لندن - العرب اليوم
رغم اقتراب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم للغاية من التأهل إلى بطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2020)، تخفي الانتصارات المتتالية للفريق في التصفيات عدداً من الأمور المثيرة للقلق، قبل أقل من عام واحد على خوض المراحل الأكثر قوة في البطولة.
وبالنسبة لمعظم المنتخبات قد يكون الفوز بأول أربع مباريات في التصفيات المؤهلة للبطولة الأوروبية مسيرة رائعة؛ ولكن الوضع قد يبدو مختلفاً للمنتخب الإنجليزي، لا سيما أن سيناريو الفوز في المباراتين الأخيرتين يوحي بضرورة تحقيق الفريق لبعض التحسن في مستواه خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وتغلب المنتخب الإنجليزي على منتخب كوسوفو 5 - 3 في الجولة السادسة من التصفيات، ليواصل الفريق انتصاراته المتتالية في المجموعة الأولى بالتصفيات.
وعندما جلس المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت في المؤتمر الصحافي عقب انتهاء المباراة، كان الموضوع الرئيسي هو الأخطاء الفردية التي ارتكبها لاعبو المنتخب الإنجليزي. ويدرك ساوثغيت أن الأخطاء الدفاعية التي ارتكبها الفريق في مواجهة كوسوفو يمكن أن تسبب مشكلات أكبر في مواجهة منتخبات أفضل في المستوى من كوسوفو؛ خصوصاً عندما يخوض الفريق فعاليات «يورو 2020».
واعترف ساوثغيت الذي قاد الفريق للمربع الذهبي في كل من كأس العالم 2018 ودوري أمم أوروبا 2019، بأنه يحتاج إلى العمل على علاج هذه الأخطاء إذا كانت خططية أو تتعلق بالتركيز أو كليهما. وقال ساوثغيت للصحافيين، بعد المباراة: «أعتقد أنه أمر يجب وضعه في الاعتبار على مدار فترة طويلة؛ لأنه كانت هناك أخطاء تثير القلق بالفعل... لا أعلم ما إذا كان السبب هو قوة المباراة أو الضغط، ولكنها كانت أخطاء كبيرة بالفعل، للدرجة التي يجب أن نتعلم منها». وأضاف أن فريقه سيتعلم من التجربة التي خاضها أمام كوسوفو أكثر من استفادته من نتيجة المباراة. وأوضح أن ظهور هذه الأخطاء بالفعل أكثر إفادة للفريق من حسم نتيجة المباراة بخمسة أو ستة أهداف.
ونال ساوثغيت إشادة بالغة على أسلوب اللعب الذي يطبقه وتشجيعه المدافعين لبدء اللعب من الخط الخلفي. وقال ساوثغيت إن الأخطاء التي ارتكبها الفريق لا تتعلق بفلسفة اللعب. وأوضح: «لا أعتقد أن الأخطاء جاءت نتيجة اللعب بشكل سخيف، أو المخاطرة بشكل غير ضروري».
ولكن ساوثغيت اعترف بأن فريقه يحتاج لتحسين مستواه وتقليص حجم الأخطاء، إذا أراد التقدم بعيداً في نهائيات «يورو 2020»؛ لكن السؤال المطروح الآن هو: ما الذي يدعو للقلق؟ في البداية يجب التأكيد على أنه من الصعب الدخول في رأس ساوثغيت لمعرفة كيف يفكر؛ لكن يمكننا أن نقول بكل ثقة إن الأخطاء التي ارتكبها لاعبو المنتخب الإنجليزي تدعو للقلق؛ لأنها لم تكسر هيبة المنتخب الإنجليزي فحسب؛ لكنها أبعدت التركيز أيضاً عن الأداء الرائع لرحيم ستيرلينغ في هذه المباراة. وفي الحقيقة، تفوق المنتخب الإنجليزي على كوسوفو بسبب اللعب السريع والمباشر، وبفضل وجود لاعب من طراز عالمي مثل ستيرلينغ يمكنه التحكم في وتيرة المباراة.
