يشهد سوق النفط العالمي تغييرات جذرية من شأنها أن تغير شكله بالكامل خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث يتوقع خبراء نفطيون أن تتخلى الولايات المتحدة بشكل شبه كلي عن النفط الخليجي فيما ستتحول دول آسيا وخاصة الصين واليابان والهند إلى زبائن رئيسيين لهذا النفط، لتتحول بذلك وجهة النفط الخليجي إلى الشرق بدلاً من الغرب. ويبدو أن السعودية هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تنبهت في وقت مبكر لهذه المتغيرات، حيث أبرمت المملكة اتفاقاً مع اليابان لتخزين كميات كبيرة من نفطها في جزيرة "أوكيناو" اليابانية، ولاحقاً لذلك أصبح نحو 16% من صادرات النفط السعودي يتم تخزينها هناك، على مقربة من أكبر مستهلكي النفط في العالم. وقالت جريدة "واشنطن تايمز" الأميركية في تحقيق مطول لها إن الولايات المتحدة تشهد "ثورة نفطية" ستمكنها قريباً من الاستغناء عن نفط الشرق الأوسط، بما في ذلك البترول القادم من السعودية والعراق، إلا أن الصحيفة تقول بأن الصين تشهد نمواً اقتصادياً ضخماً سيحولها الى أكبر مستورد للنفط في العالم قريباً، كما أن الحال ذاته في الهند، إضافة الى أن اليابان يزداد طلبها على النفط، وإن كان بوتيرة أقل من الصين والهند. وأشارت الصحيفة الأميركية الى أن النفط الخليجي، وخاصة السعودي، سيظل الطلب عليه مرتفعاً الا أنه سيتجه شرقاً نحو آسيا، بدلاً من الوجهات التقليدية له غرباً، بما فيها الولايات المتحدة. وبحسب الصحيفة التي استندت الى آراء العديد من خبراء النفط الأمريكيين فإن "الثورة النفطية" التي تشهدها الولايات المتحدة تقوم على طفرة في استخراج الصخر الزيتي والرمال النفطية، فضلاً عن الطفرة في مجال الحفريات في أعماق البحار التي تشهدها القارة الأمريكية، بما في ذلك كندا والمكسيك والبحار والمحيطات القريبة من هذه الدول. ونقلت "واشنطن تايمز" عن كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية فيث بيرول قوله: "حتى الان فان جزءاً كبيراً من واردات النفط الأمريكي تأتي من الشرق الأوسط وخاصة من السعودية والعراق، لكننا نتوقع أن يأتي اليوم الذي تتخلى فيه الولايات المتحدة عن نفط الشرق الأوسط، وهو ما سيعكس آثاراً كبيرة على أسواق النفط الدولية". ويتوقع الخبير في مجال الطاقة دانييل يرجن أن تصل الولايات المتحدة الى الاكتفاء الذاتي في احتياجاتها النفطية، ولكن ليس في وقت قريب وانما على المدى الطويل، مستنداً في رايه على أن واردات النفط الأميركي انخفضت من 62% في العام 2005 الى 40% في الوقت الراهن، وهو ما يعني ان الكمية التي يحتاج الأميركيون استيرادها من اجمالي حاجاتهم النفطية تتراجع ولا تتزايد.بحسب الوطن يشار الى ان الولايات المتحدة لا زالت أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث تقول احصاءات العام 2011 ان الأميركيون يستهلكون 18.9 مليون برميل نفط يومياً، يأتي في المرتبة الثانية مباشرة الصين التي تستهلك 8.9 مليون برميل يومياً، تليها اليابان بواقع 4.5 مليون برميل يومياً، ثم الهند التي تستهلك 3.4 مليون برميل يومياً، أما خامس أكبر مستهلك للنفط في العالم فهو المملكة العربية السعودية التي تستهلك ثلاث ملايين برميل يومياً متفوقة بذلك على العديد من الدول الصناعية الكبرى مثل ألمانيا وروسيا وكوريا الجنوبية وكندا والبرازيل.