الرياض ـ وكالات
يجب على الدول العربية توفير 75 مليون وظيفة عام 2020، خاصة مع دخول المزيد من الخريجين إلى سوق العمل، حيث إن البطالة تشكل التحدي الرئيس في المنطقة، وأصبحت هاجسا مخيفا في المجتمعات العربية. وأكد جو صدي رئيس مجلس إدارة شركة "بوز آند كومباني" الاستشارية العالمية في ندوة نظمتها رابطة خريجي كلية إنسياد لإدارة الأعمال في السعودية أخيرا في الرياض، مشيرا إلى أن عدد الخريجين الجامعيين في السعودية بلغ 115 ألف خريجاً عام 2010 مقارنة بـ 55 ألف خريج عام 2000، لكن المملكة تسجل نسبة ثابتة من التوظيف بمعدل نمو 0.2 في المائة سنوياً في الفترة بين 2000- 2010. وطالب جو صدي بأهمية التزام حكومات الدول العربية بسياسات الإصلاح الاقتصادي على المدى الطويل، وذلك في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث جاءت في مجملها نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية متعددة.
واستعرض صدي في محاضرته واقع وآفاق المنطقة، حيث أوضح أن الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغ نحو ثلاثة تريليونات دولار عام 2011 بمعدل نمو سنوي 12 في المائة في الفترة بين 2006– 2011، فيما بلغ عدد سكان المنطقة 380 مليون نسمة عام 2011، وتشكل الشريحة العمرية الأقل من 15 عاماً ما نسبته 33 في المائة من إجمالي السكان، كما تسجل المنطقة نمواً سكانياً بمعدل 2 في المائة سنوياً وهو أكبر بمرة ونصف من المعدل العالمي. وذكر صدي أن استبيان "الشباب في دول الخليج" الذي صدر عن مركز الفكر التابع لـ "بوز آند كومباني" يوضح أن أبرز التحديات التي تواجه الشباب تكمن في ارتفاع تكاليف الحياة وإيجاد عمل مناسب بعد التخرج، فضلاً عن البطالة والحصول على مستوى تعليم جيد، إضافة إلى شح فرص التعبير عن الذات وإيجاد المسكن الملائم، لذا تبرز حاجة المنطقة إلى إحداث تغيير شامل في السياسات الحكومية في التعامل والتواصل مع المواطنين. وأشار رئيس مجلس إدارة شركة "بوز آند كومباني" إلى أن أبرز معالم هذا التغيير تمكن في حرص الحكومات على الموازنة بين الانفتاح والاستقرار، حيث يتوجب عليها أن تتخذ سياسات اجتماعية شاملة من خلال الاستماع لتطلعات شعوبها وتعزيز آليات التواصل المدني ضمن المجتمع، وأضاف: "على الرغم من ما حققته بعض حكومات المنطقة نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية، حيث أنجزت توسعاً اقتصادياً بشكل متواصل، ونجحت في تحفيز القطاع الخاص والتجارة، إلا أن معدل الدعم الحكومي للخدمات سجل ارتفاعاً مضطرداً، حيث يشكل في مصر على سبيل المثال 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وستضطر الحكومة المصرية لإنفاق 12 مليار دولار على دعم أسعار الطاقة فقط".وأوضح صدي أن حجم القطاع العام سجل تضخماً ملحوظاً في بعض الدول، حيث بات يزاحم القطاع الخاص على الاستثمار والوظائف مما أضعف الروح الريادية لدى الأفراد، وتحول الإنفاق القصير الأمد إلى التزام على المدى الطويل مما جعل أي محاولة لتصحيح المسار باهظة التكاليف، وهنا أشار صدي إلى أهمية أن تركز الحكومات على تأسيس شراكات بين القطاع العام والخاص لتعزيز استقطاب المستثمرين، كما أكد أهمية الموازنة بين سياسات التأميم والخصخصة، بحيث تتم الاستفادة من الإمكانات الكبيرة للدولة في دعم ريادة الأعمال والمشاريع المتوسطة والصغيرة وترويج ثقافة العمر الحر لدى الأفراد، ويمكن للشركات الحكومية الكبيرة أن تساعد الشركات الخاصة عن طريق دمجها في سلاسل التوريد والإنتاج.وأضاف صدي: "على الحكومات أن تحافظ على وتيرة الإصلاحات الاقتصادية على المدى الطويل التي بدأت قبل أحداث "الربيع العربي" الأخيرة، ومن الضروري انتهاج سياسات اقتصادية وتنموية ثابتة تتمتع بالاستقرار للاستفادة من إمكانات المنطقة البشرية والاقتصادية، خاصة مع رغبة كبريات الشركات العالمية لتأسيس مشاريع تسهم في تطوير المهارات والخبرات المحلية في المنطقة، فضلاً عن ضرورة تشجيع تطوير مستوى معيشة الطبقة المتوسطة. وتعليقاً على أهمية الندوة، قال مصعب بن سليمان المهيدب رئيس رابطة إنسياد في السعودية: تحرص رابطة إنسياد في السعودية على تنظيم فعاليات متنوعة، واستضافة نخبة المختصين الدوليين لتسليط الضوء على أبرز القضايا والمستجدات الاجتماعية والاقتصادية على الساحة المحلية والدولية بهدف إثراء النقاش البناء والتأسيس لبيئة فكرية تعمل على الارتقاء بالثقافة الاقتصادية والمساهمة في تعزيز مسيرة التنمية في المملكة.
أرسل تعليقك