الفريق الأول في نادي النصر

   لم تكن خسارة النصر الأخيرة أمام نجران مفاجئة لجماهير الفريق، بقدر اندهاشها من استمرار غياب الروح عن اللاعبين وتواصل ظهورهم بمستويات باهتة، غلفها البرود واللامبالاة، على الرغم من التقدم بهدفين في الدقائق الأولى من المباراة، التي صادقت دقائقها التالية على أفول نجومية بطل الدوري لموسمين فارطين، في وقت باكر من الموسم، ما دفع بالمدرج النصراوي في التفكير في الاستعدادات لموسم جديد عله يجد نصره المفقود.
ولم يظهر خبر إقالة المدرب الثاني على التوالي للفريق هذا الموسم الإيطالي فابيو كانافارو، مدهشا للمدرج الأصفر، بل جاء منتظرا بعد خسارة ثالثة في "دوري عبداللطيف جميل"، والتأرجح بين مراكز الوسط، بعد إخفاق الإيطالي في وضع بصمة فنية على الأداء النصراوي، المتواضع أصلا منذ مطلع الموسم، وتخشى جماهير النصر أن يكون القرار الإداري الجديد امتصاصا فقط لغضب المدرج النصراوي، دون وضع الإصبع على السبب الحقيقي في غياب الروح لدى اللاعبين، ووصولهم إلى مرحلة من الإحباط والمشاركة في المباريات على طريقة تحصيل حاصل، قبل وبعد فقدان الفريق للقب الدوري، الذي حققه في موسمين متتاليين.

ولم يعد سرا أن أزمة النصر باتت مالية بالدرجة الأولى، قبل أن تكون معنوية أو فنية، بعد تواصل إخفاق الإدارة النصراوية في الوفاء بحقوق اللاعبين، من مرتبات شهرية ومقدمات عقود، فضلا عن مكافآت الحصول على بطولة الدوري في الموسم الفائت، ما انعكس سلبا على أداء اللاعبين وثقتهم معنويا في إمكاناتهم، خصوصا بعد توالي فقدان النقاط، والخروج المتتالي من البطولات، تزامنا مع الغياب الواضح للدعم الجماهيري، في علاقة طردية مع هبوط الأداء العام للفريق، واختفاء النتائج المميزة التي كانت تقترن بالمتعة الكروية، والتي جذبت معها الجماهير في الموسمين السابقين، وساهمت كعوامل موحدة في عودة النصر إلى منصات التتويج.

مهما كان اسم المدرب المقبل في النصر، فهو لن يحضر معه عصا سحرية لقلب حال الفريق، في فترة حرجة من الموسم، وسط حالة الاحباط والتذمر في صفوف النصر، وبين محبيه ووسط مدرجاته، التي لم يتبق منها سوى الأطلال هذا الموسم، بعد لوحات "التيفو" المبهرة، حين كان البطل يرتدي قميص الإصرار والرغبة في المنافسة، وهنا يأتي دور الإدارة التي أصبحت في مرمى المسؤولية الكاملة أمام جماهير الفريق، فإما الاضطلاع بدورها في تهيئة الظروف المحيطة باللاعبين، بالإيفاء بحقوقهم المتعثرة، ومحاسبتهم بعد ذلك أولا بأول على تردي النتائج، أو الرحيل قبل فوات الأوان، وترك الفريق لمن يجيد انتشاله نحو العودة إلى المنافسة، بعد قرارات إدارية مجحفة أودت بالنصر، منذ التجديد مع المدرب الأوروغوياني خورخي ديسلفا، ثم إحضار المتدرب كانافارو، إلى الفشل المتواصل في ملفات اللاعبين الأجانب، وأخيرا الصمت تجاه الأزمة المالية، التي عصفت بكل مكتسبات الفريق.

اللاعبون يظلون الحلقة الأهم في منجزات أي فريق أو في تعرضه لإخفاقات، واستمرارهم بهذا السوء الفني في النصر، لن يكون له مبرر مستقبلا أمام الجماهير، وإذا ما أرادوا المساهمة في تحول الفريق نحو طريق المنافسة، والحضور في منصات التتويج، مراجعة أنفسهم أولا ثم تقدير جماهيرهم الوفية، التي ما فتئت تدعمهم
في مختلف الظروف، ومن المعيب أن يكون تأخر استلامهم لحقوقهم المادية سببا رئيسا في تردي حالتهم المعنوية والفنية، في واحد من أهم العوامل الفعلية التي أضرت بالفريق، ووضعته في مركز متأخر في الدوري، لايليق بتاريخه العريق، وحضوره هذا الموسم حاملا للقب الدوري في موسمين ماضيين، لم يجف حبر ذهبهما بعد.