الرياض ـ وكالات
النجاح غاية يطلبها الجميع، وقد ظلت المرأة حبيسة دورها النمطي في المنزل، في بعض المجتمعات انطلاقا من وظيفتها المقتصرة على إنجاب الأطفال والاعتناء بالزوج، ورفضت المجتمعات البدائية المساواة بينهما، واقتناعا منها بفضل الرجل على المرأة، وعلى أن قيمة المرأة نفعية قبل كل شيء. وهكذا من مشكاة هذه النظرة القاصرة، ظلت حواء منضوية دائما تحت ذراع الرجل، مستسلمة للفكرة الأسطورية السائدة على أن الرجل هو الحامي والمدبر ووحده القادر على المساهمة في انسجام الطبيعة الأنثوية وتألقها. وفي بعض التجارب الحياتية والظروف الحرجة كان لا بد أن تشارك المرأة زوجها العمل، وأن تفتش عن ذاتها وعن مكامن الإبداع والنجاح في تفاصيلها، أو أن تحل منقذا في بعض الأحيان، وظلت بين سؤالين: هل تنجح على غرار نجاحاتها الساحقة في المنزل، أم أنها لا تستطيع التوفيق بين المهمتين؟ ولا تزال مسألة انسجام الحياة المنزلية مع الحياة المهنية، محور اهتمام عديد من الباحثين الاجتماعيين، حيث أثبتت الدراسات عجز كثير من النساء عن الموازنة ما بين الحياة العملية وممارسة دور الزوجة والأم، إلى جانب المسؤوليات المنزلية، حيث يمثل هذا العبء الثقيل الذي تتحمله وحدها، فاتورة ضخمة ستدفعها بالتأكيد، وسيقودها ذلك إلى التقصير في أحد واجباتها ولو من دون قصد. وليس هذا هو السبب الوحيد الذي يدفع الكثيرين إلى رفض عمل المرأة، بل هناك أسباب تبقى أخفى وأعمق، نجد من بينها عجز المجتمعات الذكورية على تقبل عمل المرأة وحصولها على أعلى المناصب، ورغم هذا لم تفقد المرأة الأمل، فما زال هناك من يثمن العمل النسائي ويؤيده، لأنه يساعد المرأة في فرض كيانها المستقبل، فهي مثلها مثل الرجل، وتكافح وتكد من أجل التعلم، وتسهر وتتعب لتنال أعلى الشهادات. الدكتورة فوزية صالح، الباحثة في شؤون الأسرة والطفل، أوضحت أن الزوجة لا تقل كفاءة عن الرجل، وخصوصا الطامحات منهن إلى تنظيم شؤون البيت والأسرة وترتيب أساليب الحياة بمنتهى الدقة، ودائما تتميز بأدوار قيادية، لكن برغم ذلك هي التي تمثل ما نسبته 50 في المائة من المجتمع، أعتقد أن بعض الحقوق لديها ما زالت مهدرة، وهي بنفسها قد تتسبب في ذلك إذا لاحظ باحثون كثر أن المجتمع يتقبل بنسبة لا بأس بها، فكرة أن تعمل إلى جوار الرجل. وتضيف ''إن نجاحها في عملها ومنزلها وكيفية توفيق مجاهيل المعادلة، يعد مجهودا جبارا ومضاعفا، إلا أنها تتميز بصفة الإصرار والمسؤولية. وهنا استشهد بنماذج ووجوه نسائية حققت نجاحات باهرة، وأثرت إيجابيا في مسيرة المجتمع، وأبناؤهم متفوقون دراسيا ومتميزون في مجالات أعمالهم، مما جعلهم محركات رئيسة وداعمة للمجتمع. وفيما يتعلق بحاجة المرأة للعمل في بعض الظروف، لفتت صالح، إلى أن بعض الزوجات يجبرن على العمل بعد تجارب أسرية فاشلة قد تنتهي بالطلاق، ويكون هذا الفشل محفزا لها، خاصة إذا كانت في حاجة ماسة إلى المادة لتوفير عيشة رغيدة لأطفالها، وهو ما يضاعف تمردها على النظرة السائدة التي توجب ضرورة جلوس المرأة في منزلها، وقد تمثل بعض برامج التوظيف وبرامج اجتماعية أخرى مثل برنامج الأسرة المجتمع الذي - مع الأسف - لم يجد التفعيل الأمثل، وكان بإمكانه أن ينقذ كثيرا من التجارب النسائية، ويجد لهن مخرجا من النظرة القاصرة التي قد لا تعترف بحاجة المرأة وعوزها وحاجتها للعمل.