كيجالي - العرب اليوم
حيث يسود موسم الجفاف في رواندا، يمتلئ الجو بالغبار الكثيف عند مرور سيارات في قرية كادوها شمال شرق البلاد.
وعلى جانب من الطريق، هناك قناة ري بمياه صافية، تسقي حقول أرز تمتد على مرمى البصر.
هذه القناة التي بنيت من قبل مؤسسة الهندسة الجيولوجية الصينية ((سي جي سي)) تمتد لطول 30 كم، وتجلب المياه الصافية لـ925 هكتارا من الحقول في المحافظة الشرقية على مدار العام، وحتى في موسم الجفاف.
وكجزء من مشروع للحكومة الرواندية لدعم الأرياف، ممول من البنك الدولي، استهدفت أعمال الإنشاءات تحسين الإنتاج الزراعي بما يخدم أكثر من 1500 فلاح ، وفقا لما قاله جان دي ديو موغيرانيزا، وهو مهندس بالمشروع .
وقبل إكمال الأعمال في عام 2016، لم يكن بإمكان الفلاحين زراعة الأرز هنا لعدم وجود نظام ري كاف، وكانت زراعة الأرز محصورة بمناطق قريبة من الأنهار ، وفقا لقول موغيرانيزا .
وأضاف أن الفلاحين كانوا يزرعون محاصيل تروى بمياه الأمطار، ومنها البطاطا والموز والذرة، قرب الأنهار التي لم يكن فيها سوى القليل من المياه خلال موسم الجفاف، الأمر الذي يفاقم معاناة الفلاحين .
ومع الأعمال التي نفذتها المؤسسة الصينية ((سي جي سي))، أصبحت المنطقة الآن مكتفية بالمياه اللازمة لري الحقول والزراعة.
وقال المهندس "في الماضي، لم يكن الإنتاج جيدا، ولا يكفي إلا للاستهلاك الشخصي للفلاحين . ولكن الفلاحين ينعمون حاليا بإنتاج جيد للأرز ويحققون منافع أكثر من قبل."
أحد المستفيدين من هذه التطورات، هو آموري بيزوموتيما. قال هذا الرجل ذو الـ32 عاما، وله أربعة أطفال، اثنان منهم بالمدرسة، "كنت أزرع كمية قليلة من البقوليات والذرة، ولم تكن هناك مياه في الحقل الذي أزرعه أرز حاليا."
وأضاف هذا الرجل الذي يزرع حاليا الأرز في حقل يغطي مساحة 0.2 هكتار، أنه "لم نكن نحصل على طعام كاف بالماضي، كنا نأكل ما نزرعه، وليس لدينا فائض لنبيعه."
وأوضح "حاليا، لدي فائض من الأرز لبيعه وتحقيق دخل أفضل. وبفضل ما أحصل عليه من مال من بيع الأرز، يمكنني شراء مزيد من الطعام لعائلتي، ودفع أجور الدراسة ومستلزماتها لأطفالي ."
وتلعب الزراعة دورا هاما في اقتصاد رواندا، وتحتل 33% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد ، ويعمل فيها 70% من السكان، وفقا لمنظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة((فاو)).
قال المحلل السياسي الرواندي لاديسلاس انغينداهيمانا إن الحفاظ على المياه والري أمر حيوي للتحول الزراعي وللأمن الغذائي، مضيفا أن خطة الري هي جزء من برنامج الحكومة الرواندية لانتشال الناس من هاوية الفقر المدقع، والسعي لتحقيق رخاء اقتصادي.
وأضاف "أن الشركات الصينية قد لعبت دورا حيويا في تمكين الفلاحين الروانديين من زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين دخل العائلات ."
لقد أقامت الصين ورواندا العلاقات الدبلوماسية عام 1971، ومن ذلك الحين ظلت الصين شريكا تجاريا رئيسيا لرواندا ومصدرا هاما للاستثمارات وشريكا بارزا للتنمية فيها، وفقا للسفارة الصينية في رواندا.
ومنذ دخول المؤسسة الصينية ((سي جي سي)) للسوق الرواندية عام 1999، ظلت تدير 13 مشروعا لحفظ المياه والري، وخاصة في تطوير أراضي الأهوار، والري في مناطق التلال، وكبح تآكل التربة.
ومن بين مشاريعها، سد مويانزا الذي يبلغ ارتفاعه 26 مترا، وهو ثاني أعلى سد في رواندا وأعلى وأكبر سد مليء بالتربة في هذا البلد المعروف بكثرة التلال.
قال تشو شينغ هوي، المدير العام لفرع مؤسسة ((سي جي سي)) في وسط وشرق أفريقيا إن المؤسسة توظف كفاءات متميزة وخبرات هندسية من الصين لتصميم وتنفيذ المشاريع في رواندا، وهو ما يعني أيضا جلب التقنيات والخبرات الصينية إلى هذا البلد.
وأكد أنه من الطبيعي أن تأخذ المؤسسة بعين الاعتبار الفوائد الاقتصادية ، ولكن عندما تواجه المشاريع في رواندا صعوبات مالية، لا تتوقف المؤسسة بل تواصل تنفيذ المشاريع لدعم هذا البلد.
وأكد قائلا "إن تنفيذ المشاريع في رواندا هو عمل لي، ولكن مشاريعنا هذه توفر للفلاحين أرضا خصبة يمكن زراعتها لعدة أجيال."