قنابل موقوتة تنذر بانتفاضة جديدة في تونس
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

قنابل موقوتة تنذر بانتفاضة جديدة في تونس

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - قنابل موقوتة تنذر بانتفاضة جديدة في تونس

تونس – العرب اليوم

في 17 ديسمبر كانون الأول عام 2010 أضرم محمد البوعزيزي المحبط من أوضاعه الاجتماعية السيئة النار في جسده.. فاشتعل وأشعل معه انتفاضة غضب واحتجاجات على البطالة والمحسوبية في بلده تونس انتهت بالإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي وبداية حلم بتجربة ديمقراطية.

وبعد خمس سنوات انتحر شاب آخر عاطل اسمه رضا اليحياوي بعد شعوره بالإحباط وفقدان الأمل في العثور على وظيفة مفجرا موجة احتجاجات كبيرة اتسعت رقعتها بسرعة لتشمل أرجاء البلاد وتهدد بانتفاضة اجتماعية جديدة.

وإذا كانت تونس محل إشادة واسعة على أنها قصة نجاح لانتفاضات الربيع العربي بعد انتقال ديمقراطي هادئ فقد أصبحت أيضا نموذجا للمخاطر في التعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والتهميش والإحباط في صفوف الشبان اليائسين.

والاضطرابات التي هزت مدينة القصرين وانتشرت بسرعة إلى أرجاء البلاد تظهر مدى هشاشة انتفاضة 2011 على التهميش ونقص التنمية وتفشي البطالة في المناطق الداخلية.

وفي القصرين -تلك المدينة المهمشة والفقيرة بوسط البلاد حيث بدأت موجة الاحتجاجات الأخيرة- حاول شبان يائسون الانتحار بإلقاء أنفسهم من فوق مبنى المحافظة احتجاجا على بطالتهم. ونُقل اثنان منهم على الأقل للمستشفى.

وفي أسوأ احتجاجات منذ 2011 انتشرت الاضطرابات والاحتجاجات في وسط وشمال وجنوب البلاد واقتحم المحتجون الغاضبون مقرات المحافظات وهاجموا وأحرقوا مقرات للشرطة وقُتل شرطي في الاحتجاجات. ولحقت عدة أحياء بالعاصمة تونس ببقية المناطق المضطربة بعد أعمال عنف واشتباكات بين الشبان والشرطة.

وقالت وزارة الداخلية التونسية يوم الجمعة إنه تقرر فرض حظر تجول من الساعة الثامنة ليلا حتى الخامسة صباحا في كامل البلاد بعد التعدي على ممتلكات عامة وخاصة.

وخلال الاحتجاجات كان الشبان يرددون شعار "شغل.. حرية.. كرامة.. وطنية" في استحضار لذكريات "ثورة الياسمين" عام 2011 عندما كانوا يطالبون بحريات سياسية حصلوا عليها وفرص شغل وتنمية يقولون إن الحكومة عجزت عن تحقيقها.   

ولا يخفي البعض إلقاء اللوم على لا مبالاة وعدم اكتراث مسؤولين كانوا في نظام بن علي مثل الرئيس الباجي قائد السبسي الذي عاد للسلطة والحكم بعد الثورة التي أجبرت الرئيس السابق على الهروب من تونس.

وفي القصرين قال حمزة الحيزي وهو شاب عاطل عن العمل منذ خمس سنوات بعد حصوله على شهادة جامعية "كنت أعتقد بقوة أن الثورة قبل سنوات أعادت لنا الأمل في الحصول على عمل بكرامة. ولم أكن أتوقع يوما أن نعود بعد خمس سنوات للشارع لنرفع نفس المطالب."

وأضاف "لكن النظام السابق الذي عاد بقوة للواجهة سرق منا أحلامنا."

ومنذ انتفاضة 2011 نجحت تونس في تفادي اضطرابات عنيفة هزت دول أخرى في المنطقة وأطاحت بزعمائها في مصر واليمن وسوريا وليبيا.

وأدت الديمقراطية الناشئة في تونس إلى دستور جديد وانتخابات حرة وتوافق بين الخصوم الإسلاميين والعلمانيين وأشيد بها كمثال للانتقال الديمقراطي في المنطقة.

لكن التقدم الديمقراطي في تونس لم تتبعه نهضة اقتصادية. بل بالعكس ارتفعت الأسعار واستمر تهميش المناطق الداخلية وزادت معدلات البطالة. ويرى التونسيون أن هذه أبرز الأولويات التي يجب لفت الانتباه إليها.

والشعور بالإحباط والاحتقان يتفشى خصوصا في الأحياء الفقيرة في تونس وفي مدن مهمشة داخل البلاد اندلعت فيها احتجاجات. وحتى الحاصلون على شهادات جامعية يصعب عليهم العثور على وظائف.

وتدفع أحيانا مثل هذه الظروف شبانا من الطبقة الوسطى والفقيرة في تونس للالتحاق بصفوف جماعات جهادية رغم تلقيهم تعليما جيدا وهي تسهل تجنيدهم للقتال في العراق وسوريا والآن في ليبيا. وتقول الحكومة إن أكثر من ثلاثة آلاف تونسي التحقوا بساحات القتال في العراق وسوريا.

وارتفع معدل البطالة في تونس إلى 15.3 بالمئة في عام 2015 مقارنة مع 12 بالمئة في 2010 بسبب ضعف النمو وتراجع الاستثمارات إلى جانب ارتفاع أعداد خريجي الجامعات الذين يشكلون ثلث العاطلين في تونس.   

وقال عثمان والد رضا اليحياوي بينما كان يحمل صورة ابنه "رضا فقد الأمل ولكني أقول للسلطات والجميع إن ابني سيكون محمد البوعزيزي جديد وانتحاره سيفجر الاحتجاجات أكثر إذا لم يحصل أبناء القصرين وتونس على فرص شغل بكرامة."

* وعود.. لكن ماذا بعد؟

إضافة لسيدي بوزيد كانت القصرين أيضا من أولى المدن التي انتفضت ضد بن علي في 2011. ومعدلات البطالة والفقر في القصرين الواقعة قرب الحدود الجزائرية هي الأعلى في تونس.

وبعد الثورة زادت معاناة أهالي القصرين وزاد على هموم البطالة والتهميش خطر المسلحين الإسلاميين الذين يحتمون بجبال الشعانبي في القصرين.

وفي استجابة للاحتجاجات الأخيرة أعلن مكتب رئيس الوزراء الحبيب الصيد أنه سيعود للبلاد من زيارة لسويسرا حيث يحضر اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي وسيعقد اجتماعا طارئا للحكومة.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد شوكات إن الحكومة ستسعى لتوظيف أكثر من ستة آلاف شاب من القصرين وتبدأ في تنفيذ مشروعات. وبعد الإعلان تدفق آلاف العاطلين على مقر المحافظة في ساعة مبكرة يوم الخميس لقيد أسمائهم بسجل المرشحين لوظائف لكن حدة التوتر ما زالت مرتفعة ومازال الاحتقان شديدا.

وقال شوكات "نحن نتفهم طلبات المحتجين وهي شرعية ولكن هناك محاولات للتسلل داخل صفوف المحتجين وتشويه تحركاتهم وبالتالي تشويه صورة النموذج الديمقراطي التونسي."

وتأتي الاضطرابات والاحتجاجات في وقت حساس تحاول فيه تونس إنعاش اقتصادها العليل بعد ركود استمر سنوات بسبب تراجع الاستثمارات الأجنبية.  

وتلقى قطاع السياحة ضربة قوية بعد ثلاثة هجمات كبرى لجهاديين استهدفت فندقا في منتجع سوسة ومتحف باردو وحافلة للحرس الرئاسي في العاصمة.

ويتهم المعارضون الحكومة بتجاهل مطالب التنمية والتشغيل في المناطق الداخلية. وقال حمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية المعارضة إنه حذر السلطات من خطورة تجاهل ملف التنمية.

وقال عصام الشابي القيادي بالحزب الجمهوري المعارض "الوضع متفجر وشبيه بالقدر الذي يغلي وقد ينفجر في أي وقت. للأسف الوضع يشبه كثيرا ما حدث في 2011 وقد نجد أنفسنا أمام سيناريو مماثل إذا لم تتحرك الحكومة بسرعة وتعالج الوضع."

وأضاف أنه يتعين إجراء حوار وطني واسع لتشكيل برنامج وحكومة إنقاذ تنكب على مخطط واضح يخرج تونس من أزمتها خصوصا وأن المحتجين أصبحوا لا يثقون في هذه الحكومة ويهاجمون رموز الدولة وفق تعبيره.

وحتى الآن ليس هناك مؤشرات واضحة على أن الاحتجاجات قد تهدأ فورا بعد أن توسعت رقعتها بشكل واسع في أغلب مناطق البلاد.

وفي القصرين قال محمد الخليفي الحاصل على شهادة جامعية في تدريس العربية منذ سنوات "الحكومة تقول إنها لا تملك عصا سحرية لمعالجة الوضع. وجوابنا هو لا نريد سحرا بل نريد فقط حقنا في العمل بكرامة."

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قنابل موقوتة تنذر بانتفاضة جديدة في تونس قنابل موقوتة تنذر بانتفاضة جديدة في تونس



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab