استقرار سلبي لأسعار النفط

تذبذبت العقود الآجلة لأسعار النفط الخام في نطاق ضيق مائل نحو التراجع خلال الجلسة الآسيوية لنشهد انخفاض خام نيمكس للجلسة الثالثة عشر على التوالي موضحًا أطول مسيرات خسائر يومية منذ منتصف 1984 , وتراجع خام برنت للجلسة الثانية عشرة في ثلاثة عشرة جلسة متغاضية عن توالي ارتداد مؤشر الدولار للجلسة الثالث من الأعلى له منذ 22 من كانون الثاني/ يناير من عام 2017 وفقًا للعلاقة العكسية بينهما.

ويأتي ذلك عقب التطورات والبيانات الاقتصادية التي التي حدثت للاقتصاد الصيني أكبر مستورد للطاقة في العالم وعلى أعتاب البيانات الاقتصادية المرتقبة الأربعاء من قبل الاقتصاد الأميركي أكبر مستهلك للطاقة عالميًا وفي أعقاب كشف منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك عن توقعاتها للطلب والعرض لعام 2019 ضمن تقريرها الشهري والذي أدى إلى تسارع وتيرة نزيف الأسعار لتشهد الثلاثاء أكبر خسائر يومية لها في أكثر من ثلاثة أعوام , وفي تمام الساعة 04:36 صباحًا بتوقيت جرينتش تراجعت العقود الآجلة للنفط الخام "نيمكس" تسليم 15 كانون الأول/ ديسمبر المقبل 0.40% لتتداول حاليًا عند مستويات 55.47$ للبرميل مقارنة بالافتتاحية عند 55.87$ للبرميل، كما انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسلم 15 كانون الثاني/ يناير المقبل 0.20% لتتداول عند 65.34$ للبرميل مقارنة بالافتتاحية عند 65.47$ للبرميل، في حين تراجع مؤشر الدولار الأميركي 0.22% إلى مستويات 97.09 , موضحًا توالي ارتداده من الأعلى له منذ مطلع العام الماضي مقارنة بالافتتاحية عند 97.30.

وأصدر المكتب الوطني للإحصاء للصين قراءة معدلات البطالة والتي أوضحت استقرارًا عند 4.9% دون تغير يذكر عن ما كانت عليه في أيلول/ سبتمبر، وكشفه عن القراءة السنوية لمؤشر مبيعات التجزئة والتي أظهرت تباطؤ النمو إلى 8.6% مقارنة بالقراءة السنوية السابقة والتوقعات عند 9.2%، والقراءة السنوية للإنتاج الصناعي والتي أوضحت تسارع النمو إلى 5.9% مقابل 6.1%، مقارنة بالقراءة السابقة والتوقعات عند 5.8%.

وجاء ذلك في أعقاب صدور القراءة الأولية لمؤشر الناتج المحلي الإجمالي لليابان عن الربع الثالث والتي أظهرت انكماش 0.3% متوافقة مع التوقعات مقابل نمو 0.7% في الربع الثاني، وأظهر القراءة السنوية الأولية للمؤشر ذاته انكماش 1.2% مقابل نمو 3.0%، أسوء من التوقعات عند انكماش 1.0%، كما أوضحت القراءة الأولية السنوية للمؤشر المثبت انكماشًا 0.3% مقابل الثبات عند مستويات الصفر، أسوء من التوقعات انكماش 0.1%.

ويترقب المستثمرين من قبل الاقتصاد الأميركي للكشف عن بيانات التضخم مع صدور قراءة مؤشر أسعار المستهلكين والتي قد تعكس تسارع النمو إلى 0.3% مقابل 0.1% في أيلول/ سبتمبر الماضي، كما قد تظهر القراءة السنوية للمؤشر ذاته تسارع النمو إلى 2.5% مقابل 2.3% في القراءة السنوية السابقة لشهر أيلول/ سبتمبر.

وتتطلع الأسواق أيضًا لصدور قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الجوهري والتي قد تعكس تسارع النمو إلى  0.2% مقابل 0.1% في أيلول/سبتمبر، بينما قد توضح القراءة السنوية للمؤشر ذاته استقرار النمو عند 2.2%، ويأتي ذلك قبل أن نشهد شهادة عضو اللجنة الفيدرالية وحاكم الاحتياطي الفيدرالي راندال كوارلز حيال الرقابة المصرفية والتنظيم أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب في واشنطون.

ويأتي ذلك عقب ساعات من كشف منظمة أوبك يوم الثلاثاء عن تقريرها الشهري والذي خفضت المنظمة من خلاله توقعاتها للطلب على النفط من قبلها خلال العام المقبل 2019 بواقع 250 ألف برميل يوميًا عن توقعاتها الشهرية السابقة إلى 31.54 مليون برميل يومياً، مع توقعات أوبك بزيادة المعروض النفطي العالمي في الأسواق خلال العام المقبل في ظلال تنامي ارتفاع الإمدادات النفطية من خارجها بصورة تفوق الطلب العالمي

وتتوقع منظمة أوبك تباطؤ نمو الطلب العالمي بواقع 70 ألف برميل يوميًا إلى 1.29 مليون برميل يوميًا، وجاء ذلك مع إفادة المنظمة أن إجمالي إنتاجها من النفط خلال تشرين الأول/ أكتوبر بلغ 32.90 مليون برميل يوميًا ما يعكس ارتفاعه بواقع 127 ألف برميل يوميًا عن ما كان عليه في أيلول/ سبتمبر الماضي، وذلك على الرغم من انخفاض إنتاج إيران النفطي في أعقاب إعادة واشنطن تفعيل عقوباتها الاقتصادية على طهران.

