لندن - العرب اليوم
يبدو أن اللاعب الشاب بوبي دونكان قد خالف كل التوقعات عندما رحل عن نادي ليفربول الإنجليزي وانضم لنادي فيورنتينا الإيطالي. وبغض النظر عن حالة الجدل الدائرة بشأن ما إذا كان ليفربول محقاً أم لا في قرار التخلي عن خدمات دونكان، فإن نادي فيورنتينا على الأقل يمنح الفرصة للاعبين الشباب من أجل التطور وإثبات قدراتهم.
لكن الأمر كان مختلفاً تماماً مع اللاعبين الذين انتقلوا من الدوري الإنجليزي الممتاز إلى الدوري الإيطالي مؤخراً، حيث انضم هنريك مخيتاريان إلى أليكسيس سانشيز، وانتقلا إلى الدوري الإيطالي الممتاز بعدما فشلا في تقديم أداء مقنع مع نادي آرسنال. لكن لكي نكون منصفين، تجب الإشارة إلى أن روميلو لوكاكو لا يزال في السادسة والعشرين من عمره ويمكن أن يكون إضافة قوية للغاية لنادي إنتر ميلان، كما أن كريس سمولينغ يمكنه بسهولة إحياء مسيرته الكروية من خلال نادي روما. لكن بالنسبة لمخيتاريان وسانشيز، فإن كلاً منهما يبلغ من العمر 30 عاماً ويبدو أنهما يتجهان لإنهاء مسيرتهما الكروية في إيطاليا بعدما فشلا في تقديم أداء مقنع بعدم انضمامهما لآرسنال ومانشستر يونايتد في صفقة تبادلية في فترة الانتقالات الشتوية لعام 2018.
ولو كان آرسنال أو مانشستر يونايتد قد دفعا أموالاً نقدية في هاتين الصفقتين، لكان يمكن وصفهما بأنهما من بين أسوأ الصفقات في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، رغم أن أجر سانشيز الكارثي في «أولد ترافورد» قد أسهم في توجيه ضربة مالية قوية لمانشستر يونايتد ربما لم يلحظها أحد.
وفي الآونة الأخيرة، وبالتحديد منذ 6 أشهر، كان نائب الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد، إد وودوارد، لا يزال يحاول إخفاء هذا الإخفاق الواضح، مؤكداً أن مانشستر يونايتد يمكنه أن يتحمل بسهولة دفع الراتب الأسبوعي لسانشيز، الذي يصل إلى 400 ألف جنيه إسترليني، حتى نهاية عقد اللاعب. لكن يبدو أن وودوارد قد أغفل المشكلة التي تواجه المدير الفني لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، عندما يتظاهر بأنه من الطبيعي والعادي ألا يعتمد المدير الفني على اللاعب الذي يحصل على أعلى أجر في الفريق!
وكان سانشيز قد صرح للتو بأنه لو حصل على فرصة اللعب بشكل أكبر مع مانشستر يونايتد فربما كان سيترك بصمة واضحة على أداء الفريق، لكن الغالبية العظمى من جمهور مانشستر يونايتد، الذي تابع الأداء الباهت للاعب على مدار الأشهر الـ18 الماضية، تتفق بالتأكيد مع سولسكاير ومجلس إدارة النادي، الذين أعطوا أكثر من فرصة للاعب، لكنه فشل في تقديم أداء مقنع، وبالتالي كان من الضروري التخلي عن خدماته.
وربما يكون اللغز الوحيد الآن يتمثل في الأسئلة التالية: ما الذي شاهده مسؤولو إنتر ميلان الإيطالي في أداء اللاعب مع مانشستر يونايتد يجعلهم يتعاقدون معه؟ وهل تعاقدوا معه بعدما رأوا سانشيز وهو يشكل ثنائياً خطيراً للغاية مع لوكاكو في مانشستر يونايتد؟ ربما. وهل رأوا اللاعب التشيلي وهو يحرز أهدافاً حاسمة لمانشستر يونايتد في أصعب الظروف والمواقف؟ ربما، ونحن لا ندري!
من المؤكد أن سانشيز يمتلك إمكانات كبيرة - مشاهدة مقاطع فيديو لأداء ومهارات اللاعب مع برشلونة وآرسنال قد يجعل كثيراً من الأندية تفكر في التعاقد معه - لكن اللاعب التشيلي فشل فشلاً ذريعاً في مانشستر يونايتد، رغم أن المدير الفني السابق للشياطين الحمر جوزيه مورينيو كان يثق كثيراً في قدراته ودفع به في كثير من المباريات.
ولم يكن من الغريب أن يقرر مورينيو التعاقد مع سانشيز، نظراً لأن المدير الفني البرتغالي دائماً ما يفضل التعاقد مع اللاعبين المميزين وأصحاب الخبرات، ولا يغامر بالتعاقد مع لاعبين صغار أو مغمورين، وبالتالي تكون مهمة اللاعبين البارزين الذين يختارهم أسهل في التأقلم مع الفريق وتقديم أداء جيد. وكان سانشيز قد قضى الأشهر الأخيرة له مع آرسنال كأنه يعد الأيام من أجل الرحيل والانضمام إلى مكان أكثر استقراراً وملاءمة بالنسبة له.
