البحر الأحمر - العرب اليوم
"تلامس المياه جسدها المغطى بـ"البوركيني"، مستمتعة بممارسة رياضتها المفضلة السباحة، وتلذذها بسماع ضحكات المصيفين الممزوجة بنغمات أغاني أجنبية يتردد صداها من الشاطئ" مشهد نسجت إيمان البحيري تفاصيله في خاطرها، طوال طريق سفرها إلى إحدى القرى الشهيرة بمنطقة العين السخنة، لتصتدم عند وصولها برفض المديرة دخولها لارتدائها الحجاب، ومنعها الاقتراب من البحر.
"المديرة اتكلمت معايا بحدية وعنصرية، ولولا تدخل السياح اللي هاجموها، ماكنتش هتدخلني إلا لما أقلع الحجاب" عبارات مقتضبة روت خلالها الأستاذة بمستشفى القصر العيني خلافها مع المسؤولة المتشبثة بالتعليمات، التي وضعها مالك القرية، متابعة لـ"الوطن"، أن المديرة سمحت لها بالجلوس على الشاطئ، دون السباحة، مقابل عدم دفع ثمن تذكرة، رغم أنها جاءت القرية نفسها في 2016، دون أن يمنعها أحد من ارتداء نمط محدد من الملابس.
الأجانب المرافقين لـ"إيمان" بالرحلة والقادمين من ألمانيا وأمريكا وأنجلترا وأستراليا تضامنوا معها، باحثين عن "حجاب" لتغطية رؤوسهم لدعمها، معتبرين ملابسها "حرية شخصية" لا يحق لأحد التعليق ليها، ليستبدلوا أغطية الرأس بـ"تيشرتات" طويلة وقبعات، بعدما فشلوا في إيجاده، متوجهين للبحر بتلك الإطلالة، في تحدي واضح للإدارة، مطالبين الطبيبة في مشاركتهم بالهتافات حماسية، لتستجيب لهم محققة رغبتها في السباحة، وسط أصوات التصفيق المرحبة بها.
كلمات إعجاب وامتنان طربت أذني "البحيري" من الأجانب، المشيدين بأسلوبها الراقي في الرد على مديرة القرية، فتتملكها مشاعر بالسعادة والثقة بالنفس، لتروي أنها تفاجئت بطلب أحد السياح استضافتها مع زوجته، قائلًا: "يشرفني أن ترافقنا سيدة شجاعة ومهذبة في رحلتنا بالدول الأفريقية"، فتزداد دهشتها بعد تضامن مصريات مسيحيات ومسلمات غير محجبات إليها، مؤكدين انبهارهنّ بها.
بعد 15 دقيقة من "الوقفة الاحتجاجية" بالبحر الأحمر، توجهت فتاتان بـ"البوركيني"، كاسرين "قواعد القرية"، لتعلق الطبية الشابة "حسيت إني انتصرت لحرية المرأة، كأني ناشطة نسوية جابت حق الستات الساكتة"، فيصفق لها الأجانب مرة أخرى مشجعيين على ريادتها في ممارسة حقها بالسباحة، لتقف المديرة ناظرة إليهم في صمت دون اتخاذ إجراءات ضدهن.
"التصرف العنصري" بقرية العين السخنة ليس الموقف الوحيد الذي تعرضت له "إيمان" بمصر، فمنذ أشهر مُنعت أيضًا من دخول إحدى نوادي المعادي، بسبب الحجاب، معلقة: "مصدومة إني ممنوعة في بلدي، رغم إن الدول اللي بسافرها بترحب بحرية المعتقد واللبس زي اليابان والإمارات والبحرين"، خاصة أن الدستور المصري يحرم تلك البنود التي تفرضها بعض المنتجعات السياحية على المرأة، ويمكن لشرطة السياحة توقيع عقوبات عند الإبلاغ عن هذه التجاوزات بحق أزياء النساء، ولكني علمت بهذا الحق القانوني عقب مغادرتي القرية".
الطبيبة الشابة وجهت دعوة لكل فتاة تتعرض للموقف ذاته بتوثيق الحدث بالصوت والصورة، ونشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الاتصال بالشرطة، دون سب أو انفعال يصحبه إهدار للحق، حسب حديثها.