مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة
آخر تحديث GMT13:49:58
 عمان اليوم -

تُعد عنوانًا لإحياء دور المدينة الثقافي

مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة

مسرح سيرفانتس في مدينة طنجة المغربية

الرباط ـ العرب اليوم   تستوقف زائر ، بصمات تراث ثقافي عريق، لكن علامات التآكل والاهمال تثير القلق. شباب مدينة طنجة وفعالياتها الثقافية، عبر مبادراتهم إحياء "سرفانتيس" ، يحاولون بعث الروح في الحياة الثقافية  في المدينة. في الطريق إلى مسرح سيرفانتيس، مرورا بـ"سوق دبرَّا"وهو أحد الأسواق الشعبية وسط مدينة طنجة سلع متنوعة ومتعددة (مواد غذائية، ملابس جاهزة، ...) وأصوات الباعة تضفي ديناميكية على المكان. ما ان تخرج من زحمة السوق متوجها إلى بوابة المسرح اللغز يتهيأ لك كأنه شيخ أنهكه المرض وبصم عليه الزمن علامات النسيان والإهمال، ومع ذلك يصر على الوقوف والصمود مستعطفا من ينفض الغبار عن زواياه ويبعث فيه روحا متجددة تعيد للمسرح اعتباره.
بعد مرور قرن على تشييد مسرح سرفانتيس في طنجة، يستعيد أبناء المدينة ذاكرته الحافلة بالأنشطة الثقافية، بحرقة كبيرة، فمنذ سنة 1974 تاريخ إغلاق المسرح، تأثرت الحياة الثقافية في المدينة بشكل عام. ويقول الكاتب العام لاتحاد المغرب فرع طنجة، الزبير بن بوشتى في حوار صحافي، إنه "قبل قرار الإغلاق، كانت طنجة تعرف ممارسة مسرحية هامة وناضجة، إلا أن عقدي الثمانينات والتسعينات لم يعرفا إلا بعض التجارب الخجولة والمتفرقة"، وأضاف ان "قرار إقفال مسرح سرفانتيس في طنجة عند منتصف السبعينات قد أثر سلبا في الحركة المسرحية في طنجة وساهم بشكل كبير في انحصارها".
وتشكل اليوم مبادرات إحياء مسرح سرفانتيس بمثابة محاولات لبعث الروح في الحياة الثقافية بالمدينة التي تشكل حلقة وصل أساسية بين المغرب وجواره الأوروبي وفي مقدمته اسبانيا. فقد حاولت هيئات ثقافية مغربية- اسبانية أن تشكل قوة ضاغطة من أجل ترميم المسرح الذي تمتلكه وزارة الخارجية الاسبانية، وتقول ماريا كارمن كارسيا كونزالس التي تشتغل في ضمن الطاقم الإداري للمدرسة الإسبانية في طنجة "فعلا يؤسفني حال المسرح لكن الدولة الاسبانية لا تعتبر إصلاحه أولوية بسبب الأزمة الاقتصادية".
أما عمدة مدينة طنجة فؤاد العماري، فهو يرى أن الاهتمام بالمنشآت الثقافية كان باستمرار غائبا عند أصحاب القرار في المدينة، ويوضح "خلال اجتماعي مع عدد من المسؤولين حول موضوع المسرح لاحظت أن هناك غياب رؤية واضحة من أجل إعادة الاعتبار للشأن الثقافي بالمدينة"  وأضاف العماري " رغم ان المسرح في ملكية دولة أخرى إلا أنني أعتبره إرثا لأبناء مدينة طنجة، لذلك سأراسل وزير الخارجية المغربي ليجد حلا مع نظيرته الاسبانية، ربما نستطيع شراءه لأن اختصاصات مجلس المدينة لايتيح لنا اختصاصا آخر غير المرافعة" ومن جهته يدعو الكاتب بن بوشتى إلى حماية المسرح من السقوط باعتباره "إرثا إنسانيا، وعلى اليونيسكو أن تتدخل لإنقاذه وحمايته كتراث معماري للإنسانية جمعاء".
صحيح أن الثقافة الاسبانية ارتبطت بالتواجد الاسباني خصوصا بشمال المغرب، إلا أن هناك عددا من الشبان المغاربة لايزالون يقبلون على تعلم اللغة الاسبانية. ويرون فيها، كما يقول عدد منهم تحدثوا لـ DW، السبيل لإحياء دور مدينتهم كجسر ثقافي مع اسبانيا واروبا.
سلوى بن عمر، 24 سنة، طالبة باحثة في مجال الإعلام والترجمة، تعيش في مدينة طنجة وتنحدر من تطوان المجاورة، تحرص على تعلم اللغة الاسبانية رغم أنها لم تلتحق بمعهد سيرفانتيس "ما يجعلني أهتم باللغة الاسبانية هو موقع مدينتي، وكذا الفضول في اكتشاف الحضارة الأندلسية التي نفتخر بها عن طريق كتابات باللغة الاسبانية".
أما محمد حمزة حشلاف، 23 سنة، إلى جانب دراسته الجامعية في مدينة فاس، يغني في فرقة للراب L'Bassline   والتي تعني بالعامية المغربية"مشاكسون"، درس الاسبانية في المرحلة الثانوية إلا أن اهتمامه بهذه اللغة تضاعف أثناء دراسته الجامعية "لا أخفي أنني كنت مضطرا لاختيار الاسبانية كلغة أجنبية ثانية بسبب عدم تدريس اللغة الانجليزية في الثانوية التي درست بها، إلا أنني حاليا أعتبر نفسي محظوظا لأنني اكتشفت إرثا ثقافيا له وزنه في الضفة المتوسطية".ويضيف "ميولي الفنية شجعتني كذلك على تذوق مختلف روافد الفن الاسباني بما فيها الموسيقى والرقص والمسرح كذلك".
لكن الثقافة الاسبانية، حسب رأي محمد المساوي وهو طالب باحث في سلك الدكتوراه في مدينة طنجة، تعتبر حكرا على طبقة معينة من الشباب "شباب لهم إمكانيات الدراسة في المعاهد الأجنبية وكذلك الانفتاح على ثقافات هذه المراكز ، فترى أن جمهور الأنشطة الثقافية لهذه المراكز هو جمهور معين له اهتمام ثقافي خاص، أما باقي الشباب من الفئات الشعبية فيعانون من غياب فضاءات حقيقية لاحتضان الشأن الثقافي". ويضيف الشاب الناشط في الشأن الثقافي في المدينة "يبقى فضاء الانترنيت هو الفضاء الوحيد الذي يسمح بوجود مبادرات جريئة لإعادة الاعتبار للشأن الثقافي، لكن عيبه أنه أيضا يبقى تأثيره محدودا بالنظر إلى محدودية الولوج إلى الفضاءات الالكترونية".
مبنى سيرفانتيس تعود قصته إلى قرن من الزمن عندما قدمه أحد المقيمين الاسبان في طنجة، مانويل بينيا Manuel Penia آنذاك كهدية إلى زوجته دونيا اسبرانسا Doٌa Esperanza على يد المهندس الشهير دييغو خيمينيث. ومن أشهر المراجع التي تحدثت عن الموضوع، كتاب عنوانه "نشأة المسرح والرياضة في المغرب" للكاتب عبد القادر السميحي، وفيه يقول: " مع بداية سنة 1911 وضع الحجر الأساس لهذا المسرح الذي اعتبر من أعظم الأحداث في هذه المدينة، وخلال سنتين انتهى من بنائه".
ورغم الإهمال الذي طال مختلف زوايا المسرح إلا أن واجهته لا زالت تحفظ للمكان هيبته، لكن في ما يخص المرافق الداخلية للمسرح فهي على حافة الانهيار إن لم نقل أن جزءا منها تهالكت، وبعض الملامح المتبقية توضح على أن المسرح يتميز بخصوصية معمارية فريدة وفي هذا الصدد جاء في كتاب السميحي " قد استوردت مواد البناء والزخرفة والمناظر من اسبانيا، بما في ذلك تلك التماثيل التي تطالعك في الواجهة الخارجية للمسرح، وكانت زخرفة قبة الصالة من عمل الفنان الاسباني، فديريكو ربيرا Frederico Ribera الذي ضحى بمواصلة دراسته الفنية في باريس، وجاء ليقوم بهذا العمل الرائع".
وحسب المصدر نفسه فقد شهد المسرح عروضا لأشهر الفرق الأجنبية وفي مقدتها الاسبانية كما احتضنت خشبته مسرحيات قدمتها فرق مغربية، وعليها عرضت مسرحية "البر كييرو" وفرقة الممثلة المشهورة سيسيل سوريل التي عرضت مسرحية "غادة الكامليا للكاتب ألكسندر دوماس الصغير".
بعد الحرب العالمية الأولى بدأت أحوال عائلة بينيا الاقتصادية تتدهور ولم تعد قادرة على تحمل النفقات، ويذكر القادر السميحي في كتابه: "اقترح الدوق "دوطوبال" على السينيور "بينيا" أن يحول المسرح إلى نادي كازينو، لكن حبه وتعلقه بالفن والثقافة جعله يرفض المساومة والإغراء... حتى سنة 1928 تنازل عن مسرح سيرفانتيس وتم تسليمه للدولة الإسبانية في شخص قنصلها آنذاك في طنجة"، ومنذ ذلك الحين تمتلك الدولة الاسبانية المسرح الشهير في طنجة.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة



GMT 20:21 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيل هاشم صديق شاعر الثورة وصوت الإبداع السوداني

GMT 10:06 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر بتطوان

GMT 16:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غارة إسرائيلية قرب موقع بعلبك الأثري يعود لآلاف السنين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab