عمان - وكالات
المقارنة قد لا تبدو منطقية إطلاقا عندما يدعو التيار الإسلامي الأردني لإقامة مسيرة جماهيرية تحت عنوان ‘نرفض حكم العسكر’ في عمق المناطق الشعبية المتميزة بثقل الأخوان المسلمين في ضاحية ماركا شمالي العاصمة الأردنية عمان.
الإسم يوحي بأن التيار الأخواني مع حلفائه في التيار الإصلاحي يتجهون نحو تصعيد بالغ الحساسية يتمثل في إقامة أول مسيرة جماهيرية داخل الأردن تضامنا مع المعتصمين في ميدان رابعة العدوية في القاهرة دفاعا عن شرعية الرئيس محمد مرسي.
لكن التفاصيل والحيثيات تتحدث عن نشاط سياسي جماهيري للمطالبة بالإصلاح ومنع خضوع المدنيين للمحاكم العسكرية في الأردنية.
مناسبة الحملة الأخوانية منطلقة من محكمة أمن الدولة وهي محكمة عسكرية إستثنائية تخضع حاليا للتحقيق أربعة من أبرز نشطاء التيار الإسلامي في الحراك الشعبي وبتهمة تنطوي على قدر واضح من المبالغة بعنوان ‘تقويض نظام الحكم’.
النشطاء الأربعة ينتمون لتيار الأخوان المسلمين ويعتبرون من الحلقات الأساسية في التشبيك بين الحراك الأخواني والحراك المناطقي والشعبي وفور إعتقالهم والتوجه بمحاكمتهم لأمن الدولة بدأت إجراءات الدفاع السياسية والإعلامية والشعبية عنهم بإعتبارهم سجناء رأي يطالبون بالإصلاح السياسي.
محكمة أمن الدولة كانت قد تعرضت لتقليص وحصر بعض صلاحياتها بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة لكن السلطات التنفيذية، وكما يرى الشيخ حمزة منصور الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي تتجاوز القانون عندما تستخدم هذه المحكمة الإستثنائية وهي ذراع عرفية أصلا في محاكمات تخص مدنيين.
وهذه المحكمة حسب محامي الحركات الجهادية موسى العبدللات هي أداة من العهود العرفية في الماضي وهي تعبير عن المحاكم الإستثنائية التي تجاوزتها الشعوب المتحضرة والعصرية ولابد من نصوص قانونية محضة ومباشرة تمنع محاكمة المدنيين في مثل هذه المحاكم الخاصة رغم ان خلط هيئاتها بالمدنيين لم يحدث فارقا كبيرا.
عمليا يعارض الحقوقيون والحراكيون بشدة وجود محاكم إستثنائية في البلاد.. رغم ذلك لا يمكن ومن الناحية القانونية إعتبار محكمة أمن الدولة التي يحاكم فيها حاليا نشطاء الأخوان المسلمين محكمة عسكرية بالمعنى التقليدي وأن كانت تتعدى صلاحيات الإختصاص كما يلاحظ العبدللات.
لكن اللافت أن إعلان الأخوان المسلمين عن نشاطهم الجديد عبر إشارات تستدعي هتافا وشعارا مصريا بعنوان ‘نرفض حكم العسكر’ هو خطوة تصعيدية في الخطاب الأخواني الأردني توحي بتوحيد جهود تنظيمات الأخوان المسلمين في كل مكان وترد ضمنيا على تحريضات في أوساط بعض النخب الأردنية ضد جماعة الأخوان المسلمين.
لكنها خطوة تنطوي على مقارنة في غير مكانها وإن كان إصرار السلطات التنفيذية على تحويل المدنيين إلى محكمة أمن الدولة حجة بين يدي كل دعاة الإصلاح وخطوة في الإتجاه المعاكس لكل الرياح الديمقراطية مما يحرج مؤسسة النظام خصوصا.
كما أن هذه المحكمة ليست مختصة فعلا إلا في قضايا حصرها الدستور وينبغي أن لا تكون ذراعا بيد السلطة ضد النشطاء السياسيين كما يقدر الناشط المدني ياسر علي المعارض بدوره للإسلاميين سياسيا.
لكن هذا التبادل الحساس للرسائل بين السلطات الأردنية وقادة الأخوان المسلمين بدأ يتأثر فعليا بأجواء ميادين القاهرة التي عادت لها الروح في الإتجاه المعاكس للإنقلاب الأخير.
وقد برز ذلك من طبيعة الرد القاسي الذي سطره الرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد على إستفسار يتعلق بتلميحات الحكومة بخصوص إحتمالية سحب ترخيص جمعية الأخوان المسلمين حيث تحدث الناطق الرسمي محمد مومني عن إجراءات ضد مخالفات للقانون.
الشيخ إرشيد رد بطريقة تنطوي على رهانات وتحديات مشيرا الى ان أي محاولة لضرب الأخوان المسلمين لن يكتب لها النجاح مقترحا إخراج ما في جبعة الحكومة بدلا من إطلاق التهديدات.
حصل ذلك وسط إنطباع بأن ميزان القوى المصري الداخلي أصبح لاعبا محوريا في تقرير مصير إتجاهات البوصلة أردنيا عندما يتعلق الأمر بالأخوان المسلمين.
أرسل تعليقك