نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

تحاول جاهدة تغيير الواقع المصري

نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة

نوال السعداوي
القاهرة - مصطفى فرماوي

تعيش الكاتبة المصرية والمناصرة لحقوق النساء نوال السعداوي في الطابق الـ26 من برج بُني في التسعينيات، إلا أنه يبدو أكبر من ذلك، يبعد حوالي نصف ساعة عن ميدان التحرير.
وتحب السعداوي مكان إقامتها في شبرا، حيث يعيش ابناها بالقرب منها، ويتميز الحي الذي يقطنه الأقباط بالتنوع والتميز، وتشعر بالأمان للمرة الأولي منذ سنين، وتعتقد أن الثورة أتت لتحمي العديد من الكتاب مثلها وتقول "أنا محاطة بالشباب ليلًا ونهارًا، الآلاف منهم، الحكومة تخاف من الشباب، وبالتالي فهم لن يتعرضوا لي لأنهم يعرفون أنني محاطة بالشباب".

نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة

وقالت ملوحة بيدها تجاه الكتب: "لا، أنا لست غنية، لا حقوق للطبع، ولا نكتب من أجل المال، طالما صرفت أنا على الناشرين، وبالرغم من أني فقيرة، لكني أملك شقة ومكيفًا للهواء، فيما بعض الناس في مصر يعيشون في المقابر".
وترى السعداوي على غرار العديد من اليساريين والمثقفين كبار السن الذين شاركوا في ثورة يناير أن الجنرال السيسي فعل ما لم يفعله مبارك ولا السادات وهو التخلص من جماعة الإخوان المسلمين.

ورغم أن الكاتبة المصرية المثيرة للجدل أرادت التخلص من مبارك لكنها تعتبر الانتخابات التي جاءت بعد سقوطه انتخابات غير حرة وغير نزيهة، وتعتبر أن مرسي والإخوان المسلمين وصلوا إلى السلطة بمساعدة واشنطن ولندن، وتعتمد السعداوي في تكون وجهة نظرها على خلفيتها الماركسية ونظرتها المريبة تجاه الامبريالية.
وأكدت "لست سعيدة برؤية مرسي في السجن، أنا ضد السجن، ولكني مسرورة بأن الشعب المصري بمساعدة الجيش استطاع التخلص منه، أما بالنسبة للسيسي، فهو مؤقت، وأنا لا أؤمن بالأفراد، الشعب هو من يقرر إذا ما فعل لصالحهم أم لا؟، واذا تصرف مثل مبارك، فعليه أن يتنحى".
وتتمتع السعداوي بمكانة عالية على الصعيد المحلي في مصر حيث تحظى كتبها باللغتين العربية والانجليزية باهتمام الشباب ويناقشونها في العديد من المناسبات، وعلى الصعيد العربي والعالمي، فقد تلقت ومازالت العديد من الجوائز في مجال دعمها لحقوق النساء، وتكتب معظم رواياتها من قصص حقيقة كراوية "نساء من منطقة الصفر" التي تتحدث عن امرأة تتعرض لاعتداء جنسي وتنتظر تنفيذ حكم بالإعدام في سجن القاهرة.
وتشتهر السعداوي بآرائها ونظرتها المثير للجدل فيما يتعلق بواقع المرأة في المجتمع العربي وتحديدا من المنظور الجنسي والعائلي ، وتعارض السعداوي الحجاب بشدة وتنتقد الدين علانية وفي كل مكان ومناسبة.
وعلقت على أحداث التدافع الأخيرة في موسم الحج قائلة ، لماذا يحتاج الناس لرجم الشيطان؟ ولماذا يحتاجون لتقبيل الحجر الأسود؟ لا أحد يتحدث عن هذا ، لماذا هذا التقاعس في انتقاد الدين؟.

وأضافت "الدين تجسيد للعنصرية ، فالناس يقتلون لأنهم لا يصلون للرب الصحيح ، هؤلاء الفتيات اللواتي ينضممن لداعش مثال للشباب الفقير والعاطلين عن العمل والمهمشين والجهلة ويلعب في عقولهم كل الهراء الذي يقرؤونه عن الاسلام ، وما يسمى المساواة بين المرأة والرجل في الاسلام".
وتنحدر السعداوي المولودة عام 1931 من أسرة معقدة من قرية كفر طلحة شمالي القاهرة، وهي الثانية لتسع أخوة آخرين، والدها ينحدر من عائلة فلاحة صرفت كثيرًا على تعليمه الذي تخرج وعمل موظفا في الحكومة ، فيما والدتها تنحدر من أسرة برجوازية نسبيا حيث درست في المدارس الفرنسية وتعلمت ركوب الخيل والعزف على البيانو ، وتزوج والدها الذي يبلغ من العمر 30 سنة ووالدتها التي تبلغ من العمر 15 سنة وأنجبا ولدا ثم نوال ، وبطبيعة الحال فضلا الولد عليها ولكنهما ركزا على تعلميهما عندما أظهر أخوها الاكبر عدم اهتمام بالتعليم ، وأراد والدها تزويجها وهي في العاشرة من عمرها ولكنها رفضت ووقفت والدتها بجانبها.
وأرادت نوال أن تكون راقصة فقد أحبت الموسيقى وكانت جميلة ، ولكن والدها لم يتحمل كلفة شراء بيانو ، بالتالي صرفت اهتمامها الى القراء والكتابة ، فلم تحب الأطباء ولم تكن تود أن تدرس الطب ، وفازت بمنحة  لدراسة الطب بعد أن حصلت على المركز الأول في صفها في الثانوية العامة لتدرس جامعة القاهرة ، وتخرجت كطبيبة نفسية في عام 1955.
وعملت كطبيبة في مسقط رأسها ، وفي عام 1972 كتبت أول كتبها وهو "النساء والجنس" وهو واحد من سلسلة انتقدت فيها عادات المجتمع المصري مثل ختان النساء والطقوس الوحشية للتأكد من عذرية المرأة عند الزواج ، وطردت على أثره من سلك الصحة.

