الرياض ـ الروسية
يواجه مسلسل "جرذان الصحراء" السعودي موجة انتقادات عارمة في المملكة، رأى البعض أن العمل يشوه صورة المجتمع المحلي، وهو ما عبر عنه هؤلاء بتعليقات حادة تجاه القائمين على العمل.
فقد عبر الكثير ممن تابع حلقات المسلسل الرمضاني الأولى عن استيائهم إزاء عرض أسوأ صور يمكن أن تقدم عن المجتمع السعودي، إذ تم حصر الشخصيات السعودية في المسلسل "برجال محترمين يظنون أنهم يقودون المجتمع ويقومون بأعمال الخير"، بينما تحكمهم في الواقع "الأنانية والوصولية والفساد والانتهازية".
كما يظهر في المسلسل "مشايخ مرتزقة متناقضون يتاجرون بالدين لهم لحية داخلية وأخرى خارجية" كما قال أحد أبطال المسلسل، بالإضافة إلى "كتاب وصحفيين مرتشين بلا انضباط مهني أو أخلاقي".
ومما أثار غضب المشاهد السعودي هو تطرق المسلسل إلى المرأة السعودية وصورها على أنها "منحرفة ولا يهمها إلا المال"، معززا هذه الفكرة بسفر عائلة سعودية إلى سويسرا لعرض ابنتهم على ثري سعودي يقضي إجازته في أوروبا، وذلك علاوة على مشاهد "شرب الخمر والحفلات والرذيلة بكافة أشكالها التي "اتخم" بها العمل الدرامي السعودي الأضخم، والذي يُعرض في شهر رمضان الحالي.
حول المسلسل وما أثاره من ردود أفعال أجرت صحيفة "سبق" السعودية لقاء مع منتج "جرذان الصحراء" عبد الله العامر الذي يؤدي دور البطولة فيه، نفى فيه أن يكون المسلسل يشوه صورة المجتمع السعودي أو يسخر من "المشايخ"، مؤكدا على أن لهؤلاء كامل الاحترام والتقدير، "ولا يمكن أن نصل إلى هذا المستوى أبدا".
لكنه من جانب آخر أشار إلى أن "جرذان الصحراء" يستعرض التناقضات الإنسانية في المجتع السعودي، شأنه في ذلك شأن أي مجتمع في العالم الذي فيه الطيب والسيئ، منوها بأن الهدف من هذا العمل هو "انتقاد الظواهر السلبية ومعالجتها دراميا".
وردا على مشاهدي العمل ممن انتقدوا ما جاء فيه من لقطات فيقول العامر إنها "موجودة فعلا لدى قلة من الناس الذين يسعون للمال والثراء والانتهازية بشتى الطرق، ثم إن هذه الفئات من البشر موجودة"، مطالبا الجمهور بعدم إصدار الحكم على كل شخصية من شخصيات "الجرذان" قبل الانتهاء من مشاهدته كاملا.
أما الناقد الفني في صحيفة "الرياض" رجاء المطيري فقال لـ "سبق" إن المسؤولين عن المسلسل راهنوا على "اشياء مثيرة وخطوط حمراء"، معتبرا أن هذا الرهان كان ناجحا حتى السنوات الأخيرة، إلا أنه بات فاشلا الآن.
وأوضح المطيري أن "قبل سنوات كان المجتمع قابلا للاستفزاز من العناصر المثيرة مثل المرأة والخمر والتجديف ونقد المتدينين، وما إلى ذلك، وكان النجاح حليف أي مسلسل يقدم هذه العناصر. أما الآن فلم تعد هذه العناصر مثيرة أو مستفزة للمشاهد".
وأضاف الناقد الفني أن المسلسل "صمم نفسه معتمدا على هذه العناصر تحديدا وجعلها رهانه ووسيلته الوحيدة لاستفزاز المشاهد بحثا عن النجاح، لذلك أكثر وبشكل ممجوج من مشاهد الليالي الحمراء والنساء والخمور دون مبرر درامي يبرر هذه الكثافة"، معتبرا أن "صناع المسلسل قدموا عملهم بحثا عن نجاح تجاري فقط".
لكن المجتمع السعودي، من وجهة نظر رجاء المطيري، تجاوز هذا الأسلوب، مشيرا إلى أن المسلسل يعج بالأخطاء الفنية، "أولها أن العمل مهلهل، ويسير بلا سياق درامي واضح، فكل مشهد وكل حدث وكل شخصية تجري في فلك مستقل دون ارتباط بما قبلها أو بعدها".
كما تحدث الناقد عن "اللهجة السعودية المنتهكة بسبب خليط الممثلين والممثلات العرب والخليجيين والسعوديين من مناطق مختلفة"، مضيفا أن "جرذان الصحراء ليس مسلسلا في الحقيقة بل مجرد استعراض بصري لأحداث مفككة وفقيرة".