العين الإماراتي

لا يمكن أن تخفي المدرجات "الزرقاء" الغصة في حلقها، من الحضور الهزيل للمهاجم الأورغوياني ماتياس بريتيوس، تحديدًا في مباراة الهلال أمام مضيفه العين الإماراتي في دور ربع النهائي من دوري أبطال آسيا، وهو ماعبرت عنه بعد ذلك جماهير الهلال بالغضب والاستياء، من بوادر فشل الصفقة في وقت باكر من الموسم، ووجهت سهام النقد تجاه مدرب الفريق الأرجنتيني رامون دياز حد اتهامه بالسمسرة على حساب الفريق، بعد أن عزز الثقة في قدرات المهاجم الأورغوياني من جديد، رافضًا كل الضغوط الجماهيرية وحتى الإدارية لاستبداله أو استبعاده ما يجبر الإدارة على الانتظار حتى إشعار آخر.

صفقة ماتياس في الواقع هي نموذج مكرر في جل الأندية السعودية، إذ بعيدًا عن نجاح الصفقة مستقبلًا وتأقلم اللاعب مع الظروف المحيطة به وبالتالي انتصار المدرب في اختياره، أو استمرار فشل اللاعب مع الهلال، فإن ذلك لا يلغي أن إدارات الأندية وليست إدارة الهلال فقط، مازالت تقع في خطأ إستراتيجي فادح، عند توقيع عقود المدربين الجدد، بمنح المدرب حرية اختيار اللاعبين غير السعوديين أو بعضهم، بالاسم وليس بالمركز فقط، وهو مايربك العلاقة العملية بين الإدارة والمدرب من جهة، والإدارة والجماهير من جهة أخرى.

عشرات الأسماء غير السعودية من اللاعبين المستهلكين فنيًا والمقالب وجدوا في الملاعب السعودية طريقًا للثراء السريع، قبل المغادرة الأسرع برفقة مدرب الفريق في معظم الحالات، تاركين الأندية خلفهم تئن تحت وطأة الديون والالتزامات المالية المضاعفة، تجاه صفقات مضروبة يتم تمريرها بطرق عدة، بهدف واحد هو السمسرة والبحث عن العقود المليونية، وقيمة الشروط الجزائية الباهضة.

مازالت إدارات الأندية في هذا الشأن تكابر، وتغفل عن تفعيل جانب الاستشارات الفنية والقانونية، في تعاقداتها مع المدربين واللاعبين غير السعوديين الجدد، فليس من حق المدرب مهما علت مكانته الفنية على مستوى العالم، تحديد لاعب بعينه ثم إجبار إدارة النادي على التعاقد معه، إذ يقف دوره هنا كمدرب فقط عند تحديد المركز الذي يحتاجه الفريق، وهو ما يحدث في كثير من الدوريات العالمية المتقدمة، وفي حال إصراره على اختيار لاعب معين باسمه، يتوجب على الإدارة ودون مجاملات تحميل المدرب رسميًا مسؤولية فشل اللاعب لو حدث من الجوانب كافة، في مقدمتها الجانب المالي، وهو المحك الذي سيقف عند حده المدرب، ولن يجازف بعدها مقابل صرامة الإدارة في هذا الصدد. القضية الأهم أن معظم المدربين في الملاعب السعودية والخليجية، يستوعبون قبل حضورهم حقيقة أن فترة بقائهم مع فريق واحد لن تتعدى موسمًا أو موسمين على أبعد تقدير، لذلك جلهم يفضل الخروج بأكبر المكتسبات المالية، وممارسة السمسرة خارج إطار عملهم المفترض، مستغلين غياب الإجراءات الإدارية الرادعة لتدخلاتهم، بداية من كتابة العقود التي تطغى عليها العاطفة والمجاملات، دون النظر لما قد سيحدث مستقبلًا من تأثيرات سلبية