بغداد – نجلاء الطائي
عُثر على فنان عراقي عشريني بعد تحقيقه شهرة واسعة بسبب وسامته وجماله، قبل ساعات، جثة ممزقة في أحد أحياء شرقي العاصمة العراقية بغداد، بعد اختطافه على يد مجهولين.
وتناقل العراقيون (ناشطو موقع التواصل الاجتماعي) صور الفنان العراقي كرار نوشي، الذي غادر الحياة مبكرا في أولى خطواته نحو النجومية، وعبارات غضب واستنكار لمقتله بطريقة وصفوها بالشنيعة والمروعة، والتي لا تفرق عن جرائم "داعش" بحق المدنيين وحرياتهم الشخصية.
ونشرت الصفحة صورا للفنان "كرار" مرفقة بمنشور فحواه "هذا ملك جمال العراق" للسخرية منه، بسبب شعره الذهبي الطويل وعيونه الملونة المغايرة للملامح العراقية التي يغلب عليها سواد العينيين والشعر الأسود والبني.
وكان كرار نفى ترشيحه لمسابقة خاصة بملك جمال العراق، معتبرًا الجمال هو كل شاب عراقي على ساتر القتال للقضاء على تنظيم "داعش" ، كما نوه عبر منشور على حائط صفحته الخاصة عبر "فيسبوك"، إلى اعتزازه بحريته الشخصية في بناء مظهر خارجي له، مختتماً توضيحه بكلمة "أحبكم" وجهها لمتابعيه وللساخرين منه.
وفضيحة فتاة مراهقة نبا العراقية غرها شاب من اجل استدراجها الى شقته ليقوم بعد ذلك بالاتفاق مع اصدقائه بتصويرها ، ويساومه في ذات الوقت أصدقاؤه مقابل المال، لتكون الضحية الفتاة التي قتلها أهلها بعد عرض الفدية في التواصل الاجتماعي .
نشرت احدى الصفحات الالكترونية والتي تحظى بمئات المتابعين في موقع التواصل الاجتماعي منشوراً قالت فيه "إن أهالي منطقة الغزالية، ببغداد، منزعجون من وجود محل لبيع المشروبات الكحولية ويطالبون الجهات المعنية بإغلاقه فوراً لأنها منطقة محترمة مع وضع صورة للمحل المشار إليه للدلالة على مكان وجوده" .. بعدها بساعات انتشر الخبر بسرعة البرق بين المستخدمين وعلى مساحة واسعة، وأخذ يثير الجدل بين مؤيد ومعارض، حتى وصل الصراع لتبادل الشتائم بين المعلقين عليه، بعد تاريخ النشر بـ26 يوماً ،تم قتل صاحب محل بيع الخمور أمام مرأى الجميع كما صوّرته كاميرات المراقبة. وهذه جريمة من عشرات الجرائم التي دفعت صفحات التواصل الاجتماعية لارتكابها.
في الوقت ذاته لا تنجو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً من تهمة التسبب بحادثة مقتل الفنان الشاب "كرار نوشي" حيث أكد الكثير من الخبراء بصفحاتهم الالكترونية، وفي وسائل الاعلام، أن الحادثة كانت بسبب النشر الكاذب والتسقيط لشخصية المجني عليه باستمرار، وتكثيف النشر والسخرية المغلفة بالتحريض ضده، والتي أدت لمقتله.
عن تلك الصفحات وما أوجدته أو تسببت بها من أحداث وجرائم، يبيّن الباحث الاجتماعي والناشط في مجال حقوق الانسان (حسين مناحي) أن الإشاعة خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع، وتتداول بين العامة ظنّاً منهم بصحتها، ودائماً ما تكون هذه الأخبار شيّقة ومثيرة للفضول.
وتابع ، كما أنها تفتقر عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحتها، تتلاشى الكثير من تفاصيل المعلومة عند تنقلها من شخص إلى شخص حتى نصل للخامس أو السادس، فكيف بمئات المتصفحين في مواقع التواصل الاجتماعي". ويضيف مناحي، أن لإثارة الاشاعات أو الاخبار الكاذبة مآرب متعددة، تتماشى مع مبتغيات مثيريها، بعض الإشاعات يكون خلفها أهداف سياسية، وأخرى اجتماعية، وأغلبها شخصية انتقامية. مضيفا، وعادةً ما تحصل هذه الإشاعات في الحروب أو في الحالات الأمنية غير الاعتيادية، حيث تهدف إلى اسقاط الطرف المعني بها. منوهاً، تنتشر الإشاعات في المجتمعات غير المتعلمة، وذلك لسهولة انطلاء الأكاذيب عليهم، وهي تحتوي على جزء صغير من الحقائق وتحاط بالخيال عند ترويجها، فيصعب فصل الحقيقة أو التعرف عليها.
ويتابع الباحث الاجتماعي، أن هناك عوامل أخرى تهيئ ظروف خلق الشائعة وترويجها وأهمها: الغموض والأهمية، حيث تجذب أهمية الموضوع بالنسبة للأفراد المعنيين اهتمامهم، في حين أنه محاط بالأجزاء المزيفة التي تبدو لغير المعنيين بالموضوع غامضة جداً.
