أنقرة – العرب اليوم
أصبحت الشابة التركية غمزة تاشكان أول من يجلس خلف مقود ''التاكسي الوردي'' الوحيد والأول من نوعه في مدينتها وتركيا. تاشكان -التي عملت تسع سنوات سائقة سيارة أجرة- عبرت عن فخرها لتقديم خدماتها لبنات جنسها فقط.
وأشارت إلى أنها تشعر بأن مثل هذه الخدمة سوف تسهم في التقليل نسبيا من ''حوادث العنف والتحرش ضد النساء التي تزايدت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة في البلاد''.
ويقول أردوغان يوفاجي مسؤول مديرية خدمات المواصلات ببلدية مدينة سيفاس (وسط تركيا) التي أطلقت هذه الخدمة، إنهم قاموا بذلك بناء على طلب تقدم به صاحب إحدى مكاتب سيارات الأجرة بالمدينة، والذي أراد تقديم خدمة أفضل لطالبات خدمات مكتبه ليخلصهن من ''الخوف والارتباك عند ركوبهن مع رجل غريب''.
وأشار يوفاجي إلى أنهم بدؤوا بسيارة واحدة فقط، ويسعون لنشر الخدمة بباقي أنحاء المدينة وتركيا، لافتا إلى أن السيارة تعمل بين الساعة الثامنة صباحا والثامنة مساء.
وخلقت خدمة 'التاكسي الوردي' جدلا في صفوف الأتراك عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بين من عدّها حقا طبيعيا للنساء، ومن يراها ذات طابع أيديولوجي يحتقر النساء، بل ويشجع على مضايقتهن.
رفض وانتقاد
الصحفية سيلاي سايكال أكدت للجزيرة نت استحالة ركوبها مثل هذه السيارة، التي قالت إنها ''مؤشر خطير يدل على بدء تأثير الأيديولوجية المحافظة للحزب الحاكم في الحياة الاجتماعية لتركيا''.
وذكرت أن هذه الخدمة ستزيد عزلة النساء عن باقي فئات المجتمع وتعود بهن لعصر العثمانيين.
وأيدها الرأي الطالب التركي غوناي بايراك، الذي قال إن مبرر حماية النساء من التحرش ليس سوى شعار ضعيف وعنصرية واضحة.
وانتقد بايراك ساعات عمل ''السيارة الوردية''، وعدّها رسالة واضحة مفادها أن النساء اللائي سيبقين في الشارع بعد الساعة الثامنة ليلا سيكن ''الملامات إذا ما تعرضن للمضايقات، كأن المسؤولين عن هذه الخدمة يقولون لهن وماذا كنتن تفعلن في الخارج في ساعة متأخرة من الليل؟'
حق طبيعي
على الجانب الآخر، استغربت الباحثة بجامعة مرمرة بمدينة إسطنبول فيليز غوندوز إثارة كل هذا الجدل بسبب خدمة تقدم في مختلف مدن العالم.
ورأت في حديثها أن الأمر لا يتعلق باعتقادات دينية، بل هو ببساطة ''حق وحرية فردية لكل امرأة تريد الشعور بالراحة والأمان عند التنقل''.
وأشارت إلى أن العديد من صديقاتها يرسلن رقم لوحة سيارات الأجرة التي يركبنها لأفراد أسرهم خوفا من حدوث شيء لهن، ''وبالنسبة لهن فالجلوس باطمئنان داخل سيارة أجرة شعور لا يقدر بثمن لديهن''.
وأضافت أنه من ناحية أخرى، فإن العديد من النساء اللائي يرغبن في العمل في هذا المجال ستتاح لهن الفرصة لإثبات أنفسهن وإعالة أسرهن إذا كن محتاجات لذلك.
إعجاب وترحيب
على صعيد متصل، عبّر مصطفى أكايا -سائق سيارة أجرة- عن إعجابه بهذه الخدمة الجديدة، وقال إنه يرحب ''بزميلاته الشجاعات'' اللائي دخلن هذا الميدان الذي لا يخلو من تحديات أكثرها ساعات العمل وزحمة السير.
وأكد عدم انزعاجه من عدم قبول النساء الركوب معه كرجل وتفضيل سائقة، وأن هذا حق طبيعي للراكبات في اختيار من يقوم بنقلهن بشكل مناسب''.
وتستخدم بعض مكاتب سيارات الأجرة العادية -ذات اللون الأصفر- في بعض المدن التركية سائقات لتقديم الخدمات.
وتنتشر خدمة التاكسي الوردي في العديد من الدول الغربية والعربية كمصر، والهند، ولندن، والإمارات، والولايات المتحدة الأميركية.
يشار إلى أن مقتل طالبة تركية العام الماضي بعد مقاومتها سائق حافلة عامة أراد اغتصابها عند عودتها مساء أثار موجة غضب كبيرة بتركيا، جعلت البعض يطالب بإعادة عقوبة الإعدام في قضايا العنف ضد المرأة.
وبحسب عدد من الخبراء، فإن العديد من القوانين جرى تعديلها في السنوات الأخيرة لحماية النساء من العنف، لكنها تواجه مشاكل في تطبيقها.