باريس ـ وكالات
لم تعد حالة الركود التي تواجه أسواق السيارات في القارة الأوروبية معضلة وحيدة تواجه معارض السيارات في فرنسا، بل اصبح على أصحابها مواجهة رفض المستهلك الفرنسي في شراء السيارات الفرنسية الصنع. وشهدت مبيعات السيارات العام الماضي أقل معدل لها منذ 15 عاماً بانخفاضها من 2,3 مليون سيارة في 2009، إلى 1,9 مليون سيارة، وما يزيد المشكلة تعقيداً تفضيل المشترين المتوقعين لموديلات غير فرنسية، كما لم يسبق للعديد من الشباب اقتناء سيارة، التي يركبون بدلاً عنها الدراجات أو المترو أو المشي. وبالمقارنة مع أميركا التي سجلت مبيعات قياسية في 2012، انخفضت مبيعات فرنسا بنحو 13,9% متجاوزة الانخفاض الكلي لسوق أوروبا البالغ 8,2%. ويتوقع محللو القطاع أن تشهد فرنسا سنة أخرى من الكساد في مبيعات السيارات. ويشكل إحجام المستهلكين مشكلة حقيقية لاقتصاد فرنسا، حيث تبلغ القوة العاملة في القطاع الذي تهيمن عليه شركة “بيجو – سيتروين”، نحو 220 ألفا، إضافة إلى آلاف الوظائف الأخرى غير المباشرة. ويرى البعض أن الحكومة التي تملك 15% من شركة “رينو” والتي وصفت القطاع بالأولوية الاستراتيجية وبالدور النشط، أنها تتدخل بشدة في شؤونه. وفرنسا ليست الدولة الوحيدة التي طالها الركود في مبيعات السيارات، ومع أن انتعاش مبيعات القارة الكلية في 2007 لم يتجاوز سوى 16 مليون وحدة، إلا أن الرقم انخفض إلى 12 مليون في السنة الماضية. وكبقية شركات صناعة السيارات في أوروبا، تملك نظيراتها الفرنسية فائضاً في الناتج والعاملين ما يعيق تحقيق الأرباح خاصة في ظل هذا الركود الذي يسود الأسواق. وربما يستمر هذا الوضع لعدد من السنوات وفي فرنسا بالتحديد، حيث واجهت خطط خفض العاملين التي أعلنتها كل من “بيجو – سيتروين” و”رينو”، انتقادات شديدة من قبل المحللين والمسؤولين في الحكومة. وتشير التقارير إلى أن معظم عمليات شراء السيارات في الدول المتقدمة خلال الخمس سنوات الماضية، كانت بغرض تغيير سيارات قديمة بأخرى جديدة، مع تشكيل 2% فقط من مبيعات السيارات في أميركا وأوروبا إضافة جديدة لأسطول المستهلك، في حين تبلغ هذه الإضافة 70% في الأسواق الناشئة. لكن يبدو أن الطلب المدفوع بحاجة التغيير واقع هو الآخر تحت خطر التهديد في أوروبا. وفي الوقت الذي يزيد فيه عدد كبار السن في القارة ينخفض عدد المالكين للسيارات ومن ثم معدل الاستهلاك، علماً بأن السيارات تتميز بعمر افتراضي أطول في الوقت الراهن. ومن السلبيات الأخرى التي يعاني منها القطاع، التغيير الذي يخضع له الجيل الحالي. وتبدو شركات صناعة السيارات واثقة من مواصلة الجيل القديم لنمط أسلوب السيارات الذي كان يتبعه في الماضي. لكن ليست لدى جيل الشباب الذي يعول عليه القطاع في فرنسا، رغبة كبيرة في امتلاك السيارات وفي العاصمة باريس على وجه الخصوص. كما لا يرغب أيضاً في تعلم قيادة السيارات التي لا تشكل ضرورة بالنسبة له.