القاهرة ـ أ.ش.أ
تحتفل وزارة الآثار بعد غد الإثنين بمرور 113 عاما على افتتاح الخديوي عباس حلمي الثاني المتحف المصري بالتحرير في نوفمبر 1902، والذي يحتضن الآلاف من القطع الأثرية القديمة تحكي تاريخ أصحاب أقدم حضارة في العالم، ما يجعل المتحف المصري كالبوابة يعبر منها الزائر إلى زمن الفراعنة الملىء بالغموض والسحر.
بدأ الاهتمام بإنشاء متاحف تضم الآثار المصرية مع الاهتمام العالمي الكبير الذي حظي به فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي شامبليون وكانت النواة الأولي للمتحف ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة "وسط القاهرة"، حيث أمر محمد علي باشا عام 1835 بتسجيل الآثار المصرية الثابتة ونقل الآثار القيمة له وسمي بمتحف الأزبكية وأشرف عليه رفاعة الطهطاوي.
وقبل هذا التاريخ، كانت القنصليات الأجنبية في مصر تقوم بإرسال الآثار المصرية إلى أوروبا وازدهرت تجارة الآثار المصرية خلال القرن التاسع عشر، لكن استطاع رفاعة الطهطاوي إصدار قرار بمنع التهريب والإتجار في الآثار المصرية إلى الخارج، ولكن بوفاة محمد على باشا عام 1849م عادت الأمور مرة أخرى إلى عهدها الأول، حيث عادت سرقة الآثار مرة أخرى.
وتم تعيين (مارييت) كأول مأمور لإشغال العاديات "رئيس مصلحة الآثار" في عام 1858، وقد وجد أنه لابد من وجود إدارة ومتحف للآثار، ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التي عثر عليها أثناء حفائره (مثل آثار مقبرة إعح حتب)، وفي عام 1863م أقر الخديوي إسماعيل مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية، ولكن لم ينفذ المشروع وإنما اكتفي بإعطاء مارييت أرض أمام دار الأنتيكخانة في بولاق ليوسع متحفه.
وقد حدث ارتفاع شديد في فيضان النيل عام 1878، ما سبب إغراق متحف بولاق وضياع بعض محتوياته، وفي عام 1881م أعيد افتتاح المتحف وفي نفس العام توفي مارييت وخلفه (ماسبيرو) كمدير للآثار وللمتحف، وفي عام 1880 وعندما تزايدت مجموعات متحف بولاق تم نقلها إلي سراي الجيزة ، وعندما جاء العالم (دي مورجان) كرئيس للمصلحة والمتحف قام بإعادة تنسيق هذه المجموعات في المتحف الجديد الذي عرف باسم متحف الجيزة.
وفي عام1897 وضع الخديوي عباس حلمى الثاني حجر الأساس للمتحف المصري الذى يقع فى الجانب الشمالي من ميدان التحرير وسط مدينة القاهرة ، وكانت الأرض المقام عليها المتحف في الأصل أرضا زراعية ، وفي عام 1902 اكتمل بناء متحف الآثار المصرية فنقلت إليه الآثار الفرعونية من سراي الجيزة.
وقد تم اختيار تصميم المتحف من ضمن 73 تصميما تم تقديمهم للمسئولين بينما فاز تصميم المهندس الفرنسي "مارسيل دورنون" والذي شيده على طراز العمارة الكلاسيكية اليونانية الرومانية، وتم الحفاظ على الطابع الفرعوني في التصميم الداخلي لقاعات المتحف فمدخل القاعات يحاكي ضريح المعابد المصرية، والحجرات تحاكي معبد إدفو، أما واجهة المتحف فهي على الطراز الفرنسي بعقود دائرية، تزينها لوحات رخامية لأهم وأشهر علماء الآثار في العالم، وعلى جانبي باب الدخول الخشبي تمثالان كبيران من الحصى لسيدتين على الطراز الروماني، ولكن برؤوس فرعونية.
وقام الخديوي عباس حلمي الثاني بافتتاحه عام 1902، وقد سجل مبني المتحف المصري ضمن المباني التاريخية الممنوع هدمها، وقام "ماسبيرو" بنقل الآثار إلى المبني الحالي للمتحف في ميدان التحرير وكان من أكثر مساعديه نشاطا في فترة عمله الثانية العالم المصري أحمد باشا كمال الذي كان أول من تخصص في الآثار المصرية القديمة وعمل لسنوات طويلة بالمتحف، وكان محمود حمزة أول مدير مصري للمتحف الذي تم تعيينه عام 1950.
ووفقا لتصريحات الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار، تجرى الوزارة حاليا دراسات لإعادة تطوير المتحف، خاصة بعد قرار مجلس الوزراء الصادر في مارس 2014 بضم أرض مبنى الحزب الوطني للمتحف المصري بالتحرير، حيث بدأت الوزارة في إعداد خطة ليستعيد المتحف رونقه، حيث سيتم تحويله إلى متحف تاريخ فن النحت والتصوير، بعد نقل مجموعة الملك توت عنخ آمون للمتحف الكبير.
ومن المقرر أن يتم استغلال أرض الحزب الوطني في بناء مركز للترميم، وقاعتين للعرض المتغير، وسيتم إقامة معارض مؤقتة تضم قطعا أثرية تعرض لأول مرة، أما القاعة الأخري سيتم فيها إقامة معرض متغير خاص للفن الحديث وإنشاء حديقة نباتية فرعونية متميزة، وتنفيذ مشروع "رحلة حابي" للربط بين أربعة مواقع أثرية على النيل، تبدأ من مقياس النيل بالروضة وقصر المانسترلي، مرورا بسور مجرى العيون وقصر المنيل، ووصولا إلى المتحف المصري بالتحرير، وذلك كمرحلة أولى، فيما تتضمن المرحلة الثانية ربط الرحلة بمتحف المركبات الملكية ببولاق وقصر محمد على بشبرا الخيمة.
أرسل تعليقك