واشنطن - عمان اليوم
اليوم، وبينما تواصل البشرية معركتها مع أزمة مناخية تطول تأثيراتُها السلبية جميع الصناعات، تحتل التصميمات المستدامة صدارة عالم التصميم. وتبدو الاستدامة في عالم العمارة مهمة صعبة نظراً لحجم التصميم المطلوب، ولكن إيجاد الحلول الصحيحة سيولد آثاراً كبيرة لإحداث الكثير من التغييرات الإيجابية.
سكن مستدام
تواجه العالم، اليوم، حقيقة مدهشة بعض الشيء، وهي أن قطاع البناء يولّد الحصة الأكبر من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، أي 39 في المئة منها... مقابل قطاع الطيران الذي لا تتعدى حصته 2 في المئة. وفي الواقع، ينتج الإسمنت وحده ما يقارب 8 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، ما يعكس أهمية تطوير مساكن مبنية بطريقة مستدامة.
ولهذا السبب، قررت شركتا «ماريو كوتشينيلا أركيتكتس» و«واسب» (WASP) المضي نحو هذا الحل وصممتا مشروع «تيكلا» الذي يرتكز على بناء مساكن بواسطة الطباعة التجسيمية (ثلاثية الأبعاد) وباستخدام مواد طبيعية.
بدأ مشروع «تيكلا» TECLA للعمارة كنموذج تجريبي عام 2019، بالقرب من مدينة بولونيا في إيطاليا للاستجابة لمشاكل اجتماعية ملحة ناتجة عن انفجار سكاني متصاعد أدى إلى نقص حاد في المساكن ذات الأسعار المعقولة.
وُلد المشروع بالاعتماد على مواد مُعاد استخدامها وتدويرها مستخرجة من الأرض المحلية، ويهدف إلى تأمين نموذجٍ للسكن الدائري الاقتصادي المناسب لمحدودي الدخل. وقد صممت هذا المسكن شركة «ماريو كوتشينيلا أركيتكتس» ونفذته على أرض الواقع شركة «واسب» لتقنيات الهندسة والطباعة.
يُعد «تيكلا» أول المشروعات المبنية بالكامل من الطباعة ثلاثية الأبعاد، ومن طين محلي المصدر استخدم لقرون في دول كالهند كبديل للإسمنت، غير مكلف وصديق للبيئة. ويتميز الطين بقابلية التحلل وإعادة التدوير ويعد بتصفير النفايات الصادرة عن هذا البناء.
تأقلم مع المناخ
استوحت الشركتان إسم المشروع من مدينة خيالية تحدث عنها الكاتب إيتالو كالفينو، وسيتم بناؤه باستخدام عدد من الطابعات ثلاثية الأبعاد، التي ستعمل مع بعضها في وقتٍ واحدٍ، الأمر الذي سيُعتبر إنجازاً بحد ذاته نظراً لحجم المشروع.
صُمم المشروع السكني وبُني ليتأقلم مع بيئات متعددة، وفقاً لموقع «يانكو ديزاين»، وليكون قادراً على الإنتاج الذاتي باستخدام «أدوات صانع الاقتصاد المبتدئ» من «واسب». يسهم هذا المشروع في تقليل النفايات الصناعية وينشّط الاقتصادات المحلية والوطنية باستخدام نموذج مستدام يتطلب مشاركة السكان، ما سيسهم في تمتين المجتمع والصحة البيئية. طُوّر المشروع بكامله بالاعتماد على بحث مستفيض قامت به مؤسسة مدرسة الاستدامة التي أنشأها ماريو كوتشينيلا نفسه، واستكشف هذا البحث القيم أسباب وآثار التشرد بناءً على دراسة حالات في مناطق مختلفة بمناخات مختلفة.
في النتيجة، نجحت الشركتان في تصميم مشروع سكني قادر على الصمود في أي مناخ مع الحفاظ على فاعليته على صعيد الطاقة، على عكس المساكن ونماذج البناء التقليدية. ويشكل «تيكلا» اليوم موضوع دراسة قد تتحول إلى قاعدة للمدن البيئية المكتفية ذاتياً.
قد يهمك ايضاً :
روسيا تطلق قمراً إصطناعياً لرصد المناخ في القطب الشمالي
روسيا تطلق أول قمر صناعى لمراقبة المناخ فى القطب الشمالى