برلين ـ العرب اليوم
يعود الفضل إلى جامعة هومبولدت البرلينية في كسر الحظر على دراسة النساء في الجامعات الألمانية، إذ كانت الدراسة للنساء في الجامعات مقصورة على دارسات الدكتوراة، وهن قلة، ومرهونة بإذن خاص من العائلة الملكية الحاكمة، إلا أن الناشطة النسائية إليسا سولمون كانت الأولى التي فرضت وجودها على الجامعة في فرع الكيمياء عام 1908.
وسبقتها في ذلك إيليزا نويمان التي نالت الدكتوراة، وفق مرسوم خاص، عام 1899. وكانت ليديا رابينوفيتش - كيمبنر أول امرأة تحصل على مقعد بروفسور في جامعة هومبولدت في الميكروبيولوجي عام 1912، وأسست جامعة هومبولدت البرلينية في16 أغسطس/ آب 1908 بمقترح من العالم التربوي فيلهلم هومبولدت وبدعم من الملك فريدريك فيلهلم الثالث، وهي اليوم واحدة من أكبر 20 جامعة ألمانية، وتعتبر جامعة نخبة، خرجت حتى الآن 29 عالمًا وأديبًا حازوا على جائزة نوبل في مختلف الفروع العلمية والأدبية، تتخذ الجامعة من قصر الأمير هاينريش في شرق برلين مقرًا لها وصمدت بوجه حربين عالميتين، وعاشت الحقبة النازية، ومرحلة ألمانيا الشرقية، ومن ثم مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين.
ويدرس اليوم في جامعة هومبولدت أكثر من 34 ألف طالب وطالبة دكتوراة يشرف على تدريسهم أكثر من 420 بروفسور واستاذًا واستاذًا مساعدًا بينهم أكثر من 100 "سينيور بروفسور"، وهناك بينهم 51 بروفسور في الطب و14 في العلوم الطبيعية و11 في القانون، ويساعد الطلبة والأساتذة في عملهم أكثر من 3500 عامل وموظف توفر الدولة ميزانية سنوية ترتفع إلى 397.4 مليون يورو.
وعاشت جامعة هوبولدت أقسى فتراتها في الحقبة النازية حيث عمل النازيون على طرد 35 في المائة من كادرها "280 أستاذًا" من الأساتذة لأسباب معادية لليهود واليسار، كما تعرضت مكتبتها الضخمة إلى حرق كل المؤلفات التي لا تنسجم مع الأفكار العنصرية النازية. وتحتوي مكتبتها اليوم على6.5 مليون كتاب و9 آلاف مجلة وصحيفة مختلفة.
ومن خريجي هذه المدرسة العظيمة الفيلسوف كارل ماركس والشاعر والفيلسوف هاينريك هاينه والفيلسوف لودفيغ فويرباخ وموحد ألمانيا أوتو فون بسمارك، وفرانز ميهرنغ وفيلهيم وكارل ليبكنيشت وكورت توخولسكي.
أما حصيلتها من العلماء الذين نالوا جوائز نوبل خلال عمرها الذي يزيد عن 120 عامًا فتضم أسماء 29 عالمًا، ونال 10 علماء جائزة نوبل في الفيزياء، و11 في الكيمياء، وسبعة في الطب وواحد في الأدب، وبين الحائزين على نوبل في الفيزياء صاحب النظرية النسبية ألبرت إينشتاين في الفيزياء "كان أستاذًا فيها"، وبين الحائزين على الجائزة في مجال الكيمياء أدولف فون باير، إضافة إلى العالم الجليل روبرت كوخ "مكتشف عصيات كوخ والبكتيريا المسببة للكوليرا" في الطب. وكان والهولندي ياكوبوس هنريكوس أول الحائزين على "نوبل" من جامعة نوبل في مجال الكيمياء عام 1902، وتلاه تيودور مومزن الذي حاز على جائزة نوبل للآداب 1902.
يذكر أن جامعة هومبولدت ما زالت، منذ مطلع القرن العشرين، تحتفظ بلقب المؤسسة التعليمية الجذابة بالنسبة للنساء، ويدرس اليوم فيها 19 ألف طالبة مقابل 14 ألف طالب، إضافة إلى أكثر من 5 آلاف طالبة وطالب من بلدان العالم الأخرى، وتسود النساء بنحو خاص في مجالات الفلسفة والطب.