ماركيز في رائعته ساعة نحس حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

ماركيز في رائعته "ساعة نحس" حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - ماركيز في رائعته "ساعة نحس" حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية

واشنطن ـ وكالات

" كنا نشكو طوال سنوات من أن شيئا  لا يحدث فى هذة البلدة ، و فجأة بدأت المأساة ، كما لو كان الرب قد أعد  كل شئ بحيث إن ما كف عن الحدوث طوال سنوات طويلة يبدأ فى الوقوع  " هكذا كان حال قرية  " ماكوندو  "  القرية الأسطورية التى تقع بها أحداث  معظم روايات الكاتب الكولومبى الكبير " غابرييل جارسيا ماركيز  " . و نحكى هنا عن " ساعة نحس " الرواية من أعمال ماركيز المبكرة  ، و التى كانت أساسا لرواياته بعد ذلك تدور أحداث ساعة نحس فى قرية تعيش فى حالة حصار فى زمن ديكتاتورى حيث يسيطر الجيش على السلطة بيد من حديد ، فالقرية تحكمها حكومة طوارئ  بعد فترة من الحروب الأهلية و الاضطرابات السياسية ، لكن تحدث أشياء تقلب حياة القرية رأسا على عقب ، فلا أحد يدرى ماذا يدور خلف الأبواب و فى الطرقات . فى بداية الرواية تشعر بأن القرية و ساكنيها غارقون فى السكون ،  و لكن مع دقات أغنية  " سيفيض البحر بدموعى " التى دوت فى القرية ، يتحول الهدوء لثورة و فيضان  ، و  عندما يصبح  الألم حصيناً في مواجهة المسكنات ، فالإنفجار هو المنتظر .  فإذا القرية تستيقظ ذات يوم على مقتل " باستور " العازف الشاب الذى  اعتادت القرية على سماع أنغامه و أغانيه فى الصباح الباكر ، وبرغم حالة الانفعال التى تعيشها المدينة ، و لكن حرص العمدة - الملازم بالجيش  - أن يوجه إنذاره " حذار إذا قلب أحد على المدينة ، فسألقيه بالسجن " . نشرات الفضائ  برغم مقتل باستور ، أعلن مدير السينما عن عرض الليلة ، و لكن من أوقفه القس " أنجيل  "  ، فقال له مدير السينما " فى العام الماضى قتل رجال الشرطة بأنفسهم رجلا داخل دار السينما ، و ما إن خرجوا بالجثة حتى استمر العرض"  ، و عندما يرد القس بأن الأمور أصبحت مختلفة الآن ، يجيب المدير " حين يجرون الانتخابات مرة أخرى سيعود القتل من جديد ، دائما و منذ كانت المدينة يحدث الشئ ذاته " .  " أعتقد أن أياما مريرة تنتظرنا " هكذا قالها القس بأسى . كان الجميع يتداول قصة بلدة أطاحت بها نشرات الفضائح فى أسبوع واحد ، فانتهى الأمر بسكانها إلى قتل بعضهم بعضا ، فكانت إحدى هذة المنشورات سبب مقتل " باستور  " ، و كان ذلك مدعاة للذعر بالقرية  ، فكانت البلاد تتعافى من أوجاعها القديمة  ، و الكارثة الراهنة قد تثير المتاعب . أما عن رجل العدل بالقرية القاضى " أركاديو  "  فكان سكيرا ، لم يدخل مكتبه منذ تعيينه منذ 11 شهر ،  و لا عجب من ذلك فالمكتب يحمل ذكريات مريرة ، فعلى نفس الكرسى مات القاضى السابق لأنه أصر أن يضمن حرمة " الاقتراع  "  ، فحيته الشرطة بوابل من الرصاص أردته صريعا بمقعده  ، كما تم قتل  نائب الأمن العام  بكعوب البنادق . و عندما دخل أركاديو المكتب رسمه لنا " ماركيز  " بحس ساخر متشبع بالمرارة ، فتجد أمامك " صورة العدالة معصوبة العينين و تحمل الميزان فى يديها " ، و صورة أخرى كما وصفها ماركيز : " رجل أصلع سمين مبتسم يتقاطع على صدره وشاح الرئاسة و تحته كلمات مذهبة ، السلام و العدل !! "  يستمر ماركيز فى سخريته حينما تُسأل إمرأة عجوز عن صحتها فترد : " كل يوم أتحسن بصورة أفضل حتى أتمكن من الاقتراع  ! " و عندما قال العمدة للقس : " أعطس يا أبت نحن فى زمن الديمقراطية  " .  