بيروت ـ أ ش أ
مرت عشر سنوات على حصول مؤسسة الفكر العربي على الحقوق الحصرية للترجمة العربية للكتاب الفرنسي السنوي "أوضاع العالم"؛ من دار "لاديكوفرت"، وقد أثارت موضوعات الكتاب نقاشات واسعة بين المهتمين والمختصين طيلة الأعوام الماضية، وشكلت وثائق مرجعية للكثير من الدوائر الأكاديمية والبحثية والصحافية.
"بحثا عن بدائل"؛ هو عنوان "أوضاع العالم 2018" الذي صدرت ترجمته العربية حديثا عن مؤسسة الفكر العربي، وقد عالجه 33 أكاديميا وباحثا، وأشرف عليه الأكاديمي برتران بادي والمؤرخ دومينيك فيدال.
تم اختيار موضوع الكتاب انطلاقا من السجال الدائر حول ازدهار البدائل والخيارات التي يقترحها الفكر الغربي منذ زمن، والتي جعلت منه أكثر تفوقا على الثقافات الأخرى، لا بل "شكلت العلامة الفارقة لهذا الفكر" على حد تعبير بادي، الذي يرى أن "فكرة التعددية ذاتها سلكت مسالك طويلة في الفكر الغربي، وفكرة الخيار البديل تبـدو كواحدة من نتائجها ومفضياتها المنطقية".
ويرى بادي في افتتاحيته أن "المواطن أصبح حـذرا إزاء الأحزاب ومرتابا بها، وبالمؤسسات أيضا، ويتصور نفسه مستهلكا سخيفا للوجبات الغذائية السياسية الصناعية في مقاصف وجباتها السريعة.. المنتجات البديلة لا تنفك تغزوه: الهويات المفرطة الغلو، النقمة التي ترتدي رداء كراهية الأجانب، وأكباش فـداء أو ضحايا محرقة من كل نوع.
العنف هنا في الغرب يجـد أرضية خصبة، وتلتحق ديمقراطية الأمس بسـفاهة السـلطويات كافة، والذين يمانعون ويهمشون، ويوضعون في عالم الطوباوية الذي تتعرض مثاليته للسخرية، في حين يصبح بعض ديكتاتوريي الشرق أو الجنوب شـعبيين في الشمال وفي الغرب.
"أوضاع العالم 2018" هو ملف البحث عن البدائل، والبدائل هنا هي الكثرة، أو ما يسميه برتران بادي بـ "التعـددية" أو الفكرة الحاضرة أبدا في الفكر الغربي، الذي يتعقل فكرة الخيار البديل كما لو كانت في طبيعة الأشياء، وتصح وتكون مقبولة في بلدان تقول بالتمثيل والانتخابات والأحـزاب والتنظيمات، وتلجأ إلى التداول وتعتمـد التغيير وغيره.
لكن آخـرين سيقولون إن هـذا الخيار ليس حقيقة وإنمـا هـو تورية، وليس واقعا وإنما بيان وبلاغة؛ والكاتب يتسـاءل: "متى كانت اللعبة الدولية توفر بداية خيار بديل؟" وهـو يذكر شأن زملائه فردريك لوبارون ودلفين آليس، بمارجريت تاتشر، وشعارها الشهير "ليس ثمّة من خيار بديل" الذي تحوّلت الأحـرف الأولى منه (تينا أو ####(TINA #### إلى الاسـم الذائع لسياستها، وسياسة من سـار على نهجها في الثمانينيات من القرن الماضي، من "الليبيراليين الجدد".
أرسل تعليقك