عمان ـ العرب اليوم
لم تكن الأردنية "ن" تتوقع أن القرض الذي استدانته من واحد من صناديق المرأة وقدره 5 آلاف دينار مهرا لزوجة ثانية "ضرة" لها. وفي التفاصيل التي حصل عليها "العرب اليوم" فإن الزوج طلب من زوجته الاقتراض من أحد الصناديق الاقتراضية لغايات القيام بمشروع يدر دخلا للأسرة، على أن يكون هو كفيلها وبعد أن أخذت القرض، لم ينفِّذ الزوج المشروع وكلما سألته اجاب بانه يدرس الجدوى الاقتصادية وعند استحقاق الدفع للبنك لعدة أشهر لما يتوانى الزوج بتسليم زوجته للتنفيذ القضائي ليزج بها إلى السجن "ظلما"، ولكي يصلها أخبار أن زوجها تزوج لتقول لكل من يسألها بألم وحرقة "حسبي الله ونعم الوكيل".
وتتشابه قصص عدد من السيدات في السجن مما دفع الأردني "علاء البشيتي" بإطلاق مبادرة العام الماضي وتحديدا في شهر رمضان اسماها "ما هانت علينا غيبتك" لإخراج الغارمات في السجون الأردنية من النساء، وساهمت بإخراج "30" سيدة أردنية من السجن. ويقول البشيتي لـ"العرب اليوم" إن فكرة المبادرة انطلقت عندما اتصل معي صديق يخبرني أنه بصدد جمع مبلغ مالي بسيط لسيدة أُجبرت على دخول السجن بعد قضية مالية, وبقيت أفكر في الموضوع وبداخلي كثير من الألم فقررت أن اقوم بعمل لإخراج السجينات اللواتي أجبرتهن ظروف مالية الدخول إلى السجن، بشرط أن لا يكون لديهن قيودًا أمنية سابقة أو دخلن السجن لأي سبب وأن يكنّ حسنات السير والسلوك.
ويضيف البشيتي قابلت مدير الأمن العام الأردني آنذاك الجنرال عاطف السعودي الذي أبدى تعاونا وحماساً للفكرة، فكانت الخطوة الأولى هي أن يكون هناك منبر إعلامي للتعريف بمبادرة "ما هانت علينا غيبتك" سواء داخل مدن الأردن أو خارجه .وكان المنبر الاعلامي الذي تم الانطلاق منه هو إذاعة الأمن العام خلال شهر رمضان المبارك من خلال برنامج اذاعي حيث تم بمساعدة أهل الخير إخراج جميع السجينات الغارمات من السجن والبالغ عددهن نحو 30 سجينة ,لافتاً إلى أن أحد الاشخاص تنازل عن حقه المالي البالغ "35" الف دينار اردني لصالح سيدة موجودة بالسجن تم إخراجها.
وقال مصدر رسمي لـ"العرب اليوم" إن عدد النساء الموجودات في السجن حاليا من الغارمات يصل إلى 50 سيدة .وأعلن صندق الزكاة في الأردن أنه للمرة الأولى يُعلن تخصيص مبلغ 500 ألف دينار، "سهم الغارمين" بهدف تفريج كرب الأسر المتعففة والغارمين وحل مشكلتهم، ولا سيما إذا ما كان الغارم مسجونا، بناءً على تعليمات وأسس تعتمد لهذه الغاية.
واعتبرت منظمة حقوقية أن الخدمات المقدمة للنساء من مؤسسات الإقراض ساهمت ولا تزال بشكل أو بآخر، في انتشال العديد منهن من دائرة الفقر، وفتحت أمامهن أبواب مستقبل أفضل لهن ولأسرهن من خلال سلسلة متنوعة من القروض الميسرة، بخاصة للنساء اللاتي يرأسن أسرهن، واللاتي لا يمتلكن الأصول والموارد أو اللاتي لا يعملن. إلا أنه وفي مقابل ذلك نجد الكثير من النساء المقترضات يعانين ولا يزلن من التبعات القانونية والاجتماعية لتعثرهن في سداد قروضهن، سواء أكن مقترضات أو ضامنات (كفيلات) لقروض غيرهن.
ودعت جمعية المعهد الدولي لتضامن النساء "تضامن" كل الجهات المعنية إلى إعادة النظر بالأسس التي يتم بناءاً عليها الموافقة على إقراض النساء، والتركيز على تدريب النساء مهنياً وبناء قدراتهن وتوفير ضمانات للقروض تكفل السداد المريح بدون تكاليف إضافية مبالغ فيها، تتناسب مع أوضاع الفقيرات من النساء، والبعد عن اللجوء إلى الحبس كوسيلة إكراه وضغط في حالة العجز عن الوفاء بالدين، لتكون بذلك هذه المؤسسات داعمة للنساء في إطار تمكينهن الاقتصادي، وانتشالهن من دائرة الفقر والبطالة.
هذا وقد صدرت عدة أحكام قضائية أردنية رفضت إجابة طلب الدائن حبس المدين، واستندت إلى أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة تسمو على القوانين المحلية. ويشير اخر تقرير صادر عن صندوق المرأة لعام 2015 أن قيمة إجمالي القروض الممنوحة (97% من المقترضين نساء) خلال عام 2015 بلغت 22.8 مليون دينار وبزيادة نحو 4.6 مليون دينار عن قيمة القروض الممنوحة خلال عام 2014.