عمان ـ إيمان أبو قاعود
كشف الكاتب الأردني الساخر يوسف غيشان أن اتجاهه للكاتبة الساخرة، جاءت بعد انتفاضة نيسان/ أبريل 1989 التي خلقت مساحة من الحرية، مشيرًا إلى أنه خرج من السجن في هذا الوقت فوجدًا شكلا من أشكال الديمقراطية الصحفية، فاتجه للعمل في الصحف الحزبية، وكتب المقالة السياسية الساخرة التي لاقت جمهورا كبيرا مما شجعه على هذه الكتابة الهجائية والهجومية، مؤكدًا أنه عضو في ميلشيا الساخرين. وأوضح الكاتب الأردني الساخر في مقابلة مع "العرب اليوم" أن الشعر تركه بعدما اتجه إلى الكتابة النثرية، معللًا ذلك بأن المرحلة كانت تحتاج إلى النثر أكثر من الشعر، لأن الأعمال العظيمة والبطولية والملحمية توقفت وتحول الثوار إلى أثرياء على موائد المفاوضات، وذلك قبل الربيع العربي بعشرين عامًا. وأشار غيشان إلى أن المجتمع يتقبل الكاتبة الساخرة، لكنها نادرة في العالم ككل وليس في الوطن العربي، ربما لأن المجتمعات تقيدها الكثير من القيم التي تمنع انطلاقاتها وقدرتها على التعبير بحرية، وربما أيضا لأن الكتابة الساخرة عدوانية وهجائية ومهاجمة. وعن دور الربيع العربي في انتشار الكتابة الساخرة أوضح غيشان أن الربيع العربي زاد من جرأة الناس جميعا في الكشف عن الفساد، مشيرًا إلى أن هذا الأمر انعكس ايجابيا على الكتابة الساخرة التي تحتاج إلى فضاء أوسع من الحرية. وعن مدى صحة تمسك الشعب الأردني بـ"التكشيرة" قال غيشان: لم يعد احد يصدق هذه المقولة ، فقد أصبحنا شعبا ساخرا بامتياز، لكننا نضحك أحيانا و"التكشيرة" تعتلي وجوهنا لأنها عادة أخذناها من أصولنا البدوية. وأكد الكاتب الأردني أن أهم مرحلة في حياته كانت عام 1993 عندما أصدر أول كتاب ساخر له باسم (شغب) ولقي إقبالا كبيرا، مشيرًا إلى أن هذا النجاح كان دليلًا على أنني كاتب ساخر ناجح، وليس كاتب مقالات يومية ساخرة، مما شجعني على إصدار سلسلة من الكتب الساخرة. وعن مقومات الكاتب الساخر قال غيشان ليس هناك مقومات محددة للكتابة الساخرة، لكنها تحتاج مبدئيا إلى شفافية شاملة وجرأة في القول وتحرر من القيم البالية، وقدرة على النظر بطريقة مبدعة إلى ما يبدو عاديا للآخرين. وأضاف: ليس هناك شروط تقيد الكتابة الساخرة ،فأكثر الساخرين يعانون من الاكتئاب والحزن الدائم والقلق الوجداني ، لكني شخصيا أشبه كتاباتي الساخرة وهذه ميزة تتوفر في البعض. وأعرب الكاتب الأردني عن رغبته في أن تسلك إحدى بناته طريق الكتابة الساخرة، مشيرًا إلى أنه سيكون سعيدًا لو استطاعت أي أنثى أن تخترق عالم الكتابة الساخرة،وقال:" أعتقد أنني عضو في ميليشيا الساخرين، ونحتاج لشباب وشابات جدد حتى نقوي حزب الساخرين ضد البؤس في الكتابة العربية. وعن رؤيته للمواقع الإلكترونية الساخرة: قال إنها تجعل النشر متاحا للساخرين، معربًا عن أمنيته أن تفتح المواقع الالكترونية قنوات ساخرة بداخلها لأنها شعبية وتجلب الكثير من القراء وتعمل على إيصال الفكرة بشكل أسرع، مشيرًا إلى أن الأردن بها موقع "سواليف" الساخر الذي يديره الكاتب الساخر احمد حسن الزعبي والذي يعمل على تشجيع الكتابة الساخرة. وأوضح غيشان أن أبرز الكتاب الساخرين الذين تأثر بهم كان منهم الكتاب الأوائل مثل الجاحظ وقبله جحا وغيرهم من المجانين العقلاء، مؤكدًا أنه لن ينسى تأثير الرائع أنطون تيثخون وجاك لندن وبرناندشو ومحمود السعدني واحمد رجب ومحمد الماغوط، لافتًا إلى أن الأكثر أهمية في التأثير على كتاباته الكاتب الساخر التركي عزيز نيلسن. وفيما يتعلق بمدى تقبله للنقد قال: "بتقديري على الكاتب الساخر أن يتقبل النقد بأريحية، لأنه هو من يهاجم أولا ويهاجم الناس واعتقاداتهم الخاطئة، مشيرًا إلى أنه يفضل من ينتقده عمن يمتدحه ،لأنه يستفيد من الناقد أكثر من المادح المعجب.