رحل المناصرة عزّ فلسطين والعرب وكفّناه بالأخضر مع جفرا
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

رحل المناصرة عزّ فلسطين والعرب و"كفّناه بالأخضر" مع "جفرا"

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - رحل المناصرة عزّ فلسطين والعرب و"كفّناه بالأخضر" مع "جفرا"

الصحافي أحمد حازم والراحل عزالدين المناصرة
القدس - عمان اليوم

الثقافة العربية لبست ثوب الحزن على أحد أهمّ الشّعراء العرب من المحيط للخليج. رحل آخر من بقي من الأربعة الكبار في الشعر الفلسطيني. اشتاق إلى إخوته في النضال ( محمود درويش، توفيق زياد وسميح القاسم) فذهب إليهم.آه ما أصعب فراقك يا أبا كرمل آخر مرة التقيتك بها كان على مائدة غداء في مطعم البستان في عمان، أحضرت لك معي ما طلبته مني وبإلحاح "حبتين رمان كفر كنا".. هل تذكر يا أبا كرمل ما قلت لي:

" أنا سعيد الآن" ثم قبّلت حبتي الرمان!" ما أروعك، وما أكثرك إخلاصاً ووفاءً لوطنك.كنت تفضل دائماً أن نجلس تحت أربعة عيون لنتحدث كما نشاء، إن كان ذلك في بيتك أو في أي مكان عام آخر، كنا نتحدث عن السّاسة وفسادهم وانحطاطهم وعن أتباعهم من شياطين الثقافة المنتفعين من جروح الوطن.كنا نتبادل الهمّ الفلسطيني، ونغربل أفعال من يسميهم الناس قادة.كنت تقول لي دائماً:"حرام هاي الناس توكل من "عنب الخليل" الذي عشقته فنظمت فيه شعراً، لم تنس "جفرا" فرحلت أنت وبقيت هي .

التقيتك يا أبا كرمل في بيروت والجزائر والقاهرة وعمان وبرلين وصوفيا، وفي كل مرة كنت أجد فيك شاعراً من نوع آخر، شاعراً مميزا تتمنى الكلمات لو يصنع منها عز شعراً. أنت يا أبا كرمل ليس فقط عزّ الدين إنما عز العرب أيضاً، أنت عزّ لكل عربي عنده كرامة وعنده ضمير متصل وليس مستتراً.قلت لي ذات مرة بعد ندوة شعرية لك في الجزائر دعوتني إليها:" أوصيك يا أحمد بفلسطين" فقلت لك مازحاً:" ليش بتوصيني .. حاسس حالك بدك تموت"... فابتسمت وأجبتني يشموخ الكبار المخلصين:" يا ريت يا أحمد أموت في فلسطين". ما أروع كلماتك وما أقوى معانيها.

الآن جاء دور جنازتك لنقول: "بالأخضر كفناه" لمن سيغني مارسيل خليفة بعد اليوم؟ يا صديقي العزيز عزّ: أنا الذي فهمتك جيداً لأني عرفتك عن قرب.. وعلى الرغم من ذلك قلت لي: " لن يفهمني سوى غصن الزيتون" نسبة لديوان لك.وإذا كان غيرك من الشعراء يفتخرون بشعرهم الغزلي أو بحب "سلمى" أو "ريتا" فأنت كنت أعلى من هذا المستوى وفضلت نظم شعر وطني نقي بمفردات تخص الوطن وأصدرت مجموعات شعرية وطنية مثل: "يا عنب الخليل" و"جفرا" و"بالأخضر كفنّاه" و"لا سقف للسماء" و "يتوهج كنعان" إلى جانب عدد من الكتب النقدية والفكرية.

قالوا عنك أنك حملت قضية شعبك من جذورها وزرعتها في صدره لتكون فلسطين على امتداد وجعها وخارطتها الأم يقينه الأوحد، لكنهم لم يقولوا أنك بقيت خارج حدود أصحاب القرار وفضلت أن لا يتلوث شعرك بدسائسهم.كم أنت كبير يا أبا كرمل عندما قلت لي في بيتك في عمّان:" هؤلاء كالفحم، إذا اقتربت أنت منهم وسخوك وإذا هم اقتربوا منك وسخوك". آه ما أروعك يا أبا كرمل عندما قلت لي أيضا في اللقاء نفسه: " أنا يا أحمد لا أريد مناصب ولا أريد رضى الحاكم بل رضى شعبي".

نعم، صديقي العزيز الوفي عزّ العرب، أنت في القمة عند شعبك الفلسطيني وباقي الشعب العربي أيضاً، فمقالات وأخبار الرثاء امتلأت بها الصحافة الفلسطينية والعربية، حتى أن إذاعات أوروبية اهتمت بخبر رحيلك أيها الراحل عنا جسدياً.رحلت يا أبا كرمل وأنت تحمل وعداً منك لي بكتابة مقدمة روايتي "مفتاح أبو ابراهيم" التي ستصدر هذا العام. قلت لي بالحرف الواحد:" بتيجي لعندي في عمان وبعطيك المقدمة".لكنك رحلت قبل مجيئي... كم ألوم نفسي الآن وكم يؤنبني ضميري لأني لم أسرع في الذهاب لعندك، لقد يتّمت الشعر الأصيل يا أبا كرمل، وأصبحنا نعيش مرغمين على ذكراك بعد اليوم .

رحمك الله صديقي واسكنك فسيح جنانه.

قد يهمك أيضَا :

إصدار "سيد المفاتيح" مجموعة قصصية للقاص حسين المناصرة

"الشارقة للكتاب" يُبرز دور الأدب في بناء جسور التواصل بين الثقافة العربية واليابانية

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحل المناصرة عزّ فلسطين والعرب وكفّناه بالأخضر مع جفرا رحل المناصرة عزّ فلسطين والعرب وكفّناه بالأخضر مع جفرا



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab