أظهرت دراسة علميَة أن تناول جرعة عالية من فيتامين "د" يوميًا يمكن أن يساعد مرضى "التصلَب المتعدد" لتجنب الانتكاسات المدمرة في حالتها، حيث يوجد هذا الفيتامين بشكل أساسي، في أشعة الشمس، فضلا عن عدد الأطعمة مثل صفار البيض والجبن وزيت السمك.
ووفقا للدارسة، المتخصصة في علم الأعصاب، والتي نُشرت بالمجلة الطبية للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، فإن المستويات المنخفضة من فيتامين (د)، ذات الصلة بصحة العظام، كانت مرتبطة سابقا بمرض التصلب المتعدد الذي يصيب حوالي 2.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ويعتقد العلماء حاليا أن تزويد المرضى بمكمَلات فيتامين (د) يمكن أن يقلل من عدد وخطورة النوبات.
وبحثت الدراسة في تأثير ذلك على المرضى، الذين يعانون من الانتكاسات ونوبات التصلب المتعددة، وهو الحالة الأكثر شيوعا من الحالات العصبية، والذي تم تشخيصه في المرضى في عشرينات أو الثلاثينات من عمرهم.
وتميَز هذا النوع من مرض التصلب العصبي المتعدد، الذي يصيب 85 %، بأعراضه الواضحة، التي تتلاشى إما جزئيا أو كليا، وعادة بعد أربعة إلى ستة أسابيع. وتسبَب هذه الحالة، التي تؤثر على كثير من النساء كالرجال، فقدان الحركة، ومشاكل في الإبصار، فضلا عن التعب والآلام المبرحة. وترجع هذه الحالة إلى خلل في الجهاز المناعي للجسم، حيث بدلا من مقاومة الأمراض، فإنه يهاجم الألياف العصبية.
ووجد العلماء في كلية جامعة "جونز هوبكنز" للطب في بالتيمور حاليا، أن فيتامين (د 3)، والمعروف باسم " كوليكالسيفيرول"، وهو جزيء الستيرويد، هو وسيلة آمنة لتصحيح الاستجابة الآمنة للجهاز المناعي للجسم.
وقال أستاذ علم الأعصاب الذي قاد فريق الباحثين، الدكتور بيتر كلابريسي، إنه كان تطورًا "مثيرا"، مضيفًا أن "هذه النتائج مثيرة، وفيتامين (د) لديه القدرة على أن يكون علاجا غير مكلفة وآمنة ومريحة للأشخاص الذين يعانون من التصلب المتعدد". وتابع، "هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج على مجموعة أكبر من الناس، لمساعدتنا في فهم آليات هذه الآثار، إلا أن هذه النتائج واعدة".
وأعطى الباحثون نحو 40 شخصًا مع مرض التصلب المتعدد جرعات عالية من فيتامين (د) يوميا لمدة ستة أشهر، وتم تقسيم المرضى إلى مجموعتين، أخذت أحدهما 10 آلاف و400 وحدة دولية، والأخر 700، يوميًا، مقارنة بالاستهلاك اليومي الحالي الموصي بها من الفيتامين وهو 600 وحدة دولية.
وأُجريت اختبارات الدم للخروج في بداية الدراسة، ثم أجريت بعد ذلك بعد ثلاثة أشهر ثم ستة أشهر لقياس كمية من فيتامين (د) في الدم واستجابة خلايا "تي" في الجهاز المناعي، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في مرض التصلب العصبي المتعدد.
ولوحظ على الأشخاص الذين تناولوا جرعة عالية من فيتامين (د)، انخفضت لديهم نشية خلايا "تي" المتعلقة بنشاط الصلب المتعدد، كما تم ملاحظة عدد من الآثار الجانبية الطفيفة فقط، إذ أن شخصًا واحدًا فقط في كل مجموعة حدث له انتكاسة لنشاط المرض. في حين أن الأشخاص الذين تناولوا جرعات منخفضة لم تتغير لديهم خلايا "تي".
وأوضح الباحثون إنه لا يزال يتعين تحديد المستوى الأمثل لفيتامين (د) في الدم للأشخاص الذين يعانون من التصلب المتعدد، لكنها بشكل عام لابد أن تقترب من الجرعات العالية. وذكر كلابريسي، "نأمل أن هذه التغييرات في التهابا خلايا "تي" يترجم إلى انخفاض شدة المرض، فلتجارب السريرية الأخرى لا تزال جارية لتحديد ما إذا كانت هذه هي الحالة".
وأشار رئيس قسم أبحاث الطب الحيوي في جمعية مرضى التصلب المتعدد، الدكتور سورريل بيكلي، إلى إن الرابط بين الفيتامين (د) والتصلب المتعدد يعج منطقة واعدة للبحث. مضيفًا "هذه الدراسة، وإن كانت صغيرة، تقدم أدلة جديدة بشأن سلامة جرعات عالية من فيتامين (د) وتأثير ذلك على النظام المناعي".
وتابع، "هناك أكثر من 100 ألف شخص في المملكة المتحدة الذين يعيشون مع مرض التصلب العصبي المتعدد، وإيجاد العلاجات التي يمكن أن تبطئ أو توقف أو تعكس اتجاه تفاقم هذا العجز، الذي يعد أولوية بالنسبة للمجتمع". موضحًا "لذلك، فإننا نتطلع إلى رؤية دراسات أكبر وأطول فترة لمساعدتنا في فهم ما إذا كان هذا يمكن أن يكون علاجا فعالا وآمنا، فلى الرغم من أنه من المهم الحصول على ما يكفي من فيتامين (د)، وهناك مبادئ توجيهية الحكومة حول الجرعة، إذ أن أخذ الكثير يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية".
أرسل تعليقك