"من الصعب العثور على عمل يخص الطلاب في فترة كورونا، أصبح كل شيء معقد، أعيش بأقل من 100 يورو في الشهر"، هذا حال عبد العالي وغيره كثيرون، جاؤوا إلى فرنسا لتحصيل العلم، فوجدوا أنفسهم غارقين في بحر من المشاكل.بين قلة المال والافتقار إلى الحياة الاجتماعية ومتابعة الحصص الدراسية عبر الإنترنت من داخل غرفهم الضيقة، في ظل استمرار الدراسة عن بعد، يصارعون من أجل النجاح دون مؤنس يخفف كربهم.
متاعب نفسية ومادية
ويحكي عبد العالي، طالب سنة أولى ماجستير إلكترونيات في مدينة ليل بأقصى شمال فرنسا، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه كان يعمل منشطا تجاريا قبل الأزمة الصحية، غير أنه وبتوقف كل الأنشطة لم يجد أي بديل وأصبحت عائلته مضطرة لمساعدته في أداء أجرة غرفته في السكن الجامعي.ويقول الطالب المغربي: "أعيش في غرفة لا تتعدى مساحتها 15 متر مربع في السكن الجامعي، علي دفع إيجارها البالغ 288 يورو. تبعث لي أسرتي المتوسطة الدخل حوالي 280 يورو، أدفع الإيجار وأعيش بأقل من 100 يورو، قيمة المساعدة الاجتماعية التي أحصل عليها من صندوق الإعانة العائلي الفرنسي".
عبد العالي، المضطر لتتبع الدروس من غرفته يوضح: "أحمل كل صباح هم تشغيل حاسوبي وتتبع حصة من أربع ساعات، أسمع الشرح مرة وأفقد التركيز مرات إلا أنني أعتبر من المحظوظين، لأنه يحق لي الذهاب إلى الجامعة مرة كل 15 يوما لحضور حصة من أربع ساعات ولقاء زملائي وأستاذي".وفيما يخص الأكل، يتابع الشاب المغربي أنه يتناول أحيانا وجبات من مطعم الجامعة، خصوصا بعد أن تم تغيير ثمنها من ثلاثة يورو إلى يورو واحد.
أما إبراهيم الذي وصل قبل حوالي شهرين إلى باريس، يؤكد لنا أنه أصبح في حاجة لمساعدة نفسية عاجلة."يتهيأ لي أحيانا أنني أعيش في غرفة في مصحة عقلية أو كأنني منعزل عن كل مكونات العالم"، هكذا يقول بصوت تملأه الغرابة.ويضيف: "لقد جئت في الوقت الخطأ حقا، لا أستطيع الحصول على عمل للمساعدة في مصاريفي الكبيرة، خصوصا أنني أدرس في مدرسة عليا خاصة. دفعت أسرتي حوالي 5000 يورو تكاليف التسجيل الجامعي، ولاتزال تبعث لي شهريا حوالي 800 يورو، أدفع إيجار غرفة في شقة بنواحي باريس، لأنني لم أجد سكنا جامعيا، والباقي أحاول منه دفع فاتورة الكهرباء والماء والأنترنت والأكل".
سجلت سنة 2020 انخفاضا في حجم عروض التدريب المهني في القطاع الخاص بنسبة 20 في المئة، وفقًا لدراسة قامت بها وزارة العمل الفرنسية.وأمام هذا الوضع، صرحت وزيرة العمل، إليزابيث بورن، عبر موقع "فرانس إنفو" في 11 فبراير الماضي، أن الحكومة الفرنسية تفكر في تأجيل التدريب الإجباري في نهاية العام الدراسي للحصول على شهادة التخرج.
وفي انتظار صدور قرار رسمي، تستمر شيماء، طالبة تواصل في مدرسة خاصة بمدينة رين غربي فرنسا، في البحث عن تدريب مهني دون جدوى.وفي مقابلة مع موقع "سكاي نيوز عربية"، تصرح: "قوبلت كل طلباتي بالرفض من الشركات المعنية بتخصصي، وأنا مطالبة بتدريب حتى أمر للسنة المقبلة. أبحث كذلك عن عمل منذ حوالي ستة أشهر للمساعدة في مصاريفي اليومية، لا شيء يسير نحو الأحسن. بدأت أندم على اختياري الدراسة في الخارج في ظل الأزمة الصحية، كما أنني فقدت التحفيز على الاستمرار والنجاح، حتى أصدقائي في الفصل لم أتعرف عليهم بعد".
مساعدات ومبادرات
على الرغم من المطر والبرد القارس، يتجمع المئات من الطلاب الفرنسيين والأجانب، حاملين أكياس التسوق في أيديهم، أمام مقر جمعية "لينكي" للحصول على المساعدات الغذائية.وفي اتصال أجراه موقع "سكاي نيوز عربية" مع مسؤول التواصل في الجمعية، أليكسيس كرير، أوضح أنهم جمعية تشتغل في مكافحة هدر الطعام، عبر جمع فائض الأغذية من المطاعم ومتعهديهم وتوزيعها على الجمعيات التي تدعم من هم في أمس الحاجة إليها.
واعتبارًا من 1 أكتوبر الماضي، عملت جمعية لينكي على توزيع المنتوجات الغذائية الأساسية على الطلاب يوميا في ساعات محددة، بفضل متطوعين انضموا إلى هذه المبادرة الإنسانية.ويضيف مسؤول التواصل: "بسبب فقدان الطلاب عملهم في مختلف المجالات، أصبحوا في ذائقة مالية كبيرة، إذ أصبحنا منذ بداية شهر مارس الجاري، نقدم بشكل يومي حوالي 20 ألف إلى 25 ألف وجبة طعام، إلى جانب توزيع ما لا يقل عن 500 كيس غني بالمنتوجات الغذائية الأساسية".وبالإضافة إلى المساعدات الغذائية، يذكر أليكسيس كرير أنهم يقدمون الدعم النفسي عبر حضور متخصصين في علم النفس لحظة التوزيع، للتخفيف من حدة التعب النفسي الذي يعاني منه الطلاب الفرنسيون والأجانب على حد سواء.
ويختم حديثه قائلا: "نحاول توزيع الطعام في جو حميمي دافئ، نشغل الموسيقى ونحاول أن نتحدث مع الطلاب بوجه مبتسم يخفف من وطأة إرهاقهم وحاجتهم".وكمبادرات خاصة، أعلنت عدة أسر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن فتح بابها أمام الطلاب في مختلف المدن الفرنسية، فيما عرض البعض الآخر أن يصبح أذنا صاغية لمن هم في حاجة للدردشة والتفريج عن النفس.
وهذا حال موسى الذي قام بإنشاء صفحة على فيسبوك لدعم الطلاب، يسعى من خلالها إلى تقريب المعلومة منهم ونشر كل المساعدات الإنسانية المتاحة.ويوضح: "أنا ذات يوم كنت طالبا أجنبيا، وأعلم جيدا كل الصعاب التي يمر منها الطلاب حتى التخرج. واليوم أقوم عبر صفحتي "الطلاب الأجانب في ورطة"، بحشد الأسر التي تنوي رعاية طالب أو طالبة، سواء عبر استقبالهم في البيت، أو توفير بعض الوجبات الغذائية أو فقط الاستماع إليهم في لحظة فضفضة".
قد يهمك ايضاً :
الذكاء الاصطناعي يحل محل السبورة والطباشير في المدارس الصينية
دراسة تكشف أن الإنسان البدائي استخدم الحروف الساكنة
أرسل تعليقك