حقق الاقتصاد العُماني منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم /حفظه الله ورعاه/ مقاليد الحكم في البلاد وحتى الآن، نموًّا إيجابيًّا بفضل جهود التنويع الاقتصادي وتعزيز الإيرادات غير النفطية وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد؛ ما أسهم في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي وجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص.
وبهدف إعادة التوازن المالي بين الإيرادات والمصروفات في المدى المتوسط لتقليص العجوزات المالية للميزانية العامة للدولة؛ أطلقت الحكومة خطة متوسطة المدى (2020-2024) لتحقيق الاستدامة المالية العامة والتوازن المالي بين الإيرادات والنفقات العامة من خلال تطبيق عدد من المبادرات والسياسات المالية التي تتعلق بدعم النمو الاقتصادي وتنشيط وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية ورفع كفاءة المالية العامة.
وتكللت الجهود الحكومية من جراء تنفيذ الخطة بإرساء قواعد وأسس قوية لتحقيق الاستدامة المالية وضمان الاستقرار المالي على المدى الطويل واستكمالًا لهذه الجهود، يعمل البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي (2023 - 2025) على إنشاء قطاع مالي حيوي وقوي ومبتكر يوفر حلولًا تمويلية متنوعة للفئات المستهدفة لتمكين النمو الاقتصادي وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة بقيادة القطاع الخاص.
ويُعدُّ القطاع الخاص العُماني الفاعل الأساس في جهود التنمية الاقتصادية ونمو الناتج المحلي الإجمالي في مختلف القطاعات خاصة المعول عليها للتنويع الاقتصادي، وشرع القطاع في تعزيز جهود نمو الاقتصاد الوطني من خلال استكشاف الفرص التي تحملها مبادرات التحفيز، مثل مبادرة البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية "نزدهر" ومبادرات التحفيز والاستدامة المالية جنبًا إلى جنب مع تعزيز الشراكة مع القطاع الحكومي.
وشهدت سلطنة عُمان تنفيذ العديد من المشروعات الاستراتيجية في مختلف المحافظات لاسيما مشروع مصفاة الدّقم والصناعات البتروكيماوية بالمنطقة الاقتصادية الخاصّة بالدقم ومشروع السوق المركزي للخضروات والفواكه "سلال" بمدينة خزائن الاقتصادية بولاية بركاء، ومجمع تعليب الأسماك والقيمة المضافة بالدقم بالإضافة إلى عدد من المشروعات في مجال الطاقة المتجددة.
وفيما يتعلق بملف الدين العام في سلطنة عُمان فقد شهد تطورات إيجابية نتيجة استمرار تنفيذ العديد من الإجراءات والمبادرات الحكومية التي أسهمت في ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، إذ انخفض رصيد الدين العام ليبلغ نحو 14.4 مليار ريال عُماني أو ما نسبته 34 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2024م مقارنة بـ 19.8 مليار ريال عُماني أو ما نسبته 67.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2020م.
وعن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان فإنه نتيجة لتحسن أسعار النفط إلى جانب تنفيذ إجراءات ومبادرات ضبط الأداء المالي في إطار الخطة المالية متوسطة المدى وانخفاض مخاطر الدين العام وتحسن الأداء المالي والاقتصادي، فقد شهد التقييم الائتماني لسلطنة عُمان من قبل مؤسسات التقييم الدولية الرئيسة تحسنًا ملحوظًا خلال السنوات (2021-2024)، حيث رفعت وكالة "ستاندرد اند بورز" تصنيفها من (+B) في عام 2020م إلى (BBB-) مع نظرة مستقرة في عام 2024م مستعيدة بذلك الجدارة الاستثمارية، كما رفعت وكالة "فيتش" تصنيفها من (-BB) في عام 2020م إلى (BB+) مع نظرة إيجابية في 2024م، وكذلك رفعت وكالة "موديز" تصنيفها من (Ba3) في 2020م إلى (1Ba) مع نظرة إيجابية في 2024م.
من جانبها أظهرت الإحصاءات أن المؤشرات الاقتصادية والمالية للاقتصاد العُماني شهدت نموًّا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية؛ إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية حوالي 40.7 مليار ريال عُماني في عام 2023م، متجاوزًا بذلك متوسط القيمة المستهدفة والبالغة نحو 29.5 مليار ريال عُماني خلال سنوات خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021-2025) وبنسبة بلغت 38 بالمائة، نتيجةً لتجاوز متوسط معدل النمو المحقق خلال الفترة (2021-2023) والبالغ نحو 12.4 بالمائة متوسط النمو المستهدف خلال سنوات الخطة (2021-2025) والبالغ 5.5 بالمائة.
ويأتي ذلك نتيجة للنمو الذي سجلته الأنشطة النفطية وبنسبة بلغت بالمتوسط 27.8 بالمائة ونمو الأنشطة غير النفطية بنسبة بلغت بالمتوسط نحو 6.2 بالمائة خلال الفترة (2021-2023).
وقد فاق النمو الذي حققته كل من الأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية متوسط النمو المستهدف خلال سنوات الخطة (2021-2025) والبالغ نحو 5.5 بالمائة و5.7 بالمائة لكل منهما على التوالي.
ويُعزى هذا النمو إلى ارتفاع المتوسط الفعلي لسعر نفط خام عُمان ليبلغ نحو 80.7 دولار أمريكي للبرميل خلال الفترة (2021-2023)، مرتفعًا بنسبة 75.4 بالمائة عن أسعار عام 2020م و68.1 بالمائة عن المتوسط المعتمد لسعر النفط خلال سنوات الخطة والبالغ 48 دولارًا أمريكيًّا لكل برميل، كما أن هذا النمو المتحقق يعود إلى تعافي الأنشطة الاقتصادية من تأثيرات الجائحة نتيجة للسياسات والإجراءات والمبادرات التي اتخذتها سلطنة عُمان للتخفيف من التداعيات والتأثيرات السلبية للجائحة على القطاعات الاقتصادية.
ونتيجة لتطورات الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية وعدد السكان، فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة بلغت بالمتوسط نحو 7.1 بالمائة ليصل إلى نحو 8 آلاف ريال عُماني خلال الفترة (2021-2023) مقارنة بـ 6.5 ألف ريال عُماني في عام 2020م ومتجاوزًا بذلك المتوسط المستهدف خلال سنوات الخطة والبالغ نحو 6 آلاف ريال عُماني.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024م، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة بلغت نحو 2.7 بالمائة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023م، وذلك محصلة لنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.2 بالمائة ونمو الأنشطة النفطية بنسبة طفيفة 0.3 بالمائة، ويعود ذلك إلى ارتفاع متوسط سعر النفط العُماني الخام خلال الفترة (يناير - سبتمبر) من عام 2024م بنسبة 3.5 بالمائة ليصل إلى 82.6 دولار أمريكي للبرميل مقارنة مع 79.9 دولار أمريكي للبرميل خلال الفترة نفسها من عام 2023م.
ويتوقع الفريق الحكومي المعني بالتوقعات الاقتصادية أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 3 بالمائة في عام 2024م وبنسبة 3.4 بالمائة في عام 2025م، في حين يتوقع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 2.5 بالمائة في عام 2024م.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك