في سنغافورة، إحدى أصغر دول العالم رقعة وأنشطها اقتصادا، تقوم جامعة متميزة تعد بين طليعة معاهد التعليم العالي والأبحاث العلمية في العالم. إنها جامعة سنغافورة الوطنية، التي يضعها تقييم «كيو إس الجامعي» العالمي في المرتبة الخامسة والعشرين على مستوى العالم وفي المرتبة الثانية بين جامعات آسيا. كذلك، يضعها تقييم «التايمز» لجامعات العالم في المرتبة الثانية في آسيا. أسست هذه الجامعة، الأقدم في سنغافورة، عام 1905. وهي ما زالت الجامعة الأكبر في البلاد لجهة عدد الطلبة أو عدد الكليات والأقسام التخصصية. وراهنا، يحتل الحرم الجامعي مساحة تقدر بـ1.5 كلم مربع في محلة كنت ريدج بجنوب غربي سنغافورة، في حين تتوزع كلية الحقوق ومدرسة السياسة العامة والمعاهد التخصصية، وكذلك المركز الطبي العالي في مناطق أخرى. وتقدر الوقفية المالية للجامعة اليوم بنحو مليار و800 ألف دولار أميركي. كانت البداية مع إقدام تان جياك كيم، ومعه عدد من المواطنين الصينيين والمتحدرين من أصول غير أوروبية في خريف عام 1904 على رفع عريضة للحاكم البريطاني لما كان يعرف بـ«مستوطنات المضائق» (بين شبه جزيرة الملايو وجزر الهند الشرقية، أي إندونيسيا) تطلب تأسيس كلية لتدريس الطب. ونجح تان، الذي كان يومذاك رئيس جمعية المضائق الصينية - البريطانية، بجمع مبلغ يزيد على 87 ألف دولار لهذه الغاية، 12 ألف دولار منه شخصيا. وبالفعل، أسست كلية الطب في العام التالي، ونمت واتسعت مرافقها في السنوات اللاحقة. وخلال عام 1928، أسست كلية رافلز لتعليم الآداب والعلوم الاجتماعية للطلبة المالاي. وبعد عقدين من الزمن، أدمجت كلية رافلز مع كلية الطب، ونشأت من اندماجهما جامعة مالايا (أو جامعة الملايو) في خريف 1949. وتسارع نمو الجامعة وأنشئ لها فرعان يتمتعان بالإدارة الذاتية؛ الأول في سنغافورة، والثاني في كوالالمبور. ثم في عام 1960، قررت حكومة الملايو وسنغافورة تغيير الوضع القانوني للفرعين، ومن ثم سن تشريع عام 1961 حصر اسمي جامعة مالايا (الملايو) بفرع كوالالمبور. وفي مطلع 1962، عرف فرع سنغافورة بجامعة سنغافورة. أما الاسم الحالي، فاعتمد عام 1980 بعد دمج جامعة نانيانغ بجامعة سنغافورة. يبلغ عدد طلبة جامعة سنغافورة الوطنية حاليا، في المرحلة الجامعية الأولى، أكثر من 27 ألف طالب يتلقون العلم في 16 كلية ومدرسة ومعهدا، بينها الآداب والعلوم الاجتماعية والعلوم والحقوق وإدارة الأعمال والهندسة والعمارة والطب وطب الأسنان، مقابل هيئة تدريس يربو عدد أفرادها على الألفين. أما نظام التدريس، فإنه يعتمد نظام الوحدات الذي يجمع مفهوم الحصص (الكورس كريديت) الأميركي والحلقات الصغرى (التيوتوريال) البريطاني. ثم إن مرونة النظام التعليمي تتيح للطالب الحصول على شهادات مشتركة في عدة تخصصات؛ كإدارة الأعمال مع الهندسة والآداب والعلوم الاجتماعية مع الحقوق. أكثر من هذا، توسع كثيرا نشاط الجامعة ومشاريعها المشتركة خارج سنغافورة، كما أنها تتمتع اليوم بعلاقات وثيقة ومجزية ماديا مع كبريات الشركات العالمية ومجتمع المال والأعمال والاستثمارات. اللونان الرسميان للجامعة هما البرتقالي والأزرق. وعلى صعيد المشاهير من خريجيها، فأبرزهم: رئيسا وزراء ماليزيا السابقان تون عبد الرزاق (عبد الرزاق حسين)، ومهاتير (محاضير) محمد. ومن الشخصيات السنغافورية السياسية والقضائية، بنجامين شيرز ثاني رئيس للدولة، وغوه تشوك تونغ ثاني رئيس وزراء، وتشان سانغ كيوك رئيس المحكمة العليا. ومن رجال الأعمال، الملياردير العالمي السيد أحمد علوي السري. ومن الشخصيات الأممية، مارغريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، ونغ سير ميانغ نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية. ومن الفنانين والأدباء، الممثلة الباكستانية ديبتي غوبتا والممثلة ميشيل تشونغ، والكاتب والمؤلف الأميركي بول ثيرو. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط ".