لندن ـ ماريا طبراني
كشفت امرأة يزيدية جرى استغلالها للعبودية الجنسية على يد "داعش"، عن كيفية تعرضها للاغتصاب والضرب بخرطوم من البلاستيك من قبل أحد جنود "داعش" المتوحشين. كما شهدت العروس البريطانية زوجة عضو "داعش" على مأساة السيدة اليزيدية لكنها لم تستطيع أن تفعل شيئًا من أجلها.
وروت السيدة اليزيدية التي لقبت نفسها بـ"فريدة" حماية لها، الإساءة التي تعرضت لها على يد مقاتل من "داعش" أثناء أسرها لمدة 4 أشهر في دير الزور شرق سورية، موضحة محنتها عندما داهمت قوات "داعش" بلدتها في "سنجار" العراقية في شهر آب/ أغسطس العام الماضي، حيث جرى أخذها واحتجازها في سجون مختلفة لبضعة أشهر قبل تسليمها إلى مقاتل من "داعش"، حسبما ذكرت جريدة "MailOnline".
وأشارت إلى أنَّه تم تسليم امرأة إلى كل مقاتل من "داعش"، وأنَّها أعطيت لرجل يدعى "أبومسلم" وهو سعودي، وتم إجبارها على الزواج منه، مضيفة: كان أبومسلم لديه زوجة أخرى بريطانية ولكنها لم تخبرني باسمها وكل ما عرفته أن "داعش" جلبت هذه المرأة من أوروبا لممارسة الجنس معها، وبدت الفتاة البريطانية في العشرينات من عمرها، وكانت ذات بشرة داكنة وشعر غريب.
وأوضحت فريدة أنَّ الزوجة الأخرى كانت تتحدث بلهجة بريطانية وكانت لغتها العربية سيئة جدا لذلك فكانت تتحدث إلى زوجها بالإنجليزية، والزوج درس الطب في أميركا لمدة 4 سنوات وتخصص في مجال "توليد النساء"، مشيرة إلى أنها لم تعرف بالضبط رتبة الرجل في تنظيم "داعش" ولكنه ادعى أنه "قاضى الشريعة" من الذين تسللوا إلى سورية عبر تركيا عن طريق التظاهر بكونه مُصورًا.
وكشفت فريدة عن أنَّ الزوج السعودي ترك زوجته الأولى وابنه وابنته في السعودية من أجل الانضمام لـ"داعش"، كما أنه حاول إجبار فريدة على اعتناق الإسلام، مبينة أنَّه كان عنيفًا جدًا، ويتوقف الأمر على مدى عصبيته، كان يضربني عندما يغضب، ويضربني عندما لا أجيد عمله، كان يضربني بخرطوم من البلاستيك، مهما طلبوا منى كان على تنفيذ أوامرهم، كانت الحياة هناك بشعة، لقد بكيت مرات كثيرة.
وأضافت فريدة أنَّها فكرت في الانتحار لكنها لم تتمكن من فعل ذلك لأنها كانت محتجزة مع ابنة أخيها، فضلا عن احتجاز أبناء أخيها الاثنين وبينهم طفل عمره 3 سنوات من قبل مقاتلي "داعش" في مكان بالقرب منها.
وعندما سُئلت فريدة عن موقف الزوجة البريطانية من إساءة زوجها، أوضحت أنها بالتأكيد كانت تعرف بأمر ضربها وتعذيبها لكنها لم تفعل شيء بل كانت تؤيد زوجها. وأضافت فريدة: أخبرتي الزوجة البريطانية أنَّها انضمت لـ"داعش" برغبتها ثم تزوجت من الرجل السعودي وأنهما يعيشان حياة طبيعية أما أنا فكنت خادمة لهما.
وكشفت فريدة عن أن أحد اللاجئين أخبرها أن أبومسلم وزوجته ويتعاملان معا باحترام، وأن زوجته البريطانية تتحدث بالإنجليزية مع عائلتها عبر الانترنت، إلا أنه لم تتأكد لها هوية الزوجة البريطانية. وعندما عُرضت صور فتيات بريطانيات انضموا إلى "داعش" استطاعت التعرف على الزوجة البريطانية.
وأضافت فريدة: أنا متأكدة أنَّ هذه الفتاة هيSalma Halane ، (17) عامًا، التي غادرت من مانشستر للانضمام إلى "داعش" مع شقيقتها التوأم زهراء في شهر حزيران/ يونيو العام الماضي. فيما أوضحت مصادر تتواصل مع عائلة الفتاة أنَّ لديهم بعض المعلومات عن تحركات الفتيات وأنهم لم يسمعوا بوجودهم في مدينة دير الزور.
وأوضح مصدر في مكافحة التطرف أنَّه لا يوجد أي دليل على وجود الفتاتين في المدينة الواقعة جنوب شرق العاصمة الفعلية لتنظيم "داعش" وهي "الرقة"، بينما غردت الفتاتان أواخر العام الماضي، بأنَّ أزواجهن قتلا في المعارك.
وكانت السيدة اليزيدية اختطفت من منزلها في حي "سنجار" شمال العراق، عندما اجتاح تنظيم "داعش" المدينة وذبح أكثر من 5000 شخص وأسر ما يصل إلى 500 من النساء والأطفال. ويحتوي دين اليزيديين على مبادئ من المسيحية والإسلام ويصلون إلى ما يعرف بـ"الملك الطاووس" وهو ما يترجم إلى "Peacock Angel"، ولذلك يعتبرهم "داعش" من "عبدة الشيطان"، ويمنحهم خيار اعتناق الإسلام أو القتل.
وبعد اختطاف النساء من بلدة سنجار تم نقل فريدة إلى مدينة "تل عرفة"، ثم نقلت مرة أخرى إلى الموصل، وهناك قضت فريدة 12 ليلة في سجن "بادوش"، الذي يضم حوالي 4000 أسيرة أخرى، وهناك لا يتم إعطاء الأسرى أي ماء أو طعام، وبعدها تم نقلهم مرة أخرى إلى مدينة "تل عرفة".
وروت فريدة كيف أخذهم المتطرفون إلى مدرسة حيث تم فصل النساء عن الفتيات الصغيرات، وتم استغلال الفتيات الصغيرات في عُمر 9 سنوات لممارسة الجنس، وبعدها تم نقلهم جميعا إلى "قصر المحراب" وهى قرية شيعية مهجورة في العراق واستمروا هناك لمدة شهرين تحت الحراسة المسلحة، وبعدها تم نقلهم مع 300 شخص آخر إلى خارج مدينة الرقة في سوريا، وبعد 6 أسابيع تم نقلهم مرة أخرى إلى دير الزور وهناك قام قائد يدعى "أبو حافظ" بتوزيع النساء اليزيديات على مقاتلي "داعش".
وفي شهر كانون الثاني/ يناير تم تسليم فريدة إلى "أبو مسلم" وزوجته البريطانية وقد تم إجبارها على الزواج منه، وذلك في محاولة من "داعش" لإضفاء الشرعية على الاغتصاب والاستعباد الجنسي. وأضافت فريدة: التقيت بالزوجة البريطانية في شهر كانون الثاني/ يناير ولا أعرف متى دخلت سورية، أعتقد أنَّها ظلت في تركيا لمدة 9 أو 10 أيام ثم قررت الذهاب لسورية وتم تهريبها من هناك، وقضت شهرا واحدا تعمل في دار للأيتام. وأوضحت فريدة أنها سألتها عن اسمها عدة مرات لكنها لم تجبها بسبب عائلتها المتواجدة في بريطانيا.
ووفقًا لمشاركة كتبتها الفتاة "أقصى محمود" من غلاسكو، التي تركت منزلها في تشرين الثاني/ نوفمبر وهربت إلى سورية وتزوجت من أحد مقاتلي "داعش"، فإنَّ الزواج أمر مهم بالنسبة للمرأة التي تعيش في ظل حكم "داعش"، كما ادعت الفتاة أنه لا يسمح للنساء بمغادرة المنزل دون إذن زوجها.
