تؤكد الدراسات العلمية الحديثة، أنَّ الأشخاص البدينين قد يعيشون لفترات أطول من النحيفين، مشيرة إلى أن اللياقة البدنية أهم من شكل الجسم، حيث أصبحت فكرة البدين الرشيق أكثر شعبية من أي وقت مضى.
وأوضح كل من الدكتور تامي تشانغ والدكتورة كارول ريتشارد من جامعة ميشيغان، أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة، عليهم التركيز على فقدان الوزن أكثر، فالسمنة تسبب العديد من الأمراض مثل السكري وأمراض الكبد، ويعتبر فقدان الوزن أفضل طريقة لدرء هذه الأمراض، بينما سيكون دور الرياضية قليل في هذا المجال، ويعتبر الطبيبان أن دور ممارسة الرياضة في فقدان الوزن مبالغ فيه، ويريان أن النظام الغذائي هو الأكثر أهمية.
وجرت العديد من النقاشات الطويلة في الأوساط البحثية حول أهمية اللياقة البدنية مقارنة بالسمنة في مجال الصحة، هل تعتبر ممارسة الرياضة، والتمتع بلياقة بدنية عالية أهم من الأكل والحفاظ على وزن صحي؟
ويرى بعض الباحثين أن السمنة لا تؤثر على صحة الإنسان طالما كان يتمتع باللياقة البدنية، طالما أن القلب والرئتين قويين، وتركز حملات وطنية مثل "دعونا نتحرك" على الرياضة للتمتع بالصحة دون أن تأتي على ذكر فقدان الوزن.
ولكن يعتبر فقدان الوزن لدى أشخاص يعانون من مرض السمنة أكثر أهمية لصحتهم العامة من التركيز على لياقتهم البدنية، وكشفت العديد من الأدلة أن ممارسة الرياضة لوحدها غير فعالة في فقدان الوزن، ويعتبر الطعام هو العنصر الأهم في فقدان الوزن مصحوبا بممارسة الرياضة.
ويلاحظ الأطباء أن العديد من المرضى الذين يعانون من السمنة يميلون لإضافة من 10 إلى 15 دقيقة من المشي لروتينهم، ويشجعونهم على ذلك، ولكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من السمنة، فالاعتقاد بأن النشاط البدني أهم من خسارة الوزن ليس مفيدا بل وليس صحيحا، فعندما يتعلق الأمر بالصحة يعتبر فقدان الوزن أهم بكثير من التمتع باللياقة البدنية.
ويرتبط فقدان الوزن لدى الكثير من الناس باللياقة البدنية، فالوزن الزائد يجعل ممارسة الرياضة أصعب، في ما العديد من الدراسات نظرت للياقة البدنية والسمنة ككيانين منفصلين لأنهما مفهومين منفصلين تماما، فأحدهما يقيس قوة القلب والرئتين في توفير الأكسجين للعضلات، بينما الآخر يقيس طول ووزن الجسم، إلا أن مقياس اللياقة البدنية والسمنة يتأثر بوزن الجسم.
وعندما يتحدث الباحثون عن السمنة، فهم يعنون كتلة الجسم أي مقياس الدهون في الجسم مقارنة بالوزن والطول، وعادة ما يفاجئ الناس فيما يعتبرونه الوزن المثالي ، فالشخص بطول 7.5 قدم يجب أن يكون وزنه أقل من 73 كيلوجرام، وإذا تخطى وزنه 86 كيلو جرام فعندها تشخص حالته بالسمنة.
ولا تعني السمنة أن الإنسان لا يتمتع باللياقة البدنية، فهناك العديد من الناس الذين يعانون من السمنة، لكنهم يستطيعون الركض كل يوم، وبالعكس، هناك الكثير من الناس النحيفين الذين لا يستطيعون الركض لمسافة ميل في حياتهم.
ويعد الشخص كثير العضلات من إحدى حالات السمنة أيضا، لأن العضلات تزن أكثر من الدهون، إلا أن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بلياقة بدنية عالية، ولكنهم في ذات الوقت استثناء للقاعدة.
وتشير الدراسات أن الشخص السمين نادرا ما يتمتع باللياقة البدنية، وبالنسبة لهؤلاء فان التركيز على خسارة الوزن أهم من التركيز على اللياقة البدنية، فالوزن الزائد يخلق صعوبات في التحرك، وبالتالي تصبح ممارسة الرياضة أصعب، وغالبا ما يعاني البدناء من صعوبات في ممارسة أي نشاط بدني بسبب حجم الجسم ومحدودية الحركة وآلام المفاصل.
ومن الناحية الفسيولوجية، يصبح من الصعب على الأشخاص البدينين تأدية نفس الكمية من التمارين الرياضية كالشخص الذي يتمتع بوزن صحي، وذلك بسبب وزنهم الزائد، والناس الأكثر وزنا يحتاجون المزيد من الأوكسجين لممارسة الرياضة، ويؤكد بعض الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة أن المشي يسبب لهم صعوبات كبيرة، وبالتالي تصبح اللياقة البدنية بعيدة المنال بالنسبة لهم.
وخلصت بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لا يتمتعون باللياقة البدنية وبغض النظر عن كتلة أجسادهم معرضون لخطر الوفاة أكثر من الذين يتمتعون بوزن صحي ولياقة بدنية معقولة، ولكن الوفاة ليست الخطر الوحيد، فأصبح معروفا لجميع أن السمنة تؤدي للإصابة بالسكري وأمراض القلب والكبد، والعديد من المشاكل الصحية التي تستدعي تناول الأدوية يوميا أو ربما إجراءات أكثر صعوبة.
وعلى الرغم من أن كتلة الجسم لا ترتبط بخطر الوفاة المبكرة، ولكنها ليست غير مهمة في ذات الوقت، وعلى الرغم أيضا من أن ممارسة الرياضة يحسن الصحة، إلا أن ممارسة الرياضة لوحدها غير كافية لأشخاص يعانون من السكري وأمراض الكبد، وإنما يجب على هؤلاء الانتباه لوزنهم، وخصوصا إذا كانوا يعانون من الوزن الزائد.
وترتبط السمنة بحدوث السكتات القلبية، وبالنسبة إلى هؤلاء المرضى لا تعتبر ممارسة الرياضة دون خسارة الوزن ذا أهمية في تفادي الجلطات، ولتحسين صحتهم عليهم ممارسة الرياضة يوميا، وتناول طعام صحي، وخسارة الوزن.
أرسل تعليقك