تمثل سائقة الراليات الصحراوية دانية عقيل، إحدى الأيقونات السعودية في هذه الرياضة الجامحة، بعد أن شقت طريقها بنجاح إلى إنجازات دولية تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، قدرة المرأة السعودية على خوض غمار أكثر الرياضات شراسة وصعوبة، عطفاً على تألقها في ألعاب أخرى لا حصر لها.
وكانت دانية عقيل تمكنت من تحطيم الحواجز وتسجيل التألق في هذا المجال التقني المهيب، بوصفها أول سعودية وعربية وعالمية تحقق بطولة كأس العالم للراليات الصحراوية «الباها»، وأول سعودية تحصل على رخصة سباق الدراجات النارية صادرة عن الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية.
وتروي دانية عقيل لـ«الشرق الأوسط» قصة تحديها وتفوقها في عالم رالي السيارات، وتقول: «لم تكن أنوثتي في يوم من الأيام حاجزاً أمام دخولي عالم الدراجات النارية والراليات، فقوانين السباقات في الدول الخليجية وجميع الدول مفتوحة لمشاركة النساء، ومحبتي لهذه الرياضة كانت دافعاً أساسياً للمشاركة في سباقات الإمارات والبحرين والسعودية».
وتقول عقيل إن مشاركتها في كأس العالم لـ«الباها» طورتها كثيراً في الرياضة، فالجولات التي خاضتها في 3 دول أوروبية ودولتين في الشرق الأوسط، والطريقة التي تقود بها مركبتها مع اختلاف تضاريس ومناخ كل دولة، طور من أدائها في قيادة المركبة والتحكم فيها، «أما البطولة السعودية فكانت ممتعة ومفيدة» لتجهيزها لـ«رالي داكار» الكبير الذي يقام في السعودية كل عام.
وتواصل دانية حديثها: «هذه الرياضة تحتاج إلى لياقة بدنية وذهنية وتركيز عالٍ جداً لمدة طويلة، فنحن نقطع مسافات طويلة، فمثلاً في سباق كأس العالم لـ(الباها) نقطع مسافات تحت 2000 كيلومتر على مدار 4 أيام، وفي (رالي دكار) تكون بين 4500 و5000 كيلومتر على مدار أسبوعين، مع التأكيد على أن قوة السيارات والآلات هي الأساس، والقوة الجسدية والذهنية تساعد في التحكم في المركبة».
وعن المواقف الخطرة التي تعرضت لها دانية في مسيرتها الرياضية، تقول: «مررت بكثير من المواقف الخطرة التي غيرت وجهة نظري، وجعلتني أتعامل بتركيز أكثر مع هذه الرياضة، وأتعلم قيمة الهدوء في الممارسة واتخاذ القرارات السريعة».
وتعدّ دانية عقيل مصدر إلهام للنساء اللاتي يسعين للمشاركة في رالي السيارات؛ فعزمها وتصميمها يؤكدان أن «الحلم حق مشروع لمن أراد تحقيقه»، وتقول للفتيات الراغبات في دخول هذا المجال إن «الشغف وحب الاستكشاف والمغامرة عوامل مهمة لدخول عالم رياضة السيارات، كما أن الإرادة والإصرار كفيلان بالتغلب على أي عقبة»، مشيرة إلى أن «الصبر هو مفتاح الوصول للنجاح».
ومن خلال التفاني والإصرار، استطاعت دانية عقيل تحقيق نجاحات مذهلة في رالي السيارات، وانطلقت في سلسلة من السباقات المحلية والدولية، وحققت كثيراً من الانتصارات البارزة والتنافس على المستوى العالمي.
ومؤخراً، نجحت دانية عقيل في التألق من جديد واحتلال المركز الثالث في الترتيب العام لفئة «تي3» ضمن بطولة العالم لراليات «الباها» لعام 2023. ولم تكن الطريق سهلة بالنسبة إليها، فقد واجهت كثيراً من التحديات والمخاطر؛ بما في ذلك الظروف الجوية القاسية والتضاريس الطبيعية الصعبة. ومع ذلك، استطاعت التفوق وتحقيق نتائج بفضل مهاراتها الاستثنائية في القيادة والتصميم الاستراتيجي.
ودانية عقيل من مواليد مدينة جدة (غرب السعودية)، وذهبت إلى بريطانيا في عمر 14 سنة وأكملت دراستها هناك، واعتادت قيادة السيارات في عمر صغير، وحصلت على الرخصة في عام 2006، ومكنها شغفها وحبها قيادة الدراجات النارية من حصولها على رخصة الدراجات النارية على الطريق العامة في 2016، لتصبح في عام 2019 أول امرأة سعودية تحصل على رخصة منافسة وطنية لسباق الدراجات النارية صادرة عن الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات.
وشاركت دانية عقيل في بطولة الإمارات للدراجات النارية السريعة في الحلبة لتحرز حينها جائزة العام لـ«أفضل رياضي صاعد»، وخلال خوضها سباق بطولة «بي إم آر 600» في البحرين تعرضت لحادث أبعدها عن السباقات لفترة، وبعد تعافيها عادت دانية لعالم الراليات، لتصبح أول امرأة سعودية تشارك في بطولة دولية للراليات وأول امرأة على الصعيد العالمي تفوز بلقب كأس العالم ضمن فئة «تي3» في 2021، وفي عام 2022 أصبحت أول امرأة سعودية تخوض غمار «رالي داكار» وأول امرأة عربية في التاريخ تحقق أحد المراكز العشرة الأولى.
ويمثل نجاح دانية في عالم رالي السيارات قصة حافلة بالتفاني والشجاعة والتحدي، ويسلط الضوء على العزم والموهبة اللتين تمتلكهما النساء في هذا المجال، ويعزز المساواة بين الجنسين، ويلهم الأخريات متابعة أحلامهن وتحقيق النجاح في سباقات السيارات وغيرها من الرياضات.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
اتحاد السيارات يفتح باب التسجيل لرالي حائل 2016م
مشاركة سعودية في تنظيم بطولة العالم للسيارات في البحرين
أرسل تعليقك