و يسخر ماركيز قائلا  : " نظام جديد ساد العالم ، و لم يستطع العثور على أحد أفلح فى فهمه " . كان القس أنجيل الوحيد الذى يرى أن المدينة مثالية ، و أن نشرات الفضائح ما هى إلا نتاج حسد لمدينتهم المثالية . و أرملة مونتيل التى اتهمها الناس بالجنون لأنها أرادت أن تتخلى عن أملاك زوجها ، التى جمعها على حساب دماء الأبرياء ، فعندما وصل حزبه إلى السلطة ، هددت الشرطة خصومه السياسيين بالقتل ، و ابتاع أرضهم و قطعانهم لقاء ثمن حدده بنفسه  ، و بتلك الأملاك الطائلة يظل له اليد العليا حتى لو تغيرت الحكومة  . أرادت الأرملة المغادرة للأبد ، حتى أن بناتها مقيمات فى باريس رافضات العودة إلى هذة البلاد البربرية التى يقتل بها الطلاب فى الشوارع  . ثم ينقلنا ماركيز إلى محل الحلاق المتمرد الذى يتخفى خلف يافطة " الكلام فى السياسة ممنوع " ، و عندما كان يحدث أحد زبائنه  " كارمايكل " محامى أرملة مونتيل ، الذى كان يرى أن حالة الاضطهاد انتهت منذ عام و مازال الناس يتحدثون عنها ، فرد الحلاق إن حالة التخلى التى يعيشونها هى أيضا اضطهاد . كان كارمايكل رجلا محايدا هكذا يقول عن نفسه فماذا يملك رجل فى رقبته 11 طفلا ، و لكن رغم ذلك كان نفس الرجل الذى تحمل السجن فيما بعد ، رافضا أن ينقل أملاك أرملة مونتيل إلى العمدة الجشع  . العمدة الديكتاتور الصغير فى المكان الذى يجلس به  العمدة ، جلس به العقيد " أوريليانو بوينديا " -  الذى يتكرر اسمه فى روايات ماركيز - لوضع شروط الاستسلام فى الحرب الأهلية الأخيرة  ، و قربه بموضع الثكنات كان يرقد أسرى معسكرات التعذيب . و يتذكر العمدة ليلة قدومه إلى البلدة فى منتصف نهار " مسحوق "  فى مدينة ظلت  " مستعصية " الولوج  ، هبط على المدينة  خلسة  فجرا  و كان يحمل أمرا بجعل المدينة " تخضع بأى ثمن  "  ، و بتعليمات أحد أنصار الحكومة المجهولين و ثلاثة عتاة الإجرام تم للعمدة ما أراد . و من طرائف العمدة أنه أمر الحلاق بإزالة يافطة " الكلام فى السياسة ممنوع  " قائلا  : " الحكومة هنا هى الوحيدة المخولة صنع أى شئ ، إننا نحيا فى ظل الديمقراطية و لا أحد يستطيع منع الناس من التعبير عن أفكارهم  !! " يا لها من جملة متناقضة ، و كأنه يقول  لهم حق التعبير و للسلطة صنع ماتشاء ، حتى حرية التعبير أمر مشكوك بصحته  . و عدما سُئل العمدة بما هو مشغول البال  ، رد قائلا  " بالفقراء " و قال :  " علينا أن نجعل هذة البلدة أفضل لأسوء !! "  ، و من كرمه عندما غطت الأمطار بيوت الفقراء ، و أرادوا نقلها لربوة أعلى ، فسمح لهم بنقلها على أرض الحكومة مجانا ، ثم ذهب للقاضى يقدم أوراق بملكيته للأرض و يطلب أن تعوضه الدولة على سكن الفقراء بها  !! " نتيجة للانتخابات الأخيرة قامت الشرطة بمصادرة و إتلاف البطاقات الانتخابية للحزب المعارض ، و الان لم يعد لدى أغلبية سكان البلدة أى وسيلة لإثبات هويتهم  ، و قال العمدة  : " أولئك الذين ينقلون دورهم لا يعرفون حتى أسمائهم  " . عندما تباهى العمدة أنه أعطى الأرض للفقراء و قال " الحال مختلف الآن ، فالحكومة الجديدة تهتم بأحوال المواطنين " قاطعته  امرأة قائلة  " أنتم لم تتغيروا .. كانت تلك مدينة طيبة قبل قدومكم  " . كان العمدة غاية فى الجشع و لم يترك أحدا لم يساومه ، أو يستولى على أملاكه ، فحرر قاتل باستور مقابل " 10 عجول " ، قائلا له أنه حصل على صفقة جيدة ، فقد صدرت الأوامر بقتله و مصادرة أمواله لتتمكن الحكومة من دفع النفقات الطائلة للانتخابات فى المقاطعة بأسرها . ضرس معار دون ساباس هو من قدم لمونتيل القائمة الكاملة لأسماء الذين تربطهم صلات بجماعات الثوار ، و هذا سبب كونه القائد الوحيد من  المعارضة الذى استطاع البقاء فى البلدة ،  و لكن بقى زعيم آخر الطبيب . كان  العمدة يقض مضجعه ألم " ضرسه  " ، و هذة ليست أول مرة يستعين بها ماركيز بألم الضرس ليقض مضاجع الحكام فى رواياته ، فهو رمز بأنهم أبدا لن يهنأوا بحكمهم المطلق ، و سيوجد دوما من يعارضهم . الطبيب جيرالدو رفض معالجة العمدة ، فاقتحم عيادته مع عساكره  ، و هدد بقتل زوجته ، و أدعوا أن الطبيب يخفى أسلحة بمنزله ، و قاموا بتمزيق كل ما فى الدار . فاضطر الطبيب لمعالجته على مضض ، و عندما طالب العمدة أن يخدره قبل أن يخلع ضرسه ، رد عليه قائلا :  " إنكم أيها القوم تقتلعون دون مخدر " .  

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماركيز في رائعته ساعة نحس حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية ماركيز في رائعته ساعة نحس حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab