مسقط - عمان اليوم
الشعف بالتحليق في عنان السماء عالياً والجلوس في قمرة القيادة بالطائرة هو الحلم الذي راود شمس بنت سالم بن عبدالله الحبسية مراراً وتكراراً منذ طفولتها لكي تكون طيارة ورغم عدم تمكنها من الحصول على المنحة لدراسة هذا التخصص نتيجة المنافسة وقلة المنح، وتمكنها بعد ذلك من دخول "الطيران العماني" كموظفة في العمليات لثلاثة سنوات إلا أنها تمكنت من الالتحاق بإحدى أفضل أكاديميات الطيران في أوروبا ممثلة بمدرسة "Flyby Flying Academy" بإسبانيا.
"عمان" اقتربت أكثر من شمس الحبسية التي حظيت بدعم من والدها لتحقيق شغفها بالطيران واتخذت من بيت المتنبي "إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ" للوصول إلى الحلم الذي طال انتظاره إذ قالت لـ"عمان": الحمدُ لله على ما منّ به علينا وزادنا من فضله، الطيران هو فضول قد يكون عند كل الأطفال ولكنّهُ معي اتخذ مسارًا آخر في نفسي فأصبح شغفًا منذ طفولتي وكُنت أشبِعُ أسئلتي الفضولية بالقراءة ومشاهدة المقاطع المرئية المتعلقة بالطيران ويساعدني أبي بالدخول لقمرة القيادة عند كل رحلة سفر لنا، بذلك كان هدفي في سن المراهقة بأن أكون طيّارة واتخذت السُبل للوصول إلى هذا الهدف إلا أن المنافسة شديدة والمنح الدراسية قليلة فأخذ أبي بيدي محققًا حلمي وداعمًا لي فدرست الطيران.
وأكدت أن لأي حلمٍ دروبا صعبة وطرقا وعرة وأصعبها الغربة والاندماجُ مع حضارة أخرى خلال فترة دراستي، وتحديات أخرى متعلقة بالدراسة علمًا أنني الأنثى الوحيدة في الدفعة فكُنت في عُزلة ولكن استطعت أن أُكيّفُ نفسي وأتجاوزُ التحديات كما ينبغي وهذا أمرٌ طبيعي إلى أن نصل لمبتغانا .. مؤكدة أنني أشعُر بالحبّ تجاه هذا العالم ولكن لا أخفي أن هناك الكثير من التعب ومن المشقات التي تُهبِط العزيمة ولكنّ ما قد يزيدني حماسًا قول المتنبي "إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ... فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ" بهذا فإن نصبَ عينيّ تحقيقُ هدفي.
وحول عملها في مرحلة سابقة مع "الطيران العماني" قالت شمس الحبسية: لعلّ من هذا السؤال أجد فرصةً كي أشكر فيه أصدقائي في الطيران العُماني ومن قدّم لي فرص النجاح وساعدني فإنّي ممتنة لتلك التجربة الناجحة حقًا، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، شكرًا لكم، إذ أصِف التجربة في الطيران العماني بأنها التهيئة الفعلية من أجل الانطلاق نحو عالم الطيران وتكوين الخلفية العلمية والتطبيقية وكسب مهاراتٍ وخلق شخصية علمية تخصصية في مجال الطيران، حيثُ عملتُ في العمليات بالطيران العماني في مطار مسقط الدولي لمدة ثلاث سنوات كانت تجربة جدًا مثرية وممتعة.
وأشارت حول الأسباب التي جعلتها تتوجه لدراسة الطيران وعوالمه في إسبانيا إلى أن الأمر جدًا صعب في بدايته كنتُ أبحثُ عن المدارس والمعاهد، ثمّ رجعتُ لبعض الشخصيات المرجعية التي رشحت لي بعض الأسماء وربط الخيارات المُتاحة بالظروف التي تناسبني في كل دولة حتى كان الاستقرار على مدرسة "Flyby Flying Academy" بإسبانيا، التغذية عن جودة هذه المدرسة كانت ممتازة وهي من أفضل الأكاديميات على مستوى أوروبا وخرّجت أشهر الطيارين في العالم كذلك اسبانيا وتاريخها الإسلامي ولطافة الشعب لهم دور في الاختيار.
وأضافت: إن الوصول إلى قمرة القيادة يمر عبر مراحل عديدة قبل أن يتحقق الحلم إذ هذا العالم يختلف نوعًا ما فهو يحتاج لجهد مضاعف أكثر وتركيز في معظم الوقت، الأمر يحتاج لصبر ورغبة، هذه المرحلة مقسّمة على أربع عشرة مادة تدريسية ومئتان ساعة طيران منها مائة ساعة طيران انفرادي، التقويم يكون مرتبط بهيئة الطيران الأوروبي فعلا أن الأمر يحتاج لكثير من التخطيط والجهد.
وحول الدافع المعنوي والتشجيع الذي حصلت عليه من الأسرة؟ قالت شمس الحبسية: العائلة هي الموطن الصغير والعمق الذي يسندنا وهي القوة التي نستمدُ منها العزيمة والإصرار، وجدت الكثير من الدعم والنصح من الأخ والأخت، وأجدُ من أمي السلام والطُمأنينة عند لحظات الضعف، وها هُنا أضع رسالة لأبي الذي كان السند المتين والناصح الأمين وكان خلف كل قرار سليم أقول: أبي إليك يُنسبُ كلّ فضلٍ من بعدِ الله، وإياك أشكر وعليك أثني فأنت الرفيقُ في الغربة وأنت الصديق في الضيق وشددتُ بك أمري وأنت الأب العطوف، وسيكونُ للعائلة رحلة بقيادتي في قمرة الطائرة بإذن الله، مضيفة: "See your flying" هذه الجملة لن أنساها أبدًا، أتحدث عن أول تجربة طيران بالنسبة لي وهي مع المُدرب حينها كنت في قمة التوتر بسبب تأخري في التدريب وذلك يعود لأسباب صحية، بعدها كان حماسٌ يخالطهُ التوتر ورهبةُ الحدث قال المدرب: اقلعِي بالطيارة فإنها لحظة لا تنسى! أتعجبُ من هذا فقلت بتوتر: لا أعرف، ونهضت للقيادة وعند التحليق قال المُدرب: ""See your flying.
وبعثت شمس الحبسية رسالة لكل شاب عماني طموح لديه حب المغامرة في مجال الطيران قائلة في ختام التحليق معها: يجب على الشباب السعي خلف أهدافهم وطموحاتهم ومن كانت لديه الرغبة في مجال الطيران سواء لدى الشباب أو الفتيات فالأمرُ سواء دون استثناء، مجال الطيران يسع الكل وهي خلط بين العلم والهندسة والمغامرة وفي نهاية الأمر لكل مجتهدٍ نصيب .
قد يهمك ايضاً