صورة من الأرشيف من داخل الأراضي الفلسطينية
القدس المحتلة، غزة، القاهرة ـ ناصر الأسعد/ محمد حبيب/ محمد الشناوي
جدد رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية رفضه لتوطين الفلسطينيين في أي دولة، مؤكدًا أن لا بديل عن أرض فلسطين، والمقاومة المسلحة، الأمر الذي توحدت عليه كل القوى و الفصائل الفلسطينية في الذكرى الـ 37 ليوم الأرض الخالد، فيما دعت قوى وطنية وثورية مصرية عدة لوقفة احتجاجية، السبت
، للتضامن مع الشعب الفلسطيني في حق العودة، وذلك أمام معبر رفح المصري.
وقال هنية، في تصريحات صحافية، "لا للتوطين في لبنان وسورية والأردن وسيناء، كما تروّج بعض وسائل الإعلام أن شعبنا الفلسطيني، ولاسيما أهالي قطاع غزة، يبحثون عن مكان في سيناء"، مشيرًا إلى أن "أول من أسقط مشاريع التوطين في سيناء الشعب الفلسطيني عام 54"، وتابع قائلاً "لا للتوطين في سيناء ولا غير سيناء، سيناء أرض مصرية ذات سيادة".
وأوضح هنية " نواجه حملات متواصلة سياسية واقتصادية وعسكرية وإعلامية، من أجل التخلي عن أرضنا، وليست آخر هذه الحملات، ما جاء به الرئيس الأميركي باراك أوباما، وما أكده من ثوابت السياسيات الأميركية تجاه إسرائيل، والبحث عن ترسيخ مكانة الاحتلال، في ضوء المتغيرات الكبرى في المنطقة".
وحذر هنية السلطة الفلسطينية من "الوقوع في فخ السياسية الأميركية والإسرائيلية من أجل المال"، مؤكدًا "حرص حكومته على إنجاز المصالحة، وتقديم التنازلات كافة، التي لا تمس الثوابت من أجل استعادة الوحدة".
ومن جانبه، قال مكتب شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في بيان له في الذكرى السابعة والثلاثين ليوم الأرض الفلسطيني، أن "الشعب الفلسطيني له حق البقاء في أرضه، واسترجاع كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وعام 1967، وأن واقع الاحتلال لا يبرر للصهاينة محاولاتهم الاستيلاء على تلك الأراضي، وبناء المستوطنات فوقها، وطرد سكانها الأصليين منها، والانتفاضة الشعبية التي قام بها أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948 بتاريخ 30 آذار 1976، تؤكد على رفضهم المطلق للمخططات الصهيونية في سلبهم أراضيهم والعمل على تهويدها".
وأكد البيان أن "الشعب الفلسطيني يُحيي هذه الذكرى العظيمة التي سطّر أبطالها وشهداؤها بدمائهم الطاهرة أروع معاني التضحية والفداء في سبيل الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم"، معتبرًا أن "هذه المناسبة أسست لمرحلة جديدة من وسائل المواجهة مع العدو الصهيوني، وهي الانتفاضات الشعبية، مع تأكيدنا على أهمية المقاومة المسلحة في المرحلة الراهنة، وتغيير موازين الرعب في الصراع مع العدو الصهيوني".
وفي بيان منفصل للمناسبة ذاتها، قالت حركة "حماس" أن "المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ستبقى الخيار الاستراتيجي لشعبنا الفلسطيني، في طريقه نحو استرداد الحقوق، والمحافظة على الثوابت، واستعادة الأرض والدفاع عنها وتحرير المقدسات، الرِّهان على أيِّ نهج آخر غير المقاومة هو سعي وراء سراب لن يجني منه شعبنا سوى المزيد من التنازل والتفريط".
وأضاف البيان "لن نفرط أو نتنازل عن شبر من أرض فلسطين التاريخية، وسيظل شعبنا الفلسطيني متمسكًا بأرضه من النهر إلى البحر، ولن تفلح مخططات الاحتلال في تغيير الواقع، وطمس المعالم والمقدسات الإسلامية"، مشيرًا إلى أن "شعبنا الفلسطيني اليوم بحاجة إلى تحقيق تطلعاته في بناء استراتيجية نضالية موحّدة، تشارك فيها القوى والفصائل الفلسطينية كافة، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة وحدتنا الوطنية ومجابهة الاحتلال الصهيوني وجرائمه صفًا واحدًا".
ورفضت "حماس" قطعا فكرة "الوطن البديل"، التي يسوّق لها الاحتلال، مؤكدة أنَّ حق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، التي هُجِّروا منها "حق مقدّس لا يجوز لأحد التنازل عنه أو التفريط فيه"، وقالت "إنَّ دماء شهدائنا الأبرار، التي روّت تراب فلسطين في كلِّ شبر من أرضها، وإنَّ آلام أسرانا الأبطال وصمودهم وتحديّهم للسجّان الصهيوني، ستبقى منارة تنير درب الأجيال الفلسطينية، وسنكون الأوفياء لهم، وسنظل على العهد حتى تحقيق آمالهم وتطلعاتهم".
ورحبت "حماس" بكل الجهود العربية والإسلامية في السعي إلى "استعادة شعبنا الفلسطيني وحدته الوطنية، ودعم صموده ومقاومته"، داعية الدول والشعوب العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتهم، في اعتماد خطط فاعلة لحماية الأرض والشعب والمقدسات من خطر الاحتلال.
من جهتها، قالت حركة "فتح"، في بيان أصدرته للمناسبة ذاتها، "إننا نعاهد شعبنا بالصمود والحفاظ على الثوابت، وتصعيد مقاومتنا الشعبية حتى التحرير والعودة"، داعية إلى "نبذ الانقسام، وطي صفحته السوداء، والانطلاق نحو الوحدة، التي هي صخرة صمودنا، وهي الأداة الفاعلة والمجربة، للوصول إلى أهدافنا وحقوقنا الوطنية المشروعة"، مشددة على "تمسكها بتصعيد المقاومة الشعبية الباسلة ضد الاحتلال والاستيطان، الذي يهدد مصيرنا ووجودنا على أرضنا حتى التحرير والعودة".
وقال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين النائب قيس عبد الكريم (أبو ليلى) أن "إحياء ذكرى يوم الأرض هو تعبير عن الإصرار والعزيمة لتمسك شعبنا بأرضه، حيث جذوره ضاربة في عمق الأرض والتاريخ"، مشددًا على "أهمية تصعيد المقاومة الشعبية ضد قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه" .
وأضاف النائب أبو ليلى "يأتي يوم الأرض هذا العام، في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال عمليات نهب الأرض الفلسطينية، لتوسيع المستوطنات المقامة على أرضنا، فيما يؤكد شعبنا إصراره على مواصلة نضاله حتى تحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس".
وأشار النائب أبو ليلى " تأتي هذه الذكرى وشعبنا الصامد في الضفة المحتلة يواصل دفاعه عن أرضه وعن حقه في بناء دولته المستقلة، فيما يواصل أبناء شعبنا في مناطق الـ 48 دفاعه عن هويته الوطنية الفلسطينية، ومقاومته كل السياسات العنصرية، التي ينتجها الاحتلال، فيما يواصل شعبنا في بلدان اللجوء والشتات وفي مخيمات الوطن تمسكه بحقه في العودة إلى دياره وممتلكاته، التي هُجِرَ منها عام 1948" .
ودعا النائب أبو ليلى إلى "جعل يوم الأرض يومًا لتوسيع دائرة المقاومة الشعبية مع الاحتلال الإسرائيلي، في مناطق الضفة كافة، لاستنهاضها من أجل رفع كلفة الاحتلال، وصولاً لإرغام إسرائيل على إنهائه، والانسحاب الكامل من حدود الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس، باعتبار أن المقاومة الشعبية أحد أبرز الأشكال النضالية، التي تنسجم مع معطيات المرحلة الراهنة ومتطلباتها".
وجدد النائب أبو ليلى تأكيده على "أهمية استثمار يوم الأرض من أجل العمل على إنهاء الانقسام البغيض، واستعادة الوحدة الوطنية"، مشيرًا إلى أن "الوحدة الوطنية تشكل الرافعة الحقيقية لاستنهاض المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، ولتعزيز مصداقية الجهد السياسي، الهادف إلى توسيع نطاق الاعتراف والدعم الدوليين لحق شعبنا في الاستقلال والعودة".