واسترسل ، وأخطرها التي تتضمن قصصاً عدائية توجّه ضد شخصيات مؤثرة في المجتمع أو مسؤولين أو فاعلين مدنيين، لمحاولة تلطيخ سمعتهم، وبالفعل يتم ذلك وتبنى المواقف والافعال وردودها على أساسات الشائعة المضلّلة التي ينجر خلفها قليلو المعرفة حتّى يكونوا تحت ضغط آثارها النفسية.
ويؤكد مناحي أن مروجي الشائعات، والأخبار المزيفة، ينسخون سلسلة لا تنتهي من القصص ويعملون على تغذيتها واستمرار نشرها، لتوثر في المجتمع على مختلف الصعد، تبداً بالشخصية كالتي تروّج للعنف. مستطرداً، فالاجتماعية المتمثلة بإثارة الأزمات العنصرية والدينية والسياسية، وحتى الاقتصادية وزيادة صراع الموالين للجهات المختلفة والأراء المتعددة، والتي تسهم بإسقاط مجتمعات بأكملها من خلال اشاعة الفوضى والخوف، وعادةً ما يدعمها بعض الوجهاء ورجال الدين والسياسيين بل حتى أجهزة استخبارات.
يخبرنا مازن مثنى (مهندس شبكات الكترونية) بتفاصيل دقيقة لصناعة الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي يقول لقد زودت البيئة الرقمية محترفي صناعة الشائعة ومروجيها بأدوات اشتغال تمكنهم من جعل الشائعة أكثر إقناعاً وأقرب شبهاً بالحقيقة، إذ يستطيع صانع الشائعة أن يزوّر النصوص والصور ولقطات الفيديو وخامات الوثائق (الورقية والبلاستيكية والمعدنية وغيرها).
وشدد بالقول، فقد مكّنت البرمجيات الاحترافية في معالجة النصوص والصور وتحرير الصوت والفيديو مثل "الفوتوشوب" المستخدمين من إتقان تزوير الوثائق والملفات لدرجة يصعب كشفها، خاصة إذا انطلق هذا التزوير من بعض الحقائق الفعلية وربطها بسياق تواصلي حقيقي لأحداث وقعت بالفعل.
ويتابع المهندس الالكتروني، إن تزوير وثائق رسمية، ومواد إعلامية، وتزوير نتائج وآراء علمية باسم علماء لا وجود لهم أو موجودين ولكن مفترى عليهم، يسهم بظهور آفة التداول ثم آفة التمرير حتى تغرق فضاءات التواصل الاجتماعي بها .. وأكد أنه عندما يصعب على مستخدم مواقع التواصل تتبع مافاته من أخبار أو مداخلات، تكون عملية الحصول على المعلومة في شبكة التواصل الاجتماعي الرقمي، من العمليات التي يصعب فيها على المتواصل تتبع ما فاته من مداخلات بشكل فوري.
وأردف لذلك فإنه يقع في عملية تمرير الشائعة من قبل متواصلين آخرين، الأمر الذي يوحي بمصداقية الإشاعة إلى أن يتم تكذيبها وعادةً مايكون الوقت قد تأخر وخاصة في الشائعات التي تخصّ أجهزة الدولة وفعالياتها المختلفة، ولذلك يحتاج دحض الشائعة الرقمية إلى خبرات مهنية وتقنية غالباً ما لا تتوفر إلا عند وسائل الإعلام.
وبالعودة الى نشاط الصفحات الالكترونية، تناقلت صفحات عدة، خبراً أرفق مع صورة لأموال مجهولة، قالت إنها "الأموال التي ضبطتها هيئة النزاهة العراقية، في منزل أحد المسؤولين العراقيين مع ذكر اسمه"، بعد انتشار الخبر بشكل سريع وأخذ يتصدر المنشورات الالكترونية في صفحات المستخدمين، اتضح أنها صورة لأموال مزورة تم ضبطها من قبل الاستخبارات العسكرية الاردنية، في أحد المنازل الذي تتخذه احدى العصابات مقراً لها ..
وأثار خبر زائف آخر ضجةً واستياءً شديدين، وما أن بدأ ينتشر بسرعة حتى أثار مخاوف الكثير من الأفراد الذين عبّروا عن رفضهم له بشتى الطرق الممكنة، حيث زورت احدى الصفحات بمئات المتابعين كتاباً رسمياً قالت فيه، إن البرلمان العراقي بصدد تشريع قانون ارتداء الحجاب الإجباري في الأماكن العامة من قبل النساء، لم يتأكد المستاؤون أن موقع مجلس النواب الالكتروني، ووسائل الإعلام، لم تشر الى هذا الخبر مطلقاً، اضافة الى أن القرار مناقض للدستور العراقي في المادة 2 التي تضمن حرية العقيدة والممارسة الدينية الحرة للجميع.
وبين الحين والآخر تؤكد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عبر دائرة الاعلام والعلاقات التابعة لها، بأن الوزارة لاتمتلك صفحة الكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن وزيرها (عبد الرزاق العيسى) لايمتلك أي حساب رسمي له في مواقع التواصل، إلا أن هناك صفحة الكترونية، بمئات المتابعين، تعمل على نشر القرارات الوزارية التابعة لوزارة التعليم العالي بكتب مزورة وقرارات لم توجّه بها الوزارة المذكورة.
ولا ننسى الإشاعة التي انتشرت وأثارت رعباً وقلقاً وحتى سخرية الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، والتي انتشرت اصداؤها في عموم العالم، حيث أشاع الكثيرون أن كوكب الأرض يعيش أيامه الأخيرة، لأن كوكباً ضخماً سينهي الحياة فيه بعد اصطدامه بالأرض في غضون اسبوع واحد، في حين أن وكالة الفضاء الامريكية "ناسا" اعتبرت الموضوع ضرباً من الخيال لا ينطلي الى على السذّج.
وبشأن التأثيرات النفسية على الاشخاص الذين يقعون ضحايا لهذه الإشاعات والأخبار المفبركة قالت د. ميادة مراد (طبيبة نفسية) من شأن الشائعات والاخبار الكاذبة أو المفبركة، اثارة الذعر والتوتر والقلق في نفوس الناس، وبخاصة في حالة الفراغ الثقافي والفكري، حيث تنتشر الشائعات وينشط مروجوها أثناء مرحلة "توقع أوقات الخطر" وهي أوقات الحروب والكوارث والفوضى السياسية والاضطراب الأمني. مردفة، وذلك لأن الناس يتوقعون حدوث الخروق خلال هذه الأوقات، وهذا هو سبب انتشار الاخبار الكاذبة والمضللة، وسهولة تصديقها من دون تردد، خاصة إذا كانت سياسية أم أمنية، ونشاطها داخل البلد وفي هذا التوقيت.
وتضيف مراد، فالأغلبية التي تأخذ بالتزايد عندما يسمعون أية معلومة يتناقلونها فيما بينهم دون التحقق من صحتها أو مصادر خروجها الرسمية أو المؤكدة، كالدوائر الرسمية أو الوزارات الأمنية وغيرها من مصادر المعلومات.
وأكدت فالمجتمعات التي تهيئ للخبر الكاذب البيئة الصالحة وحرية التدفق إضافة إلى ضعف الوعي النقدي، تعيش الكثير من فئاتها القلق وتبني اختياراتها على مفاهيم مضللة.
بينما يعزو محمد جواد (ماجستير علوم سياسية) سبب تصديق الاخبار المضللة الى وجود فارق بين الإعلامين القديم والجديد، حيث أن الإعلام القديم يجعل الشخص يتلقى الخبر من اتجاه واحد فقط، ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، أمكن للمتصلين بشبكة "الإنترنت" لأوّل مرة فرصة المشاركة بالخبر وليس تلقيه فقط. متابعاً، الامر الذي سهّل امكانية نشر الاخبار المضللة أو المغلوطة من قبل الشخصيات المختلفة في مواقع التواصل وتصديقها من قبل كثير من الأشخاص.
وتابع جواد، الإشاعة والأخبار المزيفة لا تموت إلا بمواجهتها والردّ عليها في وقت ذروتها. مبيناً، أن هناك فراغاً إعلامياً بين المواطن ووسائل الإعلام، فدائماً تتردد معلومات خاطئة يتداولها الشارع أو في بعض الاحيان ما تكون مصادرها غير صحيحة ولا تجد من ينفيها أو يؤكدها في وسائل الإعلام.
وتابع وأحياناً يتأخر وصول التصاريح الرسمية من قبل المؤسسات المعنية بمعلومات منتشرة مغلوطة. وأضاف أيضاً، إن أسلوب تعاطي بعض الإعلاميين مع المعلومة لا يناسب جيل وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أن الكثير من الإعلاميين لايعرفون مغزى الخبر أو مدى حاجة المواطن إليه.
ولأنه غالباً في بيئة عمل مشبعة بالمعلومات، فإنه يتبادر إلى ذهنه أن ما لديه من معلومات لا يعرفها الجميع. مؤكداً، إن بعض المدونين في مواقع التواصل يحظون بجمهور واسع، ويستخدمون انتشارهم في الترويج لصفحات مشبوهة تعمل على بث الاخبار المضلّلة من حين لآخر، في حين أن القائمين عليها مدفوعو الثمن، والصفحات قد تكون ممّولة من خارج البلد أو من داخله، وتستخدم كجيوش الكترونية لتسقيط الخصوم وإشاعة التذمر ونشر التهويل باستمرار.
وبيّن جواد انه توجد أنواع من الأخبار الزائفة ذات طبيعة فنية وثقافية، لا تهدف إلى إثارة الفتنة بين أوساط المجتمع. مستدركاً، لكنها لزيادة الحضور المجتمعي وزيادة المتابعين وجذب انتباه الأشخاص لفنان أو لاعب رياضي مثلاً أو شخصية من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وقد يكون الشخص غير مسؤول عنها، لكن يُراد من قبل مطلقها زيادة حضوره ومتابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.