وتزوجت زوجها الأول والذي كان زميل لها في كلية الطيب وأنجبت منه ابنتها الأولى ، ورفض والدها هذا الزواج لأن زوجها حارب في السويس ضد البريطانيين وأثرت هذه التجربة على حياته وحطمته و جعلته مدمنا، واعتقدت أنها اذا تزوجته سيقلع، ولكنه لم يفعل وقد حاول قتلها مرة فتركته.
وكان زوجها الثاني رجل قانون ، ذو شخصية مسيطرة ولم تكن هي تصلح لدور الزوجة لذلك تطلقا ، وتزوجت للمرة الثالثة من شريف حتاتة وعاشت معه لمدة 43 عاما وأنجبت منه ابنها وكان ماركسيا يدعم حقوق النساء ، ولكنها طلقته عندما اكتشفت أنه كاذب ولديه علاقات نسائية أخرى ووصفته قائلة " كتب كتابا حول المساواة بين الجنسين ، ثم ذهب لخيانة زوجته ، خمسة وتسعين بالمائة من الرجال هم من هذه الشاكلة".

ولم تمنعها تعقيدات حياتها عن الكتابة واستمرت في نشر روايتها ، فيما واصلت السلطات الرسمية ازعاجها وتعقيد حياتها ، وفي عام 1981 أثناء كتابتها لإحدى رواياتها في شقتها القديمة بالجيزة ، اقتحمت شقتها الشرطة واعتقلتها بعد أن أمر السادات باعتقال 1000 معارض .
وزجت بالسجن مع 12 امرأة أخرها منهن الماركسيات والاسلاميات اللواتي كن يبكين طوال الوقت معتقدات أن السادات سيعدمهن جميعا ، فيما السعداوي الواثقة من نفسها حاولت الاستفادة من وقتها في المعتقل وقامت بكتابة مذكراتها على ورق التواليت.
وتتحدث عن تلك الفترة قائلة " كنت واثقة أن كل شيء سيكون على ما يرام ، وفي السادس من أكتوبر من ذات العام اغتيل السادات ، وعند علمنا بالأمر عمت الفرحة أرجاء المعتقل لدرجة أن الماركسيات صلين والإسلاميات رقصن."

وبعد أسابيع ، استطاعت نوال بصحبة وفد مكون من عشرين شخصا آخرين من ضمنهم امرأتين مقابلة الرئيس مبارك . وتقول " كنت أظن أنهم ينقلوننا الى سجن أخر ، فلم يخبرونا أين يأخذونا ، وإذا بنا في قصر الرئاسة أمام مبارك ، الذي جلس وتحدث معنا لساعتين ، ولكني كنت غاضبة جدا ، وقلت أنني سأقاضي الحكومة ، فانتم لا تستطيعون سجن شخص ثلاث أشهر بدون جريمة ، شخص لا يعرف أي شئ عن زوجه وأولاده ، وإبقائنا في ظروف لا تتحملها الحيوانات ، ثم تطلقون سراحنا ، لا يجب أن تحاسبوا ، وكنت المسجون الوحيد الذي رفع دعوى ضد الحكومة و كسبت الدعوة و تعويض بملايين الدولارات بالرغم من أنني لم أرى دولارا واحدا منها."
واستمرت نوال بحياتها وأنشطتها كما السابق ولم تدع هذا الحدث يخيفها أو يثنيها عن سعيها ، فيما لم تتوقف الحكومة عن ملاحقتها ومنع اعمالها ، وحرضوا عليها الاسلاميين ليقتلوها بسبب آرائها المعادية للدين.

ولم يكن لدي نوال خيار الا ترك بلادها ، وقضت السنوات التالية من عمرها تدرس في جامعات أوروبا وأمريكا ، ولكنها لم تستطيع البقاء في المنفى لوقت طويل ففي 1996 عادت الى البلاد ، وعادت لتمارس نشاطها المعادي للحكومة وللرئيس مبارك ولكن هذه المرة أقوى فقد كانت معروفة أكثر للناس.
وطالما شعرت السعداوي أو الوضع لن يبقى على حالة في مصر ، وأن الناس لن تسكت كثيرا على حكم مبارك ، فأتت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتبعث الأمل مرة أخرى للمصرين. وبالرغم من بلوغها الثلاثة والثمانين عامًا ما زالت نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة من السياسة للدين للمجتمع لواقع المرأة وتحاول جاهدة أن تعلي الصوت في سبيل تغيير هذا الواقع.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة نوال السعداوي مصرة على كل مواقفها في الحياة



GMT 20:21 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيل هاشم صديق شاعر الثورة وصوت الإبداع السوداني

GMT 10:06 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر بتطوان

GMT 16:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غارة إسرائيلية قرب موقع بعلبك الأثري يعود لآلاف السنين

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab