أنقرة ـ وكالات
وسط مخاوف واسعة من الانهيار الاقتصادي الكامل وترقب من قبل أصحاب الحسابات لسحب ودائعهم من البنوك حالما تفتح المصارف أبوابها، أجرت قبرص محادثات مكثفة أمس الأربعاء لبحث خطط بديلة، من بينها التصرف في أملاك كنسية، وربما رهن الغاز الطبيعي الذي اكتشف حديثا، لتفادي الإفلاس.
وكان البرلمان القبرصي رفض يوم الثلاثاء فرض ضريبة على الودائع المصرفية التي تستهدف جمع 5.8 مليار يورو مطلوبة في إطار خطة الإنقاذ الأوروبية. وأبدت الجهات المانحة الأوروبية استعدادها لمنح قبرص فرصة ثانية، وسط مخاوف من عواقب تداعيات ترك قبرص لغول الإفلاس على بقية دول اليورو الضعيفة.
وعبر يورغ أسموسن، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، عن «اقتناعه» بأن خطة الإنقاذ كانت «في مصلحة قبرص وكل الدول الأعضاء في منطقة اليورو»، وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تحدثت عدة مرات هاتفيا مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستآسيادس، أنه من واجب الدول الأعضاء في منطقة اليورو العمل «لإيجاد حل» حول قبرص، معربة عن أسفها لرفض البرلمان القبرصي لخطة الإنقاذ الأوروبية. وفي باريس، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، نجاة فايو بلقاسم، الأربعاء، أن خطة الإنقاذ الأوروبية كما عرضت على قبرص كانت «خطأ». وصرحت المتحدثة أمام صحافيين، إثر اجتماع لمجلس الوزراء، بأن «التاريخ أثبت أن عرض المشروع بالطريقة التي قامت بها السلطات القبرصية كان خطأ»، مضيفة «من حق الشعب القبرصي أن يعترض على فرض ديون على الودائع الصغيرة».
وفي نيقوسيا، تتوالى الاجتماعات لإيجاد حل للأزمة، بينما كانت المصارف لا تزال مغلقة الأربعاء في الجزيرة لمنع تدفق المودعين وحصول حالة ذعر أو سحب رؤوس أموال بشكل كثيف. وقال الناطق باسم الحكومة القبرصية كريستوس ستيليانيدس، إن «مجموعة تضم خبراء من كل حزب سياسي توجهت إلى البنك المركزي لبحث خطة بديلة للحصول على التمويل».
وكان أناستآسيادس التقى سابقا مسؤولي الأحزاب السياسية، وسيترأس اجتماعا جديدا لحكومته عند الساعة 18.00 (16.00 ت.غ).وأعلنت المفوضية الأوروبية، من جهتها، أنه على نيقوسيا أن تقدم حلا يضمن أن الدين العام القبرصي، الذي يمكن أن يتجاوز هذه السنة 90% من إجمالي الناتج الداخلي، سيبقى قابلا للتسديد. وقال أوليفييه بايي، الناطق باسم المفوضية، خلال تلاوته بيانا للسلطة التنفيذية الأوروبية: «سيعود إلى السلطات القبرصية تقديم حل يحترم مبدأ القدرة على سداد الدين».
وكان رئيس مجموعة اليورو، يروين ديسلبلويم، أعلن الثلاثاء أن الكرة أصبحت في ملعب قبرص، مكررا القول إن المساعدة الأوروبية لن تتجاوز 10 مليارات يور، بينما تحتاج نيقوسيا إلى 17 مليار يورو لتسديد ديونها.
وعبر عن أسفه لرفض البرلمان القبرصي الخطة التي تتضمن ضريبة غير مسبوقة على الودائع المصرفية تصل إلى 9.9%، مما كان سيتيح لقبرص جمع الأموال. وأحد الخيارات المطروحة على الطاولة في قبرص تأميم صناديق التقاعد في مؤسسات الدولة وتلك التي تملك الدولة نصفها، والتي يمكن أن تؤمن ثلاثة مليارات يورو، بحسب متحدث حكومي قبرصي.
وهناك خيار آخر قد يكون تقليص القطاع المصرفي مع احتمال دمج المصرفين الرئيسين اللذين يواجهان المصاعب بهدف تقليل مبلغ الرسملة اللازم.وهناك احتمال آخر يتمثل في أن تقدم الكنيسة الأرثوذكسية، النافذة جدا في قبرص، مساعدة. فقد أعلن رئيس أساقفة الكنيسة كريسوستوموس بعد لقاء مع أناستآسيادس أن الكنيسة مستعدة لوضع أوقاف الكنيسة وأموالها في تصرف الدولة. وأفاد مصدر أوروبي الأربعاء في بروكسل لوكالة الصحافة الفرنسية بأن وزراء مالية منطقة اليورو سيجتمعون سريعا في حال قدمت قبرص اقتراحات ملموسة لتعديل خطة الإنقاذ الأوروبية، معتبرا أنه من غير المرجح أن تقدمها الجزيرة خلال النهار.
وحتى الآن، لم تؤد المحادثات التي أجراها وزير المالية القبرصي ميخاليس ساريس، أمس الأربعاء، في موسكو، إلى نتيجة. فقد أفاد مصدر حكومي روسي بأن ساريس التقى نائب رئيس الوزراء الأول إيغور شوفالوف من دون التوصل إلى اتفاق حول الحصول على دعم من روسيا لمساعدة الجزيرة على الخروج من الأزمة. وعقد اللقاء بحضور وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف الذي التقاه ساريس في وقت سابق خلال النهار، حسب ما أفاد المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكان ساريس وصل مساء الثلاثاء إلى موسكو على أمل الحصول على دعم جديد وطلب إعادة جدولة القرض الذي قدمته روسيا لقبرص في عام 2011 وقيمته 2.5 مليارات يورو والذي من المفترض أن تسدده قبرص في عام 2016 للتخفيف من الأعباء على الجزيرة التي تمر بأزمة اقتصادية خطيرة.
وقدرت وكالة «موديز» أموال الشركات الروسية في قبرص بنحو 19 مليار دولار، يضاف إليها 12 مليارا من إيداعات المصارف الروسية في مؤسسات قبرصية. لكن قبرص يمكن أن تلعب أيضا بورقة الطاقة مع وعود بعائدات كبرى بحلول عقد من الزمن، مصدرها اكتشاف موارد هائلة من المحروقات تحت البحر قبالة سواحلها الجنوبية. وبحسب صحيفة «فيدوموستي»، فإن البنك الروسي «غازبرومبانك» الذي تملك شركة الغاز العملاقة «غازبروم» 41% من أسهمه، عرض على قبرص مساعدة مالية مقابل امتيازات لإنتاج الغاز الطبيعي.
أرسل تعليقك