تايبيه - جمال السعدي
تلقى الحزب الحاكم في تايوان هزيمة قاسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لتتجه التوقعات نحو احتمالية فوز زعيمة حزب المعارضة تساي إنغ ون، لتكون بذلك أول امرأة تفوز بهذا المنصب في الجزيرة الآسيوية، ليس هذا فقط بل تشير التوقعات إلى دخول تايوان حقبة جديدة من العلاقات غير المستقرة مع الصين.
وتشير النتائج إلى فوز تساي، رئيس الحزب التقدمي الديمقراطي المعارض، بما يزيد عن 4,655,000 صوت متخطية بذلك عدد الأصوات التي حصل عليها إريك تشو عن الحزب الحاكم أو حزب الكومينتانغ، والذي بلغ 2,614,000 صوت، ليعلن بعدها عن استقالته من رئاسة الحزب.
وعملت زعيمة المعارضة خلال حملتها الانتخابية على التركيز في قضايا وشؤون داخلية تهم المواطنين كافة مثل العمل والسكن وتطوير النظام الاقتصادي وتشكيل حكومة تشعر بمعاناة المواطنين وتعمل على مساعدتهم.
وكانت العلاقات مع الصين قد شهدت توافقًا وانسجامًا خلال فترة تولي حزب الكومينتانغ الحُكم في البلاد على مدار 8 أعوام، إلا أن الاضطرابات التي يعاني منها الاقتصاد فضلاً عن نتائج الانتخابات تشير إلى احتمال دخول تايوان حقبة جديدة من العلاقات غير المستقرة مع الصين.
وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية الصينية، فقد أكدت الصين مجددًا عبر المتحدث الرسمي للشؤون التايوانية الصينية، وقبل إغلاق مراكز الاقتراع معارضتها استقلال الجزيرة والتي لا تزال تعتبرها إقليمًا منشقًا عنها، كما أشارت إلى أنها لا تتدخل في انتخابات تايوان، ولكنها تبدي قلقها بشأن العلاقات بين البلدين.
ومنذ تولي السيد ما يينغ جيو رئاسة البلاد وعلى مدار 8 أعوام، فقد قدم وعودًا بتوطيد العلاقات مع الصين ما يساعد على النهوض بالاقتصاد المتداعي لبلاده، إلا أنه فشل في إنعاش اقتصاد الجزيرة، التي كانت تعد في السابق واحدة من النمور الآسيوية ذات الاقتصاد القوي، حتي وإن كان التقارب في العلاقات قد ساهم بالفعل في انتعاش التجارة والسياحة، ولكن الاستفادة من سياسة جيو لم يستفد منها إلا كبار رجال الأعمال، ليحقق الاقتصاد نموًا بنسبة 1% العام الماضي.
وقد أبدى أحد الناخبين، وهو المهندس وانغ وي، رغبته في نشأة ابنته البالغة من العمر 8 أشهر ضمن مجتمع يتمتع بالحرية وعدم ذهاب الثروة إلى الأثرياء فقط.
ومع عدم جواز ترشح السيد ما يينغ جيو للرئاسة مرة أخرى وفقًا لأحكام الدستور عقب انتهاء فترة ولايته، فقد تقدم السيد إيريك تشو، والذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة الأميركية، إلى سباق الرئاسة بصفته رئيس حزب الكومينتانغ.
وتصر تساي على أنها تسعى إلى الحفاظ على العلاقات مع الصين، وتشديدها على أهمية التواصل بين البلدين، ومع ذلك تريد الحفاظ على الوضع الراهن من الاستقلال الفعلي رافضة تأييد معاهدة "الصين واحدة" من حيث المبدأ والتي تحول دون الاستقلال الفعلي.
وهو الأمر الذي يثير مخاوف البعض بشأن مستقبل العلاقات بين الصين وتايوان، ولكن غالبية الناخبين لا يبدون قلقهم بهذا الشأن، لاسيما وأن الكثيرين منهم لم يرُق لهم اعتماد البلاد على الصين إبان حكم السيد ما يينغ جيو.
بينما لا تزال بكين تعتبر تايوان جزءًا من أراضيها، كما تهدد باستخدام القوة حال قيامها بإعلان استقلالها ومن ثم خرق المعاهدة التي تم التوصل إليها العام 1992 بين الصين والحزب الحاكم، والتي بموجبها تم الاتفاق على أن "الصين واحدة" حتي وإن كان هناك اعتراض على شرعية من يحكم البلاد.