إسلام آباد ـ جمال السعدي
تَسببت الأمطار الغَزيرة والرياح العاتية والعَواصف الَرعدية في إلغاء المؤتمر الانتخابي الذي كان يهدف من خلاله نَجم الكِريكيت السابق إستعراض قوته السياسية أملا في أن يصبح رئيس الوزراء الباكستاني القادم.
وعَكف حزب تَحريك إنصاف الباكستاني الذي يَتزعمه عِمران خان، على مدار الأسابيع الماضية لصالح حَشد أعداد ضخمة من أنصاره في مدينة لاهور عاصمة ولاية البنجاب، وهي الولاية التي يعيش فيها الغالبية العظمى من الباكستانيين، وذلك إستعداداً للانتخابات التاريخية الباكستانية المقرر أجراؤها يوم 11 مايو حزيران/آيار المقبل.
إلا أن الأمطار الغزيرة قد هَطلت بغزارة على الحشود المؤيدة للحزب المعارض والتي كانت أعدادها قد تجاوز 100 ألف، وذلك بعد وقت قصير من قيام عِمران خان لإلقاء خطابٍ ينتقد فيه المشاكل العديدة التي تعاني منها باكستان ويَعد فيه باكتساح كافة الأحزاب السياسية الباكستانية المنافسة.
وقد أثارت تلك الأمطار الغزيرة العديد من النكات الهزلية على مواقع التواصل الاجتماعي ووصفت العاصفة الرعدية التي تعرضت لها حملة خان الانتخابية بأنها "تسونامي" لم يكن في الحسبان.
يُذكر أن عمران خان كان دائما ما يستخدم لفظ "تسونامي" في وصف حركته السياسية التي تشكلت في معظمها من الشباب الباكستاني المحبط الذي يَتطلع للتغيير في بلد بات على وشك الإنهيار الإقتصادي ويعاني بشدة من أزمة وقود وطاقة والإرهاب الداخلي.
وقد إندفعت الحشود المتحمسة التي كان أغلبها من الشباب نحو أحد المنتزهات القريبة من مسجد بادشاهي التاريخي في لاهور.
ويقول نديم شاهزاد وهو سائق حافلة، أن العديد من الناس إحتشدوا في ذلك المكان كي يعربوا عن تَبرمهم وسَخطهم على الأحزاب السياسية الرئيسية في باكستان ووصفهم بأنهم مجرد آلات لا هم لها سوى جَمع الأموال وإثراء نفسها.
وكانت تلك الحشود الانتخابية فرصة لعمران خان كي يستعيد من خلالها قوة الدفع والزخم السياسي الذي فقده أمام حزب رابطة باكستان الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق نواز شريف.
وعقد خان مؤتمرا انتخابيا حاشد في لاهور في أواخر عام 2011 إستطاع من خلاله أن يُحدث هَزة ضَخمة في الأوساط السياسية الباكستانية الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى التكهن بأن الفرصة أمام نجم الكريكيت الباكستاني الذي لا يملك في الوقت الراهن أي معقد في البرلمان، قد باتت سانحة لتولي منصب رئيس الوزراء الباكستاني. إلا أن حزب نواز شريف قد رد على ذلك بحملة محمومة شملت مبادرة للنقل العام في لاهور، بهدف إثبات قدرة الحزب على القيام بمشروعات ضخمة في الولاية .
وتشير إستطلاعات الرأي الأخيرة أن نواز شريف هو المرجح لأن يكون زعيم الحزب الأكبر في البلاد حاليا، كما تشير تلك الاستطلاعات عن تقدم حزبه على حزب عمران خان وحزب الشعب الباكستاني الذي يقود الائتلاف الحكومي الحاكم في باكستان منذ عام 2008.
وفي مؤشر آخر على تنامي قوة حزب نواز شريف، قيام العديد من المنشقين على الأحزاب الأخرى بالإنضمام إلى حزبه.
ويقول شاه محمود قريشي نائب رئيس حزب تحريك إنصاف في حديث له مع صحيفة الغارديان البريطانية قبل هبوب العاصفة "أن الساسة يقولون بأننا تراجعنا بسبب تحول البعض ممن يَحظون بقاعدة انتخابية إلى حزب نواز شريف، ولكن حشود اليوم سوف تثبت للجميع بأن المواطن العادي يتطلع في الحقيقة نحو التغيير، إذ أنهم عاشوا تجربة نظام الحزبين على مدى عشرات السنين ولكنهم وللمرة الأولى بات أمامهم خَيار ثالث يتمتع بالحيوية".
يذكر أن الحزب بذل جهودا ضخمة من أجل جذب العديد من الجماهير لحضور المؤتمر الانتخابي المذكور، فقد حَفل مكان التجمع الانتخابي بالعديد من اللافتات والمُلصقات إلى جانب الإعلانات التليفزيونية والإذاعية وقد اشتكى الكثيرون من تلقيهم مكالمات هاتفية مزعجة تحثهم على حضور المؤتمر الانتخابي. و
ويقول المشككون أن شهرة خان وقدرته على جذب الجماهير ليست كافية لمواجهة القوة والقدرة التَنظيمية التي تتمتع بها الأحزاب السياسية الأخرى في باكستان.
وعلى ما يبدو فإن فرص حزب الشعب الباكستاني في البقاء في السلطة قد باتت ضعيفة، ومن المرجح أن يقوم الناخبون بمعاقبته على سجله البائس في السلطة. ومع ذلك فقد ينجح في استغلال الرغبة في تحدي العقوبات الأميركية بصفقة بناء خط أنابيب للغاز يمتد من إيران في الأيام الأخيرة من حكمه.
ويقول زيان شايرازي وهو مهندس ميكانيكي شاب بأن خط الأنابيب شي عظيم ولكن لن يجد الحزب أحداً يشكره على ذلك فقد كان أمامه خمس سنوات لكي يقوم بإنجازه ولكنه يحاول أن يقوم به في إيام الأخيرة بالحكم في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من نقص الطاقة.
أرسل تعليقك