".
"لقد أمضيت وقتا طويلا في اختيار ذخيرتي الليلة. إن حجم ما شهدناه على مدار الأشهر الثمانية الماضية كبير لدرجة أنه لا يمكن تصوره. وكما قال غاري لينيكر - هذا أسوأ شيء رأيناه في حياتنا".
"أردت أن أجد شيئا يعكس حجم المهمة الأخلاقية والروحية التي تنتظرنا".
عواقب حرب غزة
لقد أصبحت حرب إسرائيل في غزة قضية سياسية متقلبة في أستراليا سعت جميع الأطراف إلى إدارتها بعناية.
وكذلك كان الحال في عدد لا يحصى من البلدان الأخرى، وكانت هناك احتجاجات من الجماعات اليهودية والمسلمة، فضلا عن ارتفاع حاد في معاداة الإسلام ومعاداة السامية.
وقتل مسلحون بقيادة حماس نحو 1200 شخص في هجوم شنوه في 7 أكتوبر/تشرين الأول، واقتادوا 251 آخرين إلى غزة رهائن.
وقد أدى هذا الهجوم إلى شن إسرائيل هجوما عسكريا ضخما على غزة ونشوب الحرب الحالية.
وقُتل في هذا الحرب حتى الآن نحو 40 ألف فلسطيني، بحسب ما تقوله وزارة الصحة في غزة.
و كان من بين هؤلاء، بحسب ما ذكرته لجنة حماية الصحفيين، وهي منظمة مستقلة تعمل على تعزيز حرية الصحافة، 113 صحفيا على الأقل.
قد يُهمك ايضـــــًا :
أرسل تعليقك