وعلى الجانب الآخر، بدا الأمر وكأن المنتخب الإنجليزي يمكنه الفوز بالمباراة بكل سهولة وأريحية؛ حيث انتهى الشوط الأول بتقدم كاسح بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد، وكان الحفاظ على مستوى التركيز نفسه صعباً للغاية في الشوط الثاني. وعلى الرغم من تلقي شباك المنتخب الإنجليزي هدفين متتاليين في بداية الشوط الثاني، فإنه استعاد توازنه سريعاً وأخذ زمام المبادرة مرة أخرى. وعلاوة على ذلك، أهدر هاري كين ركلة جزاء، وأهدر فرصة أخرى محققة عندما اصطدمت الكرة بالعارضة، فضلاً عن كثير من الفرص السهلة الأخرى. ومن المؤكد أنه كان ينبغي على لاعبي المنتخب الإنجليزي أن يسعوا لإحراز مزيد من الأهداف، حتى بعد إحرازهم لخمسة أهداف بالفعل.
وهناك سبب آخر يدعونا لعدم الشعور بالقلق مما حدث في تلك المباراة، وهو أن القراءة الدقيقة لأحداث المباراة – رغم أن ارتكاب مثل هذه الأخطاء ضد فريق أفضل يعني نهاية المباراة بشكل فعلي – لا تعكس النتيجة النهائية. صحيح أن المنتخب الإنجليزي ربما كان يشعر بالضغط كما أشار ساوثغيت؛ لكنه ليس الضغط نفسه الذي سيواجهه عندما يصل للدور نصف النهائي لبطولة كأس الأمم الأوروبية أمام فرنسا مثلاً، فلا يوجد وجه للمقارنة في حقيقة الأمر.
في الواقع، قد لا يأتي الضغط من الخوف من الهزيمة؛ لكن قد يأتي من الرغبة في إثبات التفوق على الخصم، وهو الأمر الذي دفع لاعبي المنتخب الإنجليزي لتبادل الكرة باستهتار واستخفاف في بداية المباراة، بالشكل الذي أدى إلى استقبال الهدف الأول. ومن المؤكد أن إعداد لاعبي المنتخب الإنجليزي من الناحية النفسية سيكون مختلفاً تماماً عند مواجهة منتخبات أفضل.
لكن من ناحية أخرى، يجب التأكيد على أن لاعبي المنتخب الإنجليزي لم يرتكبوا أخطاء مماثلة أمام منتخبات قوية، كما لم يرتكبوا مثل هذه الأخطاء في الآونة الأخيرة. وقد حدث انهيار المنتخب الإنجليزي أمام نظيره الهولندي في دوري الأمم الأوروبية هذا الصيف، بفضل لحظتين كانت الثقة فيهما في غير محلها؛ حيث أدى الاستعراض الفني إلى نتائج عكسية. وإذا نظرنا إلى الوراء أبعد قليلاً، فمن المغري أن نشير أيضاً إلى اللحظة التي تفوق فيها المهاجم الكرواتي ماريو مانزوكيتش على المدافع الإنجليزي جون ستونز في مباراة نصف النهائي لكأس العالم الأخيرة بروسيا، وهي لحظة اعتقد فيها اللاعب الإنجليزي أن كل شيء على ما يرام، بينما لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق.
لقد كان أداء ديكلان رايس جيداً خلال المباراتين المؤهلتين الأخيرتين؛ لكن أداء مايكل كين كان أقل بعض الشيء. ومرة أخرى، يجب التأكيد على أن كرة القدم هي لعبة جماعية يتحمل الجميع فيها المسؤولية؛ لكن من المرجح أن يقوم ساوثغيت بتغيير بعض اللاعبين مع اقتراب المشاركة في نهائيات كأس الأمم الأوروبية العام المقبل.
أما الجزء المتبقي من التحدي فيقع على كاهل ساوثغيت ومساعديه، من أجل إحداث حالة من التوازن بين الشعور بالثقة والشعور بالرضا عن الذات، مع أهمية التركيز على استغلال الفرص السانحة، وإلا فسيكون هناك شعور بالندم. قد يكون من الصعب إكمال هذه المهمة؛ لكن حتى لو حدث ذلك فبإمكان المشجعين الإنجليز أن يعزوا أنفسهم على الأقل بأنهم يشاهدون فريقاً يلعب كرة هجومية رائعة لم نكن نراها من قبل
قد يهمك أيضا:
مُهاجم المنتخب الإنجليزي السابق كراوتش يُعلن اعتزاله اللعب
روني يسجل هدفا خياليا في الدوري الأميركي