القدس - عمان اليوم
تعلوه قبة حجرية جميلة مزخرفة بزخارف نباتية، يتميز بفنون معمارية مملوكية تكتسي بحجارة ملونة مبهرة متداخلة في بنائه، ذات رمز مقدسي وإرث تاريخي وأثري عريق ولافت يقصده رواد المسجد الأقصى المبارك للارتواء من مياهه العذبة. إنه "سبيل قايتباي" أحد أجمل وأهم الأسبلة التاريخية في المسجد الأقصى، الذي يقع مقابل باب المطهرة، بين الباب والطرف الغربي لصحن قبة الصخرة في الساحات الغربية للمسجد، حتى قيل إنه السبيل الوحيد من نوعه في فلسطين. ويحتوي المسجد الأقصى على عدد من الأسبلة والآبار، التي حرص المسلمون على توفير مياه الشرب والطهور فيها، لذلك تم حفر الآبار وإنشاء الصهاريج والأسبلة داخل المسجد في الساحات المكشوفة لتخزين مياه الأمطار.
وبنيت هذه الأسبلة لتخدم أهل القدس وزوار المسجد الأقصى، وتمدّهم بالماء العذب، بحيث يتم استخدامها للشرب والوضوء.
ويعود إنشاء أسبلة الأقصى إلى العصرين الأيوبي والمملوكي، وجدد كثير منها أو استحدث في العصر العثماني بأمر من السلطان سليمان القانوني (926-974 للهجرة/1520-1566 للميلاد) الذي تميز عهده ببنائها. ويعد "سبيل قايتباي" من أهم الأسبلة في ساحات الأقصى، لما يُميزه من ضخامة بالحجم وجمال في البناء والرسم والنقش، إضافة لموقعه المتميز أمام باب المطهرة، كما يقول نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات. "وبُني السبيل فوق الطرف الشمالي الغربي لمصطبة واسعة تحمل نفس الاسم، ولها محراب في الجهة الجنوبية، بناه الملك سيف الدين أينال عام 1455، ثم هُدِم ولم يتبق منه شيء سوى البئر، وفي عام 1482، أقامه السلطان قايتباي، وزين قبته بزخارف إسلامية فأصبح تحفة فنية معمارية رائعة تُزين ساحات الأقصى"، يضيف بكيرات وفي عام 1882، أعاد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ترميم السبيل وجعل فيه بوابة من الجهة الشرقية، نُقشت على واجهاته الأربع كتابات وآيات قرآنية كثيرة.
ويوجد تحت السبيل والمصطبة بئر كبير عامر بالمياه، يمتد حتى ما تحت الرواق الغربي للأقصى، بطول 28 مترًا، وعرضها ستة أمتار وعمقها 11.5 مترًا. ولم يكن سبيل قايتباي بعيدًا عن انتهاكات الاحتلال واعتداءاته، التي تطال المسجد الأقصى بشكل عام، وصولًا إلى التهويد وطمس المعالم الإسلامية والتاريخية وتغيير هويتها. ويوضح بكيرات أن بئر قايتباي تعرض عام 1981، إلى حفريات إسرائيلية تم اكتشافها في الجهة الغربية، وتم من خلالها فتح فتحة وشفط جميع المياه في البئر، ووضع عمال الاحتلال أسفله الإسمنت وأجروا عمليات حفر حتى وصلوا إلى الدرج الذي يصعد لصحن قبة الصخرة. ويضيف أن المسلمين احتجوا على ذلك، وعلى إثرها قامت لجنة الإعمار في دائرة الأوقاف بإغلاق تلك الفتحة، ومنذ ذلك الوقت يتم تفقد المياه فيها. ويشير إلى أن سبيل قايتباي ظل شبه معطل حتى عام 1996، وبعدها قمنا بإعماره، وتم وضع ثلاجة مياه داخله تعمل على مدار الساعة، وكذلك وضع عدة صنابير مياه على ثلاث جهات، بحيث يقوم أحد المتطوعين بتنظيف الأحواض ومتابعة المياه. وكانت مجموعات يهودية متطرفة ادعت أن "مياه سبيل قايتباي من مياه الهيكل، وأن الشرب منه يعني نيل الطهر والبركة"، لكنها ادعاءات باطلة، كما يؤكد بكيرات.
ويؤكد أن السبيل بقي عامرًا بالمياه، شاهدًا على حضارة وقدسية المدينة، شامخًا عاليًا حتى اليوم في مواجهة استفزازات المستوطنين المتطرفين الذين يتعمدون التجمع عند باب المطهرة قبالة السبيل ينظرون إلى قبة الصخرة، ويحاولون الشرب من مياهه، في تعد واضح على السبيل. وفي أغسطس/ آب الماضي، انتهت لجنة الإعمار في المسجد الأقصى من ترميم قبة السبيل بعد تعطيل الاحتلال الأعمال فيه لسنوات. ويقول الخبير في شؤون القدس جمال عمرو إن سبيل قايتباي يعتبر فريد من نوعه في البناء والشكل الهندسي، ويتميز بقبة رائعة ومميزة، تُزين ساحات الأقصى. ويوضح أن السبيل يقع ضمن أطماع الاحتلال ومستوطنيه، واستهدافه المتواصل لكل معالم الأقصى، وهويته الإسلامية، وكان تعرض للحفريات، ومُنع من الترميم لسنوات. ويشير عمرو إلى أن سلطات الاحتلال تعيق كافة أعمال الترميم والصيانة في مرافق الأقصى، وتلاحق العاملين في لجنة الإعمار وتعتقلهم وتُعرضهم للتحقيق، وتتعمد عرقلة تنفيذ العديد من المشاريع فيه.
قد يهمك أيضا:
"مكتبة الإسكندرية في مصر تحتفي بمئوية الملك فاروق على طريقتها
مكتبة الإسكندرية تصدر كتابًا موسوعيًا عن "المقر البابوي" في مصر
أرسل تعليقك