السوريون يعيشون على فتات الخبز والدم بعد قصف المخابز
آخر تحديث GMT20:49:07
 عمان اليوم -

السوريون يعيشون على فتات الخبز والدم بعد قصف المخابز

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - السوريون يعيشون على فتات الخبز والدم بعد قصف المخابز

دمشق ـ جورج الشامي

تحول رغيف الخبز إلى حلم بالنسبة للسوريين في الآونة الأخيرة، فمع شح مادة الطحين عمومًا، وغيابها عن بعض الأفران في بعض الحالات، أصبح الخبز مادة صعبة المنال لمعظم السوريين، لتصل طوابير الانتظار للحصول على هذه المادة إلى 4 كيلو مترًا في بعض الأحيان. ويروي أحد المواطنين في دمشق، رحلة وقوفه أكثر من 10 ساعات للحصول على ربطة خبز واحدة، حتى أصبح للخبز سوقًا سوداء، ووصل سعر الربطة الواحدة في حلب مثلاً إلى 300 ليرة سورية (نحو 3 دولار)، فيما وصل سعرها في دمشق إلى 200 ليرة سورية (ما يعادل دولارين)، في الوقت الذي يبلغ سعرها العادي وفقًا للدولة 15 ليرة سورية (نحو 15 سنت)، حسبما ذكرت التنسيقيات المحلية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالانتظار وشحّ المادة وغلاء سعرها، قد يكون محمولاً، وأمر لا مفر منه بالنسبة للسوريين في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد، ولكن في الآونة الأخيرة ارتبط رغيف الخبز بالدم، لتصبح يوميات المواطن السوري هي يوميات الخبز والدم، حيث قامت الحكومة السورية بقصف عدد من المخابز وتفجير عدد آخر في مختلف المحافظات السورية، وبخاصة في حلب وريف دمشق وريف حماة، وأدت إلى مجازر ضخمة، حتى قامت الهيئة العامة للثورة السورية بتسمية أحد الجمع بـ"جمعة الخبز بالدم"، في إشارة لاستهداف المخابز المستمر منذ انطلاق الثورة السورية. وتقول لجان التنسيق في سورية، أن الحكومة منذ انطلاق الثورة في آذار/مارس 2011، قصفت عددًا كبيرًا من المخابز في ساعات الذروة، مما أسفر عن وقوع مجازر هائلة في صفوف المدنين، حيث قدر مراقبون أن عدد المخابز التي قام بقصفها الجيش السوري في 22 شهرًا تزيد عن 60 مخبزًا، فيما يُقدر عدد القتلى بأكثر من ألف سوري. وتوثق اللجان المحلية بعض مع هذه المجازر، في تقرير نشرته أخيرًا، جاء فيه: كانت أضخم المجازر الناتجة عن قصف القوات الحكومية للمخابز في مدينة حلفايا في ريف حماة، راح ضحيتها 300 مدني في 23 كانون الأول/ديسمبر 2012، في حين قُتل 15 سوريًا، بينهم 10 أطفال وعدد من النساء، في قصف أحد مخابز تلبيسة في حمص، وكذلك سقط 24 قتيلاً في قصف مخبز في بلدة البصيرة في ريف دير الزور. في السياق ذاته، سجلت منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس وتش"، "قصف الجيش السوري لعشرة مخابز في حلب في العام 2012، أكثرها بشاعةً عملية قتل جماعي أمام مخبز يُسمى (فرن الذرة) في حي قاضي عسكر، في مدينة حلب في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2012"، موضحة أن "الهجمات التي قامت بها القوات الحكومية كانت إما متعمدة أو كانت تتم من دون اهتمام، بتفادي مئات المدنيين الذين اضطروا للاصطفاف أمام عدد متناقص من المخابز في أكبر مدينة سورية، والتي أصبحت من خطوط الجبهة في الصراع السوري، وأن أقل ما يُقال أن الهجمات عشوائية ومستهترة، ويشير نمط وأعداد الهجمات إلى أن القوات الحكومية تستهدف المدنيين، والهجمات العشوائية المستهترة وكذلك الهجمات المتعمدة كلاهما من جرائم الحرب". وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه "في خمسة من الحالات التي حققت بها، لم يكن هناك هدف عسكري قرب المخابز سوى عدد محدود من المقاتلين الذين كانوا يحفظون النظام بطوابير الخبز، مما يعني أن هذه المناطق كانت أهدافًا مدنية بوضوح". وقد أجبر نقص المواد الغذائية في حلب الكثير من المخابز على إغلاق أبوابها، مما يؤدي إلى تكون صفوف طويلة للحصول على الخبز مما تبقى منها، وقال أولي سولفانج الباحث في هيومن رايتس ووتش الذي زار حلب "يومًا بعد يوم يصطف سكان حلب للحصول على الخبز لأسرهم، وبدلاً من ذلك تخترق الشظايا أجسامهم من القنابل والقذائف الحكومية، فعشر هجمات على المخابز ليست عشوائية، إنها تظهر لا مبالاة بالمدنيين وتشير بقوة إلى محاولة استهدافهم"، مضيفًا أن "كل