بدورها، أصدرت لجنة "القدس والأقصى" في المجلس التشريعي بيانًا للمناسبة ذاتها، قالت فيه "نطالب أبناء شعبنا الفلسطيني، في كل أماكن تواجده، إلى الحفاظ على الأرض الفلسطينية تاريخًا وحضارة ووطنًا، والتمسك بالمبادئ والثوابت الوطنية".
من جانبها، أكدت حركة "الجهاد الإسلامي"، في بيانها للمناسبة ذاتها، أن "تمسكنا بأرضنا ومقدساتنا والدفاع عنها واجب مقدس نستقيه من تعاليم ديننا الحنيف، وخيار المواجهة والتحدي هو الطريق الوحيد لاسترداد حقنا المغتصب".
ورأت الحركة أن "رسالة التحدي الجماهيري التي أطلقها شعبنا في هذا اليوم الوطني قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود ونصف، كرَّست المقاومة كنهج في التعامل مع الاحتلال، ولازال صداها يتردد إلى هذه اللحظة"، داعية "قطاعات شعبنا وقواه للتفاعل بحيوية مع الفعاليات كافة، التي تحيي في نفوسنا التمسك بالأرض، التي لطالما خضبناها بالدماء وقدمنا أثمانًا باهظةً من خيرة أبنائنا ذودًا عنها".
وشهدت فعاليات إحياء يوم الأرض في الضفة الغربية مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال، عندما داهمت قوات الاحتلال أراضي المواطنين غرب بلدة جيوس شرق قلقيلية، حيث احتشد المئات تلبية لدعوة حركة "فتح" لزراعة الأشجار إحياءًا لذكرى يوم الأرض.
وذكر شهود عيان هناك أن "عشرات الجنود داهموا المنطقة وسط إطلاق لقنابل الغاز المسيل للدموع، قام على إثرها الشبان الفلسطينيون بالقاء الحجارة صوب قوات الاحتلال، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين بحالات اختناق نتيجة لاستنشاقهم الغاز".
كما تشهد مناطق فلسطينية عدة حالة من التوتر، سيما وأن قوات الاحتلال تتواجد بكثافة على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية، لقمع أي تظاهرة لإحياء يوم الأرض.
وانطلقت، صباح السبت، فعاليات إحياء الذكرى الـ37 ليوم الأرض في الأراضي المحتلة عام 1948، حيث بدأت في منطقة البطوف بزيارة أضرحة شهداء يوم الأرض الأول، تمهيدًا لانطلاق مسيرات قطرية ومحلية.
وقام أعضاء اللجنة الشعبية في مدينة سخنين وعرابة البطوف، بمشاركة عدد من كوادر وقيادات "التجمع الوطني الديمقراطي"، ورئيس لجنة المتابعة محمد زيدان، ووفد من قيادة "الجماهير العربية في الداخل" بزيارة أضرحة شهداء يوم الأرض في كل من سخنين عرابة وكفر كنا، ووضع أكاليل الزهور على النصب التذكارية لشهداء يوم الأرض.
وعلى الجانب المصري، يعتزم المشاركون في المظاهرة التي ينظمها حزب "الكرامة"، و"التيار الشعبي"، وحزب "الحركة الوطنية" في شمال سيناء، على حرق العلم الإسرائيلي أمام بوابة المعبر.
وقال أمين حزب "الكرامة" في شمال سيناء خالد عرفات، في بيان صحافي صدر عن الحزب، الجمعة، "إن يوم الأرض يوم حزين على أبناء سيناء وفلسطين، وإننا سنظل نناضل من أجل تحرير الأرض المصرية والفلسطينية".
يذكر أن يوم الأرض الخالد هو يوم يحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كلّ عام، والذي تعود أحداثه لآذار 1976، بعد أن قام الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة، أو المشاع، في نطاق حدود مناطق ذات غالبية سكانيّة فلسطينيّة مطلقة، لاسيما في الجليل (عرابة)، على إثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربيّة في الدّاخل الفلسطينيّ إعلان الإضراب الشّامل، متحدّية وللمرة الأولى بعد احتلال فلسطين عام 1948 الاحتلال الإسرائيلي، وكان الرّدّ الإسرائيليّ عسكريّ شديد، حيث دخلت قوّات معزّزة من الجيش الإسرائيليّ، مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة، وأعادت احتلالها، مُوقِعَة شهداءًا وجرحى بين صفوف المدنيّين العُزَّل.