وأوضحت فريدة أنَّ الزوجة البريطانية أخبرتها أن الفتاة العذراء تحظى بتقدير كبير بين المقاتلين، وبعد 4 شهور من المعاناة المستمرة تم بيع فريدة وأطفال أخيها إلى رجل سورة يبلغ من العمر (22) عامًا، ووصفته فريدة بأنه "رجل جيد" ولم يعتدي عليها، وظلوا مع الرجل السوري لمدة شهرين قبل أن يوافق على الاتصال بشقيقها، الذي دفع له 22 ألفًا دولارًا لتسلمهم، إلا أن محنة العائلة لم تنته حيث أن زوجة أخيها لا تزال بحوزة "داعش" وأخيها لا يعلم إذ كان بمقدوره إنقاذها أم لا. وأضاف الأخ: أحاول جمع المال لإعادة شراء زوجتي ولكن ليس لدى مالا كافيا للقيام بهذا حاليا.
وأوضحت منظمة العفو الدولية أنَّ المئات وربما الآلاف من النساء والفتيات تم بيعهن أو إعطائهن هدايا لمقاتلي "داعش" بما في ذلك فتيات في عمر 14 عامًا، وأولئك الذين يعتبرون الأجمل يتم إرسالهم إلى بيوت للمزادات ويتم بيعهم بأغلى الأسعار.
وفي 22 أيار/ مايو؛ أصدر تنظيم "داعش" وثيقة تقشعر لها الأبدان تبرر خطف واغتصاب الفتيات اليزيديات باعتبارهم عبيد، جاء ذلك من قبل أحد العرائس في الطبعة التاسعة من المجلة الدعائية لـ"داعش" باسم "دابق" في موضوع بعنوان "العبيد من الفتيات أو العاهرات"، حيث وصفت الجرائم الجنسية بأنها من السُنة، التي تترجم إلى أسلوب حياة. وقد جاءت تلك الادعاءات على لسان أم سمية المهاجرة، التي دعت أخواتها إلى الهجرة إلى سورية وأن يصبحن زوجات لمتطرفي تنظيم "داعش".
واعترفت أم سمية صراحة أنَّ الفتيات والنساء اللاتي يتم خطفهن من قبل مقاتلي "داعش" يتم أخذهن واغتصابهن، كما أعربت عن أسفها العميق لمقاتلى تنظيم "داعش" الذين يدحضون خطف الفتيات اليزيديات، مضيفة: بدأ المؤيدون في إنكار الأمر كما لو أن جنود الخلافة قد قاموا بعمل جريمة. وادعت أم سمية أنَّ العبيد من الفتيات يتحولون إلى العمل بجد وطلب المعرفة التي وجدوها في الإسلام ولم يجدوها في غيره بالرغم من شعارات الحرية والمساواة.
وسابقا أوضحت فتاة يزيدية عمرها 14 عام كيف أجبرت على الخضوع لفحص طبي لإثبات عذريتها قبل أن يتم بيعها لمسلحي "داعش" في المزادات، وأوضحت الفتاة وتدعى "بحر" وهو اسم مستعار لها أنه تم بيعها لـ4 رجال مختلفين على مدى 6 أشهر، وقد وعدها المشترى الثاني لها أنه لم يمارس الجنس معها حتى فترة الحيض إلا أنه نكث وعده وبدأ في اغتصابها يوميا.
وفى شهر أيار/ مايو كشفت فتاة يزيدية أخرى (17 عامًا) كيف تم اغتصابها هي وأختها الصغيرة من قبل أفراد "داعش" بعد بيعهم كعبيد للجنس في مزاد للعذارى، وأوضحت أنّها أصبحت حاملًا في طفل.
ووفقا لتقارير منظمة العفو الدولية فإن فتاة تدعى "جيلان" (19 عام) قتلت نفسها وهى محتجزة كرهينة خوفا من تعرضها للاغتصاب، وأوضحت صديقة لها تمكنت من الهرب لمنظمة العفو الدولية "في أحد الأيام أعطيت جيلان ملابس للرقص وطلبوا منها أن تستحم وترتديها إلا أن جيلان قتلت نفسها في الحمام وقطعت معصمها وشنقت نفسها، كانت جيلان فتاة جميلة للغاية وأعتقد أنها عرفت أنه سيتم تسليمها إلى أحد الرجال ولذلك قتلت نفسها".
ويزداد الأمر سواء بالنسبة للفتيات اليزيديات الذين نجوا من العنف والضرب إلا أن وصمة العار المحيطة بالاغتصاب ما زالت تلاحقهم، حيث تشعر الناجيات أنه قد تم تشويه شرفهن، كما أنهم يخشون من تدهور مكانتهم في مجتمعاتهم.