طيار تعمد إطلاق صاروخ على طابور للمدنيين ينتظرون الحصول على الخبز، وكل قائد يعطي مثل هذا الأمر يجب أن يحاكم على تلك الجرائم". وقد تجدد ضرب المخابز السورية مطلع عام 2013، فسقط قتيل وعدد من جراء القصف على أحد المخابز في مخيم الحسينة في بداية العام، فيما كانت آخر الضربات قبل أيام في مدينة سقبا في ريف دمشق، حيث استهدفت طائرة ميغ تابعة للقوات السورية المخبز الآلي في المدينة، وأسفر عنها سقوط العشرات بين قتلى وجرحى، وفي ظل هذه المعطيات توجه السوريون إلى حلول بديلة، كان أبرزها في حمص، حيث نقل لنا أحد الناشطين أن "معظم أهالي المدينة توجهوا إلى صناعة الخبز في المنازل، وقال في حديثه إلى "العرب اليوم"، أن الكثير من الأسر لجأت إلى صناعة الخبز في أفران المنازل، أو إلى استخدام خبز الصاج. وفي دمشق رغم عدم حصول أي حوادث مشابه للريق الدمشقي أو لباقي المحافظات في قصف المخابز، فإن معظم أهالي المدينة اتخذوا احتياطات كثيرة، حيث يقول أحد المواطنين لـ"العرب اليوم": أصبحت أشتري الخبز من السوق السوداء، في بعض الأحيان بـ50 ليرة، وفي أحيان أخرى بـ200 ليرة، وذلك وفقًا للضغط على المخابز، ولتوفر مادة الطحين، فالخبز أصبح كالبورصة كل يوم بسعر، أما في الريف الدمشقي مع تزايد الضربات الجوية والنقص الحاد في مادة الطحين، فأغلقت معظم المخابز أبوابها، وتوجه سكان هذه المناطق إلى المدينة للحصول على حاجاتهم. ويؤكد أحد أعضاء الهيئة العامة للثورة السورية في حلب لـ"العرب اليوم"، "حاولنا تنظيم عملية الحصول على الخبز، وبخاصة في المناطق المحررة، فالجيش الحر أصبح يقوم بحراسة المخابز، توجسًا لأي ضربة جوية، كما قام الناشطون بتنظيم الطوابير تفاديًا للازدحام، وأنشئنا لجان خاصة لمراقبة الأفران في ما يتعلق بالأسعار والجودة، ولكن الأمر مختلفًا في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة السورية، فالخبز مادة نادرة، ويصل سعرها أحيانًا في السوق إلى أكثر من 300 ليرة. وحلّت مشاكل الخبز أيضًا في الشمال السوري، وبخاصة في ريف إدلب وريف دير الزور، وبخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، وينقل لنا المواطنين هناك أن "سعر الربطة أصبح ثابتًا ولا تلاعب بالطحين، كما أن تواجد الجيش الحر، وحصوله أخيرًا على مضادات الطيران من المطارات الحكومية التي استولى عليها، ساهمت في زيادة الأمن على الأفران، كما أن الناشطين يتابعون بشكل يومي كل ما يتعلق بهذه المادة، ويذللون العقابات بالنسبة للمواطنين. فيما يقول شهود عيان من مدينة الرقة، إن "أزمة خبز خانقة تجتاح المدينة، وأن تلك الأزمة هي الأخطر عن بقية المحافظات السورية التي تعاني المشكلة ذاتها، وذلك لكثرة عدد اللاجئين في المدينة وقلة حصة الطحين المخصصة للأفران، وأن الأجهزة الأمنية تقوم بنهب مخصصات المحافظة من الطحين والوقود وتحويلها إلى محافظات ثانية، فيما تقوم النساء بالوقوف على أبواب الأفران خوفًا على أولادهم من الاعتقال أو الضرب من قبل الأجهزة الأمنية".

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السوريون يعيشون على فتات الخبز والدم بعد قصف المخابز السوريون يعيشون على فتات الخبز والدم بعد قصف المخابز



GMT 20:00 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا لن تغير سياستها بشأن نقل الأسلحة إلى إسرائيل

GMT 20:08 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مكتب نتنياهو يواجه 5 قضايا بعضها قيد التحقيق

GMT 07:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

4 صور أيقونية تخدم دونالد ترامب في كسب ثقة الناخبين

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:12 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 عمان اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 عمان اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 20:22 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 عمان اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 20:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن
 عمان اليوم - أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab