تسعى الجامعة الأميركية في بيروت إلى أن تتحوّل مركزاً فائق الأداء في مجال المعلوماتية بما يتيح لها معالجة كمّيات كبيرة من البيانات الإلكترونية ووضعها في خدمة البحوث والعلوم، بما في ذلك التنقيب عن النفط والغاز.  وكشف وكيل الشؤون الأكاديمية، أحمد دلال، عن المبادرات الأكاديمية الاستراتيجية التي تنوي الجامعة تنفيذها، وذلك خلال مؤتمر بعنوان "الداتا الغزيرة والكمبيوتر وصناعة النفط: فرص للبنان والعالم العربي"، من تنظيم "معهد منيب وأنجلا المصري" للطاقة والموارد الطبيعية، وبرنامج علوم الكمبيوتر في "الجامعة الأميركية"  في بيروت، ومركز علوم الكمبيوتر في "يونيفرستي كولدج" لندن، في "قاعة جاسم القطامي" للمحاضرات في كلية الهندسة. الداتا الغزيرة "big data"  هي عادةً عبارة عن  مجموعات من البيانات ذات أحجام تتجاوز القدرة الاستيعابية لأدوات البرمجيات الشائعة الاستخدام، ما يتطلّب برمجيات موازية تشتغل عبر عشرات أو مئات، لا بل آلاف أجهزة الخادم. وتؤدّي الكمبيوترات الخارقة "supercomputers"، أو الحوسبة الفائقة الأداء"high performance computing"، دوراً مهماً في مجال علوم الكمبيوتر، وتُستخدَم في مجموعة واسعة من المهام التي تحتاج إلى عمل مكثّف عبر الكمبيوتر، في ميادين متعدّدة منها ميكانيكا الكم، والأرصاد الجوية، والبحوث عن المناخ، والتنقيب عن النفط والغاز، والنمذجة الجزيئية (حوسبة تركيب وخواص المركبات الكيميائية والجزيئات البيولوجية والبوليمرات والبلّورات)، والمحاكاة الفيزيائية (مثل محاكاة اللحظات الأولى لنشوء الكون، والديناميات الهوائية للطائرات والمركبات الفضائية، وتفجير الأسلحة النووية، والاندماج النووي). وأكد دلال أن الجامعة الأميركية في بيروت تهتم بتطوير علوم الكمبيوتر والهندسة لتأدية دور في وضع بحوث ريادية في ميادين متعدّدة في العلوم والتكنولوجيا، مشيرا الى أن الإمكانات التي تتمتّع بها الجامعة في مجال الحوسبة مهمّة من أجل الخوض في إيجاد حلول للمشاكل البحثية الواقعية المعقّدة والمتقدّمة في مجالَي الطب والطاقة، وكلاهما يرتديان أهمية محورية على المستوى الدولي، ما دفع بالأميركية لإنشاء مركز الحوسبة الفائقة الأداء بهدف إجراء بحوث عالمية ريادية في الجامعة. وأضاف أن الجامعة تنوي أيضاً إقامة شراكة مع "يونيفرستي كولدج" لندن التي شاركت في تنظيم المؤتمر، للتعاون في الفرص التعليمية والتدريب المتقدّم في مجالَي الحوسبة الفائقة الأداء وتكنولوجيا المعلومات. وأشار عميد كلية الهندسة والعمارة في الجامعة الأميركية، مكرم سويدان في بيروت إلى أن لبنان سيشهد تحولاً اقتصادياً نتيجة النمو السريع في قطاع النفط والغاز في البلاد، مضيفا أن الكلية قد شكّلت بالتعاون مع "معهد المصري" و"هيئة إدارة قطاع النفط" في لبنان، تجمّعات بحثية في مجالات مرتبطة بقطاع الغاز والنفط. من جهته، قال مدير مركز علوم الكمبيوتر في "يونيفرستي كولدج" لندن بيتر كوفيني، أن البيانات تتراكم بوتيرة سريعة جداً، ما يطرح تحدّي العمل من أجل أن تصبح هذه البيانات متاحةً ومفهومة بهدف استثمار المعارف. وقال الشريك في "ماكينزي أند كومباني" ستيفانو مارتينوتي "للأتمتة (automation) هدفٌ مضاعف هو إضفاء الطابع الآلي على الوظائف الخطرة واستنباط معنى منطقي من كميات الداتا الهائلة التي يتم جمعها، مشيرا الى أن صناعة النفط تحقق أداء جيداً في الهدف الأول، لكنها تعاني من التقصير في الهدف الثاني."  ولفت إلى أنه يكفي إجراء تحسينات صغيرة في الفاعلية من أجل تحقيق زيادات بمليارات الدولارات في الإيرادات في نهاية العام المالي، ما يؤثّر إلى حد كبير في ميزانيات الشركات.وسلّط المدير التقني للمنصات التطبيقية في مركز الخبرة لدى شركة "مايكروسوفت" في الشرق الأوسط، هاني عزام وسباستيان ديل بانو رولين، وهو زميل بحوث كبير في مركز الحوسبة والتحاليل المالية في "يونيفرستي كولدج" لندن، الضوء على دور الداتا الغزيرة في تحرير الطاقات الكاملة لقطاع النفط والغاز، وتأثير الأعمال المستندة إلى الداتا على قطاعات المالية والتجزئة والرعاية الصحية الإلكترونية.  وختاماً، أعرب عميد كلية الفنون والعلوم في الجامعة باتريك مكغريفي عن أمله في أن يعود التنقيب عن النفط والغاز بالمنافع على البلاد ككل، لا أن يخدم فقط مصالح نخبة أقلية، بما يقود إلى بناء وطن حديث عبر توزيع الثروة النفطية على جميع السكان، الأمر الذي يساهم في جعل لبنان أكثر تنوّعاً وديمقراطية.