يذكر أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أفاد في مطلع الأسبوع الماضي أن بلاده قررت إعفاء ثمانية دول هم الصين، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان، إيطاليا، واليونان وكل من تايوان وتركيا من الالتزام بتطبيق العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، حيث سيتم السماح لهم باستيراد النفط الإيراني لمدة 180 يوميًا دون توقيع أي عقوبات أميركية عليهم.

ويشار أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب يوم الإثنين الماضي من خلال تغريده عبر حسابه الرسمي على توتير "نأمل أن المملكة العربية السعودية وأوبك لن يخفضان إنتاج النفط، أسعار النفط يجب أن تكون أقل بكثير على أساس العرض!" ونود الإشارة لكون تغريدة ترامب جاءت عقب أسبوع واحد من تفعيل إدارته العقوبات الاقتصادية على صناعة النفط الإيرانية.

وجاء ذلك في أعقاب التقارير التي تطرقت في مطلع الأسبوع الجاري إلى كون وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قد نوه أن منظمة أوبك وحلفائها المنتجين للنفط من خارجها متفقون على الحاجة لخفض الإنتاج بواقع واحد مليون برميل يوميًا خلال العام المقبل مقارنة بمستويات إنتاج الشهر الماضي للحفاظ على توازن الأسواق، وأنه أوضح أن بلاده تعتزم خفض إمداداتها النفطية وأن شركة أرامكو السعودية ستراجع مخصصات عملائها بواقع 500 ألف برميل يوميًا في الشهر المقبل مقارنة بمستويات الشهر الجاري بسبب انخفاض الطلب الموسمي على النفط الخام.

وأفادت الكويت أيضًا في مطلع الأسبوع الجاري أن منظمة أوبك تتطلع إلى خفض إمداداتها النفطية العالمية خلال العام المقبل، وأنه تم يوم الأحد الماضي مناقشة الدول الأعضاء في المنظمة وحلفائهم المنتجين من خارج المنظمة ذلك الأمر في اجتماع نهاية الأسبوع الماضي الذي وقع في أبو ظبي وأن المقترح لم يتناول حجم الإمدادات المرتقب خفضها في وقت لاحق من العام المقبل.

وصرح وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي هو الأخر يوم الإثنين الماضي أن منظمة أوبك قادرة على زيادة إنتاجها من النفط في أي وقت، موضحًا أن أوبك ستعمل على تعويض أي نقص محتمل في إنتاج النفط من الأسواق سواء كان من إيران أو من غيرها، كما أفادت بعض التقرير أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك نوه آنذاك أنه لم يتم اتخاذ قرار حيال تمديد اتفاق خفض الإنتاج العالمي للنفط في العام المقبل أثناء الاجتماع.

وأفاد نوفاك أن الوضع الحالي في سوق النفط مستقر، على الرغم من تأثير العقوبات الأميركية المفروضة على إيران على الأسواق، ويذكر أن أوبك وحلفائها المنتجين للنفط وعلى رأسهم روسيا يتعاونوا في اتفاق خفض الإنتاج العالم للنفط منذ أواخر عام 2016 للحد من ارتفاع المخزونات العالمية عن طريق خفض إنتاجهم بواقع 1.2 مليون برميل يوميًا خلال العام الماضي قبل التوسع في الخفض إلى 1.8 مليون برميل يوميًا خلال هذا العام.

وقد نوه الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو في مطلع هذا الأسبوع أن المنظمة تتوقع توازن أسواق النفط العالمية خلال الربع الأخير من هذا العام وأنه يثق في استمرارية التعاون بين منظمة أوبك وحلفائها المنتجين للنفط من خارجها، مضيفًا أن المنظمة على اتصال دائم مع نيجيريا وليبيا حيال مستويات إنتاجهم، مع أفادته أنه من المرجح استقرار الطلب العالمي دون الإنتاج ما بين 1.5 إلى 1.6 مليون برميل يوميًا في عام 2019.

وأوضحت بيانات وزارة الطاقة الروسية في وقت سابق من الشهر الجاري ارتفاع الإنتاج الروسي من النفط للأعلى له في ثلاثة عقود من الزمان خلال الشهر الماضي إلى مستويات 11.41 مليون برميل يوميًا، وجاء ذلك قبل أن يشهد تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع الإنتاج الأميركي من النفط بواقع 400 ألف برميل يوميًا إلى 11.6 مليون برميل يوميًا الأعلى له على الإطلاق ليعكس تخطيه لإنتاج روسيا ولتصبح أميركا أكبر منتج للنفط الخام عالميًا.

ونود الإشارة، لكون توالي نزيف العقود الآجلة لأسعار النفط التي تكبدت الأسبوع الماضي خامس خسائر أسبوعية على التوالي لتعكس أطول مسيرات خسائر أسبوعية منذ منتصف العام الماضي، يأتي في أعقاب تنامي القلق حيال مستويات الطلب عقب تباطؤ وتيرة نمو كبرى الاقتصاديات العالمية خلال الربع الثالث الماضي وارتفاع مستويات الإنتاج العالمي للنفط خلال الآونة الأخيرة.

ويعد أيضا قيام أمريكا بتقديم إعفاءات من عقوباتها الاقتصادية المفروضة على إيران لأكبر مستوردي النفط الإيراني بالإضافة لقوة الدولار الأمريكي من ضمن العمل التي تثقل على أداء الأسعار، ووفقاً للتقرير الأسبوعي لشركة بيكر هيوز الذي صدر يوم الجمعة الماضية، فقد ارتفعت منصات الحفر والتنقيب على النفط العاملة في الولايات المتحدة بواقع 12 منصة إلى إجمالي 886 منصة لتعكس أعلى مستوى للمنصات منذ آذار/مارس من عام 2015.