وربما كان يتعين علينا أن نخمن آنذاك أن هذه الصفقة لن تكون جيدة لأي طرف من الأطراف. وربما كان لدى مورينيو فكرة مفادها أن اللاعبين قد يتراجع مستواهم في حال الانتقال من ناد إلى آخر واللعب في بيئة مختلفة، كما اتضح من خلال أداء مخيتاريان المخيب للآمال بشكل عام مع مانشستر يونايتد. وشهد مستوى اللاعب الأرميني تذبذباً واضحاً خلال مسيرته مع مانشستر يونايتد، لكنه في نهاية المطاف وجد نفسه خارج النادي.
ولم تكن مشكلة مخيتاريان بالحجم نفسه بالنسبة لمشكلة سانشيز، لأنه لا يحصل على المقابل المادي الخرافي نفسه الذي يحصل عليه اللاعب التشيلي، رغم أنه كان من الواضح منذ البداية أن المدير الفني للفريق كانت لديه تحفظات على لاعبه الجديد. وكانت هذه هي الطريقة التي تم التخلي بها عن خدمات مخيتاريان في إطار صفقة تبادلية للحصول على خدمات سانشيز، ولم يشعر جمهور آرسنال بالدهشة عندما فشل مخيتاريان أيضاً في حجز مكان أساسي له مع المدفعجية.
وهناك نظرية مفادها أن الدوري الإنجليزي الممتاز سريع للغاية ويتطلب قدرات بدنية هائلة من اللاعبين. في البداية، أكد مورينيو أن مخيتاريان بحاجة إلى بعض الوقت من أجل التكيف مع الفريق، لكن الشيء المؤكد والواضح للجميع يتمثل في أن مخيتاريان قد فشل في التأقلم، سواء مع مانشستر يونايتد أو مع آرسنال. وربما يكون هذا شيئاً غريباً بالنسبة للاعب الذي تألق بشكل كبير في الدوري الألماني الممتاز، لكن في أفضل مواسمه مع بوروسيا دورتموند كان مخيتاريان يلعب بجوار لاعبين لديهم قدرات كبيرة في النواحي الهجومية، وكان هو اللاعب الذي يقف على الكرة لبعض الوقت في خط الوسط قبل أن يفكر في التقدم للأمام أو التمرير لزملائه.
وقد قضى مانشستر يونايتد السنوات القليلة الماضية وهو يحاول ضخ مزيد من السرعة في أداء الفريق، وأن يسرع من وتيرة اللعب، لكنه لم ينجح في ذلك الأمر إلى حد كبير. ربما كان ينظر إلى مخيتاريان على أنه الحل لهذه المشكلة، لكن تحت قيادة مورينيو كان اللاعب الأرميني يبطئ وتيرة اللعب، وحتى عندما كان في آرسنال بدا من الواضح أنه كان يعاني من انعدام الثقة. ربما لم يكن هذا ليحدث لو كان مخيتاريان قد انضم لآرسنال في وقت مبكر، بدلاً من الانضمام للفريق في الموسم الأخير لفينغر مع المدفعجية. وبدلاً من ذلك، رحل مخيتاريان عن بوروسيا دورتموند لينضم إلى مانشستر يونايتد، ليصبح أحد اللاعبين الكثيرين الذين يمثلهم وكيل اللاعبين الشهير مينو رايولا والذين انضموا لمانشستر يونايتد في الفترة التي تولى فيها مورينيو قيادة الفريق!
من الممكن أن يكون وكلاء اللاعبين في بعض الأحيان أقل معرفة من المديرين الفنيين فيما يتعلق بقدرة اللاعبين على التأقلم مع أنديتهم الجديدة، ويكون همهم الأول هو انتقال اللاعبين من نادٍ إلى آخر من أجل الحصول على الأموال والعمولات، وبالتالي لا يهتمون كثيراً ببناء الفريق.
ومن المؤكد أن بعض جمهور ليفربول يعتقد أن رحيل دونكان، البالغ من العمر 18 عاماً، إلى فيورنتينا كان بإيعاز من وكيل أعماله، وأن هذه لم تكن رغبة اللاعب من الأساس. كما أن نادي فيورنتينا قد خاطر أيضاً عندما دفع 1.8 مليون جنيه إسترليني من أجل التعاقد مع لاعب صغير في السن لم يتم اختباره في المستويات العالية، لكن على أي حال، فإن هذه الصفقة قد تكون جيدة لجميع الأطراف في نهاية المطاف.
وقد يكون من المثير للجدل أن نقول إن الأمر نفسه ينطبق على باقي اللاعبين الذين انتقلوا على سبيل الإعارة من الدوري الإنجليزي الممتاز إلى إيطاليا في اللحظات الأخيرة من فترة الانتقالات، لكن آرسنال قد نجح على الأقل في أن يجعل روما يوافق على دفع راتب مخيتاريان لمدة عام! أما مانشستر يونايتد، فسيتعين عليه أن يدفع الكثير كراتب لسانشيز. ويظهر كل ذلك أنه بغض النظر عن سن اللاعب أو تاريخه، فإنه لا توجد صفقة خالية من المخاطر في عالم كرة القدم، لكن يبدو أن مانشستر يونايتد لم يكن يعرف هذا الأمر جيداً
قد يهمك أيضًا