الألم والأمل يتحاوران في قصائد أخرج متنكرًا بإغماءة
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

الألم والأمل يتحاوران في قصائد "أخرج متنكرًا بإغماءة"

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - الألم والأمل يتحاوران في قصائد "أخرج متنكرًا بإغماءة"

دبي ـ وكالات

بين اليأس والأمل تتأرجح قصائد الشاعر الإماراتي راشد أبوغازيين من خورفكان، في مجموعته الشعرية "أخرج متنكراً بإغماءة"، هي نكهة الوجع والحسرة تغزو كلماته وحروفه في هذا الديوان. فما أن نبدأ بقراءة القصيدة الأولى حتى ندرك بأنّ تجربةً قاسية مرّ بها الشاعر على الصعيد الشخصي أو لربما على صعيد الكتابة فقط، المهم أنّ الألم كان ظاهراً بكل مراحله. شيءٌ ما من "الوجع" الذي يتسلل إلى الذاكرة والروح، يتجلى بدايةً من معظم عناوين القصائد الثلاثين، مثل (غرفة الغربة، نكهة الحسرة، مسكينة، مكتوف اليدين، رحلوا من دوننا، الحروف فزعة، الجسد المسجى بلا حراك والعمر والذكرة). لكن وعلى الرغم من كل الألم الموجود، تحاول القصائد أن تثبت لنا أنّ كاتبها موجود ويتحدّى بقوة وبكثير من الصبر كل ما هو آتٍ. إلا أنه وقبل أن يكون إنساناً، هو شاعرٌ يعتمد على الصورة في مخيلته ويصيغها لغوياً حتى تصبح أشبه بالحلم الذي ينأى عن الواقع المرير ويسمو فوقه لكن دون أن ينفصل عنه يوماً، وإلا فليس للكتابة من معنى. في "أخرج متنكراً بإغماءة" تأتي التجربة مليئة بالحياة وانكساراتها وبحسراتنا المتكررة على كل الذين نفقدهم. لكنها تفيض بالمسؤولية والقدرة على التحمل ولو بنفسٍ مقهورة: استراحة طويلة وأعود من حيث لم أكن ولن أكون أعود من دخان الرغبة من مسيري الشاق من القريب سأرجع يوماً قصائد أبو غازيين في هذه المجموعة، لا تشبه فعل القصّ أو الكلام. إنما هي أشبه بفعل البوح حينما يفضي الموجوع بألمه لذاته وليس لأحدٍ آخر. ففي عالمٍ تخذلنا فيه الحياة بشخصياتها، يصبح الإنسان صديق ذاته أولاً والأماكن ثانياً. وأما الذاكرة فهي العقاب الأبدي الذي يظلّ يؤرقنا حتى آخر يومٍ لنا على هذه الأرض: زمانٌ حفرناه في أقاصينا نخلو معه بنكهة الحسرة لنتحاشى أبواب المصير المشروعة على أقصائنا زمان ذاب فينا كسراب يأوينا في قمرات الحلم وبالتالي عندما تضيق بنا الأماكن المعتقة بذكرياتنا الحلوة التي وبفقدانها صرنا نتألم بسببها أكثر من ألمنا للذكريات المؤلمة بحدّ ذاتها، لا يجد الإنسان طريقاً إلا الفضاءات الواسعة. حيث ركض الشاعر راشد أبو غازيين نحو البحر ليفضي له بما يعتريه، ليس حباً بالهروب بقدر ما هو تآلف بين روح الشاعر التي ذاقت من ملح البحر والحياة حتى استساغتها إلى ما لا نهاية: أيها البحر افتح صدرك ضمني فلم يبقَ لي إلا الملح هي حالة من العزلة والغربة التامة يعيشها إنسان اليوم في واقعنا الذي بات شبيها بالمنفى الجماعي لأهله، لربما كان السبب من وراء ذلك الزحمة الشديدة والخانقة التي تحيط بنا تكنولوجياً وإنسانياً. ومن الطبيعي أن يكون الشاعر بحسه المرهف وخياله الشارد دائماً، من أكثر المتأثرين بهذه القطيعة الإنسانية والانفصال الذي نستطيع أن نقول عنه إنه انفصالٌ حياتي وأخلاقي جعل المادة المستهلكة هي المسيطر الأول والوحيد على الإنسان الآن وهنا. وهو بالضبط ما يلمّح به الشاعر أبو غازيين حينما يتحدث عن الغربة وألمها، فالغربة التي يقترب من معالجتها في قصيدته "غرفة الغربة" وفي كل قصائد المجموعة، هي روحية أكثر منها جغرافية أو أي شيءٍ آخر: عندما أخرج متنكراً بإغماءة تحاشاني البشر كأنني خارج من قرون موبوءة من الواضح أنّ أبو غازيين يعاني من ثقلٍ كبير دفعه إلى الكتابة التي لا يريد منها إلا الكتابة. وكأنّ شيئاً ما يؤرقه فيرتاح عندما يكتب لا أكثر ولا أقل. لذا على القارئ أن يصغي بصمتٍ وتأمل إلى وقع كلماته. ليذهب معه نحو فضاءات واسعة من الألم والأمل يسيطر عليها البوح الذاتي. وفنياً فإنّ لغة القصائد التي تميّزت بسهولتها ووضوحها، ساعدت أبو غازيين على إيصال صوره وأفكاره إلى المتلقي عبر نسق الشعر الحديث. لتبدو وكانها أفكار وخواطر مسطّرة ضمن جمل قصيرة ومقتضبة لكنها تفي بالغرض وتهمس لنا بالكثير عن الحب أحياناً: دربي واهنٌ إليكِ بينما حضورك يتقد تمسكين زمام الفتنة بجسدٍ صارم تتكسر عنده النظرات إلا نظرتي تتوثب.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الألم والأمل يتحاوران في قصائد أخرج متنكرًا بإغماءة الألم والأمل يتحاوران في قصائد أخرج متنكرًا بإغماءة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab